أكدت مصادر معارضة بسوريا وصول قوات عسكرية محدودة تابعة لـ"الجيش الوطني"، الذي شكلته المعارضة السورية شمال حلب بدعم تركي، إلى إدلب، لمؤازرة فصائل إدلب في صد هجمات النظام والمليشيات الإيرانية، التي تسعى لفصل ريف حماة الشمالي عن إدلب.
واستطاعت قوات النظام التوغل مؤخرا
على محاور عدة في شمال حماة وجنوب إدلب، وتحديدا في محيط بلدة خان شيخون، حيث باتت
على مشارف الأخيرة، وسط قصف جوي مكثف من الطائرات الروسية والسورية.
وتفيد معلومات أولية أن ما يصل إلى
600 مقاتل من "الجيش الوطني"، إلى جانب آليات عسكرية ثقيلة، سيصلون إدلب
تباعا، لدعم الجبهات التي تشهد تقدما للنظام.
وبحسب مصادر خاصة
لـ"عربي21" فإن الاتفاق على دخول التعزيزات من "الجيش الوطني"
بانتظار وضع اللمسات الأخيرة عليه، مضيفة أن "تعزيزات محدودة دخلت إدلب من
عفرين، بسبب اعتراض بعض فصائل إدلب على دخول بعض التشكيلات التابعة للجيش
الوطني".
وتابعت المصادر ذاتها: "من
المنتظر أن تشهد الساعات القليلة القادمة تدفقا لتعزيزات عسكرية ضخمة".
ويطرح ذلك تساؤلات عن التأثير
العسكري لدخول "الجيش الوطني" في معارك إدلب، وهل سيحدث ذلك فارقا على
الأرض؟
دماء جديدة
وفي هذا الصدد، بدا المحلل العسكري
العقيد عبد الله الأسعد جازما خلال حديثه لـ"عربي21" عن أن دخول "الجيش الوطني" إلى معارك
إدلب، سيؤدي إلى قلب الموازين العسكرية لصالح المعارضة، وذلك في حال تم اتخاذ
القرارات العسكرية بشكل جيد.
وأوضح الأسعد أن "المؤازرات
العسكرية التي ستدعم الأنساق الأمامية والخلفية سيكون له تأثير كبير، وخصوصا إذا
كان ذلك بتنسيق مع القوات التي تتولى صد هجمات النظام، ما يساعد على تنفيذ هجمات
معاكسة، وكذلك توجيه ضربات جانبية لقوات النظام المتهالكة".
ومؤيدا حديث الأسعد، توقع الخبير
العسكري والاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، أن تشهد الأيام القادمة فارقا كبيرا في
سير المعارك، مع بدء وصول أرتال "الجيش الوطني" إلى إدلب.
وأضاف عليوي لـ"عربي21" أن
"روسيا وإيران والنظام، وضعوا كل ثقلهم في الهجمات، حتى أحرزوا هذا التقدم
جنوب إدلب"، معتبرا أن أهمية مشاركة "الجيش الوطني" تأتي من أن "فصائل
إدلب باتت بحاجة إلى دماء جديدة، واستراتيجيات جديدة للقتال، لامتصاص هجمات العدو
الشرسة، والانتقال إلى الهجوم المعاكس لاستعادة المناطق التي خسرتها
المعارضة".
اقرأ أيضا: تواصل المعارك بإدلب وتقدم للنظام في خان شيخون
مصادر روسية، وصفت السبت، حصيلة العمليات العسكرية في محيط مدينة إدلب
بـ"الفادحة بالنسبة إلى القوات النظامية".
وذكرت صحيفة "كوميرسانت"،
نقلا عن مصادر أن نحو 160 عسكريا سوريا قتلوا خلال الأيام العشرة الأخيرة، وأن
عشرات المدنيين تعرضوا لإصابات بسبب الهجمات التي شنتها المعارضة في إدلب على
مناطق مجاورة.
وشددت المصادر على أن موسكو "لا
ترى أن العمليات العسكرية التي يشنها الجيش السوري الذي غدا على بعد كيلومترات
قليلة من مدينة خان شيخون، تتعلق بهجوم واسع محتمل في إدلب".
وحول الفارق الذي سيحدثه دخول
"الجيش الوطني"، قال عليوي: "لا نستطيع تقدير مدى الفارق، وهذا متروك
لسير المعارك خلال اليومين القادمين، لكن مشاركته حالة ضرورية لاستعادة النقاط
التي خسرتها الفصائل".
وفي أواخر نيسان/ أبريل الماضي، بدأت
قوات النظام مدعومة بالطيران الروسي حملة عسكرية في ريفي حماة وإدلب، سيطرت خلالها
على العديد من القرى والبلدات بعد تهجير سكانها.
وبالمقابل، اعتبر مصدر عسكري أن من
الأجدى فتح جبهات جديدة ضد النظام، بدلا عن إرسال تعزيزات عسكرية من "الجيش الوطني" إلى جبهات حماة.
وقال لـ"عربي21"، مفضلا
عدم الكشف عن اسمه، إن "فتح محاور جديدة من شأنه تشتيت قوات النظام، وتخفيف
الضغط العسكري والجوي على جبهات ريف حماة الشمالي".
