بحثت جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الجمعة، تصاعد حدة الغارات شمالي غربي سوريا، بسبب تصعيد النظام السوري وروسيا والقوات الموالية للنظام التابعة لإيران ضد مناطق المعارضة.
وخلال الجلسة، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روز ماري ديكارلو: "إذا استمر الوضع الحالي في إدلب فسنواجه تداعيات كارثية تهدد السلم والأمن الدوليين".
وتأتي الجلسة في وقت يتواصل فيه القصف العنيف في إدلب ومحيطها، من جانب قوات الأسد وروسيا، إلى جانب حملة ميدانية للنظام ومليشيات إيرانية في أرياف حماة، لتكون بذلك أول تحرك دولي بالحد الأدنى، على مستوى الأمم المتحدة بشكل عام، ومجلس الأمن بشكل خاص للوقوف على التطورات في الشمال السوري.
تركيا تحذر إنسانيا
من جهتها، حذّرت تركيا، الجمعة، من خطر وقوع كارثة في محافظة إدلب السورية، جراء الهجمات التي ينفذها النظام وحلفاؤه فيها.
جاء ذلك في إفادة قدمها مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي.
وأعرب سينيرلي أوغلو عن قلقه البالغ من انتهاكات وقف إطلاق النار من النظام السوري المستمرة منذ نهاية نيسان/ أبريل، مشيرا أن عدد الانتهاكات تجاوز 600 خرق.
وقال: "نواجه خطر وقوع كارثة في إدلب، فهجمات النظام الأخيرة يمكن أن تؤدي لنزوح مئات الآلاف، وقد يشكل ذلك خطرا إنسانيا وأمنيا على تركيا وأوروبا وخارجها".
وحذّر سينيرلي أوغلو، من أنّ أي هجوم عسكري واسع النطاق على إدلب، سيؤدي إلى كارثة إنسانية.
وشدد على أن اتفاق إدلب منع وقوع هذه الكارثة حتى الآن، ولابد من الحفاظ عليه من أجل أمن ملايين الأشخاص، مبينًا أن النظام استهدف المدنيين والمدارس والمستشفيات عمدا.
ووفق سينيرلي أوغلو، فإن الهجمات تسببت في نزوح 243 ألف شخص، وزادت من موجه الهجرة نحو الشمال.
وتطرّق إلى استهداف نقطة مراقبة تابعة للجيش التركي في 4 أيار/ مايو الحالي، وإصابة جنديين جراء ذلك، مؤكدًا أن مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تصبح مشروعة باسم مكافحة الإرهاب.
وأضاف: "يجب عدم التضحية بالأبرياء تحت مسمى مكافحة الإرهاب، فهذا الوضع يخلق بؤرًا إرهابية وتطرفا".
ولفت المندوب التركي إلى أن اتفاق إدلب سرّع من العملية السياسية، و"منح الأكسجين" للجهود السياسية.
وأردف أن هجمات النظام الأخيرة عطلت العملية السياسية في فترة وصلت فيها تشكيل اللجنة الدستورية لمراحلها الأخيرة.
وشدد على أن تركيا ستواصل التعاون مع روسيا لضبط الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وإنهاء انتهاكات النظام، داعيًا المجتمع الدولي إلى بذل جهوده لحمل النظام على احترام وقف إطلاق النار.
ولفت سينيرلي أوغلو إلى أن النظام السوري ارتكب، مرات كثيرة، جرائم ضد الإنسانية، وتجاوز الخطوط الحمراء.
وقال إن "هذا المجلس مسؤول عن منع كارثة إنسانية، وحان وقت التحرك وهذا يتطلب الوحدة والشجاعة والمرونة".
رفض روسي
من جهته، دعا ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الأمم المتحدة إلى عدم تسريب معلومات غير موثقة عن الخسائر بين المدنيين في سوريا، وأكد أن روسيا وسوريا لا تستهدفان المدنيين.
