نشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا للمعلق سايمون تيسدال، يحلل فيه منظور الثورتين السودانية والجزائرية، ويقول فيه إن دول شمال أفريقيا تواجه الامتحان الأصعب: هل يمكنها مقاومة الاتجاه نحو الحكم الديكتاتوري؟.
ويبدأ تيسدال مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالحديث عن بيت تاونسند، الذي قال إنه في النظرة الأولى غير مرتبط بالإحداث الصاخبة في السودان، لكن عازف الغيتار المعروف هو من كتب الأغنية المتمردة في عام 1971 "لا تخدع مرة ثانية"، وجاء فيها: "أرفع قبعتي للدستور الجديد/ وأنحني للثورة الجديدة، وبعدها أجلس على ركبتي وأصلي/ ولن يتم خداعنا مرة أخرى".
ويشير الكاتب إلى أنه "بعد الإطاحة بعمر البشير على يد الجيش، فإنه لم يبق للمتظاهرين السودانيين، الذين لم تخدعهم حركة الجيش، إلا الصلاة، ففي يوم الجمعة أجبروا رئيس المجلس العسكري، وزير الدفاع أحمد عوض بن عوف على الاستقالة، ولا يزالون يعسكرون في الشوارع خارج مقرات القيادة العامة لمعرفة إن كان بديله عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن سيرضي مطامحهم ويعين حكومة مدنية".
ويعلق تيسدال قائلا إنه "من الواضح أن المؤسسة العسكرية والأمنية السودانية، التي احتفظت بالسلطة، دون تحدٍ كبير، لمدة 30 عاما، لا تعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات السلمية التي شهدتها العاصمة الخرطوم وبقية المدن السودانية، ومعظم المشاركين فيها هم من أبناء الطبقة المتوسطة الشباب، وعدد كبير منهم من النساء، وتتجاوز حركتهم الأطياف السياسية، وهي ليست دينية بالمطلق أو أيديولوجية، ويواجه الجنرالات في السودان، الذين تعودوا على إصدار الأوامر، تحديا جديدا، والعالم يراقب، ولن ينفذ الكثير من عناصرهم الأوامر لفض الاعتصام بالقوة".
ويقول الكاتب إنه "لذلك يجب عليهم التفاوض وهم يعرفون أن هذه المفاوضات تعني خروجهم من السلطة، وما يتبعها عدالة انتقامية كتلك التي تنتظر البشير المعتقل في مكانه".
ويستدرك تيسدال بأن "سيناريو خروج الأمور عن السيطرة لا يزال قائما، وفي الوقت الذي لا يملك فيه الجيش خطة، فإن تجمع المهنيين السودانيين الذين قادوا الانتفاضة لديهم واحدة، ويطالب مانفستو التجمع (بيان الحرية والتغيير) بحكومة انتقالية وطنية، تشكل من أشخاص أكفاء بناء على القدرة والسمعة الجيدة، وهدفها الرئيسي، بحسب البيان، هو (إقامة بنية ديمقراطية)".
ويلفت الكاتب إلى أنه "في الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم المجلس عمر زين العابدين أن الجيش لا طموح لديه في التمسك بالسلطة، فإن المتظاهرين يواصلون الضغط، ودعا تجمع المهنيين السودانيين للإضراب حتى يتم نقل السلطة".
ويقول تيسدال: "نادرا ما تنتهي الثورات نهاية سعيدة، وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور في السودان، وستتابعها الجزائر عن كثب، وذلك أن الجزائريين يطالبون بالمطالب ذاتها التي أدت إلى رحيل عبد العزيز بوتفليقة".
ويفيد الكاتب بأنه "على خلاف الخرطوم، فالمدنيون هم من يديرون الأمور في الجزائر، لكن الخوف ألا يتغير (النظام)، ودعم قائد الجيش أحمد قايد صالح أحد المقربين من بوتفليقة ليكون زعيما انتقاليا وللتحضير للانتخابات، وحذر صالح المتظاهرين الأسبوع الماضي من المطالب التعجيزية".
وينوه تيسدال إلى أنه "في ليبيا بددت العملية العسكرية، التي قام بها زعيم خارج عن السيطرة، آمال الليبيين بحكومة ديمقراطية توحد الانقسام الجهوي والقبلي، وتخرج البلاد من المستنقع الذي انزلقت إليه بعد سقوط معمر القذافي عام 2011".
ويجد الكاتب أن "هذه الحالات الثلاث في شمال أفريقيا تشير إلى الفجوة التي تتسع بين ما تريده الشعوب والنخبة المتحصنة الحاكمة، والدول الثلاث لديها غالبية شبابية ونمو سكاني مطرد، فنصف 42 مليون هم سكان الجزائر ممن هم تحت سن الـ27 عاما، يطالبون بالوظائف الجيدة والفرص الاقتصادية والحكم المفتح الديمقراطي".
ويؤكد تيسدال أن "ما تعانيه دول شمال أفريقيا بالتزامن مع ظاهرة عالمية، هو الميل نحو حكم (الرجل القوي)، وهذا يعني حكما استبداديا ديكتاتوريا يروج للقومية، ولا يتسامح مع المعارضين، ويتجاوز حكم القانون، ويحد من الحريات المدنية وحرية التعبير، كما في الولايات المتحدة وروسيا والصين، ولديهم مقلدون في مصر وتركيا وإسرائيل ودول الخليج".
ويبين الكاتب أن "لدى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصلحة في هذا، فهدفهما هو مكافحة الإرهاب لا الديمقراطية، وخلف الأضواء فإن الضغط من الولايات المتحدة ربما كان وراء استقالة ابن عوف، فهو على قائمة المتهمين في جرائم دارفور، وبالتالي فإنه ليس الشخص الذي يمكنها التعامل معه".
ويخلص تيسدال إلى التحذير قائلا إن "على الحركة السودانية الديمقراطية التخلص من النخبة العسكرية والأمنية، وتجنب تدخل الحكام الأقوياء الأجانب، وأمامها جبل عال لتسلقه لتتجنب الوقوع في الخديعة مرة أخرى".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
في السودان كما في الجزائر.. لماذا الخوف من "سيناريو مصري"؟
صحيفة فرنسية: بوتفليقة والبشير ليسا إلا قمة جبل الجليد
التايمز: ما هو السيناريو المحتمل في السودان بعد البشير؟