وأشار المصدر إلى استمرار المواجهات
العسكرية في محيط خان شيخون، على المحاور الغربية والشرقية، الهادفة من النظام إلى
إطباق الحصار على البلدة التي تقع على الطريق الدولي "حلب-حماة"، والتي
تعتبر صلة الوصل إلى مناطق ريف حماة الشمالي الخاضعة لسيطرة المعارضة.
دلالات سياسية وعسكرية
من جهته، أشار الباحث في مركز
"عمران للدراسات" معن طلاع، إلى دلالات سياسية لدخول "الجيش الوطني" في معارك إدلب،
وأخرى عسكرية.
وفي حديثه لـ"عربي21"، عدّ
الباحث أن مشهد المعارك المحتدمة في إدلب والتطورات المتمثلة بدخول "الجيش
الوطني"، يدلل على فشل المسار السياسي التركي الروسي في "سوتشي"،
وأن الأطراف تحاول كسب مزيد من الأوراق الضاغطة، قبيل القمة (التركية، الروسية،
الإيرانية)، التي ستعقد في أيلول/ سبتمبر القادم بأنقرة.
وفي هذا السياق، اعتبر طلاع أن وصول
أرتال "الجيش الوطني"، يؤكد أن تركيا تسعى بإمداد فصائل إدلب بقوات
نوعية، لمواجهة ضغط روسيا وإيران، التي دفعت أيضا بمليشيا "حزب الله"
للمشاركة في المعارك.
وتابع قائلا: "روسيا تصر على
تطبيق الجزء الأخير من اتفاق سوتشي، المتعلق بفتح الطرق الدولية المارة في إدلب
أمام الحركة التجارية، لأنها تعتقد أن لهذه الأمر دلالات تنموية على النظام
السوري، بينما ترى تركيا أن فتح الطرق مرتبط بتطورات سياسية أكبر من إدلب".
اقرأ أيضا: مقتل أم وأطفالها الستة بغارات للنظام السوري وروسيا في إدلب
وأضاف أن "السيناريو الذي تبحث
عنه الأطراف (تركيا، روسيا، إيران)، يتمثل في تثبيت الأمر الواقع على الأرض، وهذا
ما سينجم عنه فترة من التصعيد العسكري، وصولا إلى القمة القادمة التي ستبحث بدقة
مواضيع العسكرة، وكذلك اللجنة الدستورية للدفع باتجاه عملية سياسية".
وكان وزير الخارجية التركي مولود
تشاووش أوغلو، أعلن في وقت سابق أن القمة الثلاثية بين روسيا وتركيا وإيران حول
سوريا، ستعقد في 11 أيلول/ سبتمبر المقبل في أنقرة، في حين أعلنت موسكو أن قمة
ثلاثية تجمع قادة كل من روسيا وإيران وتركيا ستعقد الشهر المقبل في أنقرة لبحث
مستجدات الأزمة السورية.
وفي تصريحات صحفية، قال ديمتري
بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي، إن "خطوة واحدة في الواقع بقيت قبل وضع
اللمسات الأخيرة في العمل على إنشاء اللجنة الدستورية في سوريا".
صيغة مختلفة
عسكريا، اعتبر طلاع أن مؤازرة
"الجيش الوطني" سيكون فاتحة لدخول كل تشكيلات المعارضة في المعركة،
الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين الوضع العسكري للمعارضة، وخصوصا في الخطوط التي تشهد
انهيارات.
وبهذا المعنى، أكد الباحث أن المعارك
ستكون بصيغة مختلفة عن المعارك السابقة، أي تغيير سياسة الاكتفاء بالسياسات
الدفاعية من جانب المعارضة، والانتقال إلى تكتيك الهجوم.
وبالبناء على القراءة السابقة، قال
طلاع إن "دخول الجيش الوطني له تأثير عسكري وسياسي، وسيكون له
نتائج ضاغطة على اللقاءات السياسية القادمة بين تركيا وروسيا".
وفي حديث سابق لـ"عربي21"،
توعد قائد "تجمع أحرار الشرقية" الذي يعد من أبرز فصائل "الجيش
الوطني" في شمال حلب، أبو حاتم شقرا، النظام السوري بنقل المعارك إلى معاقل
الأخير في الساحل السوري.
وقال إن "الجبهات في إدلب
وحماة، هي خط الدفاع الأول عن الثورة السورية، وخسارة تلك المناطق تهديد لوجود
الثورة السورية".
ومتوعدا النظام، أضاف أبو شقرا: "عززنا من وجود الجيش الوطني الذي يتبع له تجمع أحرار الشرقية بإرسال الدفعة
الثالثة، وهي من قوات المغاوير التي يخرجها أحرار الشرقية، بشكل مستمر، وهي قوات
مدربة في معسكرات خاصة لهذا الغرض".
خبراء: سقوط الهبيط يجعل من خان شيخون هدفا تاليا.. لماذا؟
قوات الأسد تقترب من السيطرة على بلدة "الهبيط"..هذه أهميتها
بعد خروقات سابقة.. هل يصمد وقف إطلاق النار بإدلب؟