وادعى المندوب الروسي اليوم الجمعة خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا أنه "لا الجيش السوري ولا القوات الفضائية الروسية تجري عمليات ضد المدنيين أو منشآت البنية التحتية المدنية إنما هدفنا هو القضاء على الإرهاب".
وأضاف "هدفنا هو الإرهابيون، الذين يفضل البعض منكم عدم ذكرهم"، وفق قوله.
وأضاف نيبينزيا أن تنظيم "تحرير الشام" (النصرة سابقا) في إدلب "تواصل استفزازتها ضد الجيش السوري واعتداءته على المدنيين في المناطق المجاورة"، وفق قوله.
رد النظام السوري
من جهته حمّل النظام السوري التركية المسؤولية الأساسية عن تصعيد الوضع في المنطقة.
وقال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري إن تنظيم "هيئة تحرير الشام تستغل عدم التزام النظام التركي بتعهداته بموجب اتفاق
خفض التصعيد وتفاهمات أستانا وسوتشي لفرض سيطرته على محافظة إدلب، وخلق بؤرة
إرهابية تبتز الدولة السورية".
وأضاف الجعفري أن اتفاق خفض التصعيد في المنطقة "مؤقت، وعلى
الجميع أن يدرك أن الحفاظ عليه يستلزم التزام النظام التركي بإنهاء احتلاله مساحات
واسعة من المناطق السورية والوفاء بتعهداته، ووقف دعمه التنظيمات الإرهابية في
إدلب".
إدانة أممية
وقبيل الجلسة، أدانت نجاة رشدي، مستشارة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، جير بيدرسن "بشدة"، الهجمات التي استهدفت المدنيين والمنشآت المدنية في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب.
اقرأ أيضا: بومبيو يمتدح محادثاته مع بوتين حول سوريا.. هكذا وصفها
ودعا إلى عقد الجلسة ثلاث دول هي الكويت (العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن) وألمانيا وبلجيكا، وسيقدم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، لأعضاء المجلس خلال الجلسة إفادة بشأن الأوضاع الإنسانية للمدنيين في إدلب ومحيطها.
وأشارت رشدي في تصريحاته قبل انعقاد الجلسة، إلى أن 180 ألف شخص نزحوا من مناطقهم شمال غربي سوريا، منذ نيسان/ أبريل الماضي، وتوجهوا إلى أماكن أكثر أمنا، وأغلبهم لا زالوا يعيشون في العراء وتحت الأشجار.
وأكدت أن "الغارات الجوية بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة، لا يمكن تفسيرها بأي مبدأ إنساني". وأضافت رشدي: "أدين بشدة" الهجمات على المدارس والمؤسسات الصحية في إدلب، وأدعو الأطراف إلى الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولفتت إلى أن ثلاثة ملايين مدني يعيشون في إدلب، بينهم مليون طفل، وأن الهجمات التي تستهدف المنطقة تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.
اقرأ أيضا: تحذيرات من كارثة إنسانية بسبب وقف أعمال إغاثة بإدلب
وبيّنت أن 12 منظمة إغاثية علقت أنشطتها في تقديم المساعدات الإنسانية في المنطقة جراء غارات نظام الأسد.
وتسبب قصف النظام السوري وروسيا، على منطقة "خفض التصعيد"، في نزوح أكثر من نصف مليون مدني عن مدنهم وقراهم وبلداتهم، منذ اتفاق سوتشي في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأدى قصف النظام وحلفائه على هذه المناطق، إلى مقتل 135 مدنياً على الأقل، وجرح أكثر من 365 آخرين، منذ 25 نيسان/ أبريل الماضي، بحسب توثيق "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء)، كما تسبب في نزوح مئات الآلاف باتجاه المناطق القريبة من الحدود مع تركيا.
هذا ما قاله أردوغان لبوتين بخصوص التصعيد في إدلب السورية
مجلس الأمن يبحث الأوضاع في ليبيا وسوريا بجلسة طارئة
الأمم المتحدة: أكثر من 150 ألف نازح جراء قصف النظام السوري