"يحلم الذين يتصورون حركة النهضة يمكن أن يحدث فيها انشقاق".. هذا ما صرح به عماد الخميري، الناطق الرسمي باسم الحركة، تعقيبا منه على تصريحات الخصوم، أيضا محاولة منه امتصاص الغضب الذي اجتاح مؤخرا جانبا من الكوادر القيادية أو الوسطى.
لقد سجلت في الأيام الأخيرة مواقف شديدة النقد موجهة ضد رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي والمكتب التنفيذي. وتعتبر هذه من الحالات النادرة التي يتجرأ فيها بعض الأعضاء بنشر انتقادات جريئة وعلنية، بعيدا عن الانضباط الذي طبع به الجميع خلال الأزمات السابقة. ماذا حصل؟
من المعضلات الكبرى التي تواجهها الأحزاب والحركات الاجتماعية تتمثل في التحكم في أعضائها، وكيفية اتخاذ القرار داخل هياكلها، وكلما اتسع حجم هذه الكيانات تعددت الطموحات الفردية، وبرزت التطلعات الشرعية للقواعد، مقابل رغبة القيادات التاريخية في تعزيز نفوذها وتثبيت هيمنتها على مختلف مفاصل التنظيم، والعمل بالخصوص على التحكم في آليات اتخاذ القرار، وفي المساحة التي تعطى لمشاركة البقية في وضع السياسات. وهو الأمر الذي يؤدي غالبا إلى فتح المجال أمام ما يسمى بصراع الإرادات وتنازع النفوذ، والدفع بالبعض نحو الانسحاب.
برزت التطلعات الشرعية للقواعد، مقابل رغبة القيادات التاريخية في تعزيز نفوذها وتثبيت هيمنتها على مختلف مفاصل التنظيم، والعمل بالخصوص على التحكم في آليات اتخاذ القرار
تولد الحركات الإسلامية في بداية نشأتها على صيغة جماعات دينية، ويطغى على العلاقة بين المؤسس والأنصار نزعة الشيخ والمريدين، حيث يتم إضفاء صفات الكمال، من تقوى وحكمة وعلم وغيرها من خصائص القيادة الراشدة؛ على شخص المؤسس. لكن بعد التأسيس والنمو تبدأ النوازع البشرية تفعل فعلها في الأفراد، ويتأكد أن الجميع، بمن في ذلك الشيخ المؤسس، يمكن أن يقعوا في الخطأ وسوء التقدير، وأن الحزب يختلف عن الثكنة العسكرية، وأن الشورى ضرورة حيوية، وأن التداول على المسؤوليات مطلب مشروع وضروري، وأن الشخصنة منافية للنمو والتقدم.
حركة النهضة ليست استثناء في هذا الأمر، وقد تعرضت في تاريخها لمثل هذه العوارض والأزمات، وكان مؤتمرها الأخير فرصة لإثارة هذه المسألة. إذ ظهر تيار واسع وقوي يدعو إلى توسيع الممارسة الديمقراطية داخل الحركة. وتمثل الطلب المحوري لهذا التيار في تمكين القواعد من حق ممارسة الانتخاب الحر لمختلف ممثليهم داخل الحزب، بمن في ذلك أعضاء المكتب التنفيذي.
تجدد الخلاف مرة أخرى عندما قام المكتب التنفيذي بإدخال تعديلات اعتبرت جوهرية على عدد من القوائم أدت إلى إبعاد بعضهم أو تغيير المنطقة التي رشحته خلافا لإرادة الناخبين
إذ يُستبعد سيناريو الانقسام حاليا رغم غضب البعض وتهديدات البعض الآخر، لكن المؤكد أن الحركة تمر بحالة تململ شديد
النظرة الأوروبية لتونس بين "الجندي" و"الحارس"
الديمقراطية التونسية أمام امتحان عُلوية المؤسسات على الأشخاص: السيناريوهات