لا يكل الحكم العسكري ولا يمل من توظيف الدين توظيفا سياسيا لأغراضه وأهدافه، وذلك باستخدام مؤسسات الدين ـ الإسلامي والمسيحي ـ للترويج لحكمه، وحماية أركانه، وإسباغ الصفة الدينية عليه، وحكم العسكر منذ بدايته يستدعي الخطاب الديني في كل مناسبة، وفي كل موقف، سواء في العمل السياسي، أو في تصفية معارضيه معنويا.
العسكر والفتوى
والعجيب أن ترى شيوخ العسكر يلصقون هذه التهمة بمعارضي حكم العسكر، فمؤخرا رأينا سعد الدين الهلالي، يصم جماعة الإخوان المسلمين بأنهم شيوخ السلطان، وذلك بعد أن تحدث خالد الجندي مادحا شيوخ السلطان، وأنهم لا بد أن يكونوا شيوخا للسلطان، زاعما أن هذا هو أمر الإسلام لهم. وزاد الهلالي على اتهام الإخوان بذلك، فقارن بينهم وبين العسكر، فقال: الجيش حكم مصر بصناديق الانتخابات، أما الإخوان فقد حكموا الشعب بالفتاوى الدينية!!
لو قمنا بحصر تاريخ حكم العسكر منذ أن تولى عبد الناصر، وحتى السيسي، سنجد كما هائلا من التوظيف السياسي للفتوى والمشايخ، والخطاب الديني إسلامي ومسيحي،
عن التعامل مع إسرائيل
وعندما كانت رؤية العسكر السياسية رفض التعامل مع إسرائيل، كانت فتوى دار الإفتاء المصرية بحرمة السلام مع إسرائيل، ومات عبد الناصر، وجاء السادات، وتغيرت وجهة حكم العسكر السياسية، وأراد إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل، فخرجت فتوى أخرى عن نفس دار الإفتاء المصرية، بجواز الصلح مع إسرائيل!!
وفي ثورة يناير وقد خرجت الجماهير ضد مبارك وحكمه، رأينا المؤسسة الدينية ـ الإسلامية والمسيحية ـ تصدر الفتاوى لصالح مبارك، وتفت في عضد المتظاهرين، وتحرم الخروج عليه، ثم في عهد الرئيس محمد مرسي تجيز الخروج عليه، والمظاهرات لإسقاطه، وفي عهد السيسي عادت لنفس فتاوى التحريم، وكل أحكام الإعدام التي لا مثيل لها في تاريخ القضاء، من حيث الفبركة والبطلان، تحال كل أوراق المتهمين للمفتي، فيقرها جميعا، ولو قام أحد الباحثين برصد الفتاوى التي صدرت في حكم السيسي وحده لاحتاجت لدراسة كاملة كبيرة عنها، وعن تحيزها السياسي بشكل فج.
حكم العسكر منذ بدايته يستدعي الخطاب الديني في كل مناسبة، وفي كل موقف، سواء في العمل السياسي، أو في تصفية معارضيه معنويا.