نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب آدم تايلور، يقول فيه إن وصول الرئيس الأمريكي والإيراني إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر المقبل، أثار تكهنات بأن العدوين قد يلتقيان على هامش اجتماعات الجمعية العامة، لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن حلفاء الرئيس دونالد ترامب هم من سيقفون في وجهه لو قرر الدخول في محادثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.
ويعلق تايلور قائلا إن "لقاء مثل هذا لو حدث سيكون أمرا عاديا بالنسبة لرئيس يركز نظره على عقد الصفقات أكثر من الأمور الدوغمائية، ولديه استعداد لتغيير سياساته بصورة سريعة، وقد التقى ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بعد أشهر من اختبارات صاروخية ونووية، وعبرت إدارته عن استعداد لعقد محادثات مع جماعات معروفة بعنفها، مثل حركة طالبان، بل حتى جماعة الحوثي التي تدعمها إيران في اليمن".
وتستدرك الصحيفة بأن "ترامب لو واصل فكرة المحادثات المباشرة مع نظيره في طهران فإنه سيواجه ردة فعل خطيرة، ليس من المتشددين في طهران والولايات المتحدة فحسب، وسيكشف عن فجوة بين رئيس انتهازي وداعميه الأيديولوجيين".
ويشير التقرير إلى أن كلا من ترامب وروحاني ناقشا فكرة اللقاء في الأيام القليلة الماضية، فأبدى الرئيس الأمريكي تفاؤلا بعقد لقاء لو كانت الظروف سانحة، كما قال في نهاية قمة لدول السبع الكبار التي عقدت في فرنسا، وأشار ترامب لاحقا إلى أن القمة مع نظيره الإيراني قد تعقد في غضون أسابيع، لافتا إلى أنه في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سأله صحافي إن كان موعد أسابيع واقعيا، فرد ترامب بالإيجاب، قائلا: "أعتقد أن إيران تريد الخروج من هذا الوضع قوية، وسواء كان هذا مبنيا على واقع أم جرأة، فهو مبني على جرأة"، كما ورد في مجلة "بوليتكو".
ويفيد الكاتب بأن الداعين للقاء يأملون أن يمنح هذا اللقاء خريطة طريق لترامب للخروج من حالة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ففي العام الماضي خرج الرئيس من الاتفاقية النووية التي وقعها سلفه باراك أوباما عام 2015، وقام لاحقا بإعادة فرض العقوبات على إيران، التي ظلت ملتزمة بالاتفاقية مع أنها خرقت بعض بنودها، خاصة المتعلقة بمستوى تخصيب اليورانيوم المسموح به، وحاولت عرقلة الملاحة البحرية في الخليج.
وتذكر الصحيفة أن بوادر حرب شاملة ومدمرة أكبر من غزو العراق برزت في هذا الصيف، في وقت عانى فيه الاقتصاد الإيراني من المصاعب الحقيقية، وزادت الولايات المتحدة من وجودها العسكري في المنطقة، لافتة إلى أن الوضع لا يزال محفوفا بالمخاطر.
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي يدفع فيه ترامب نحو الحوار مع روحاني؛ كونه طريقا لتخفيف مخاطر النزاع، إلا أن خطواته قد تتصادم مع مواقف حلفائه الأقرب في داخل أمريكا وخارجها، فوزير الخارجية "المخلص" مايك بومبيو، صنع اسمه في مجلس النواب من خلال معارضته للاتفاقية النووية عام 2015، وقدم في بداية العام الحالي قائمة من 12 مطلبا يجب على إيران الوفاء بها لو أرادت العودة للمفاوضات، إلا أن ترامب ناقض هذا كله يوم الاثنين، قائلا إنه يريد "اتفاقا بسيطا" مع إيران يركز على الاتفاقية النووية والصواريخ الباليستية.
وينقل تايلور عن توم روغان من "واشنطن إكزامينر"، قوله: "لا يمكن إهمال التباينات بين بومبيو وترامب في مجال التفاوض.. أصبحت واضحة مثل عين الشمس".
وتلفت الصحيفة إلى أن مستشار الأمن القومي جون بولتون ألقى خطابا أمام المجموعة الإيرانية المعارضة "مجاهدي خلق"، دعا فيه وبشكل علني لإنهاء النظام الديني الذي يحكم إيران، وقال بولتون: "السياسة الأمريكية المعلنة يجب أن تكون الإطاحة بنظام الملالي في طهران"، مستدركة بأن ترامب عبر عن الرؤية المضادة لبولتون في مؤتمره الصحافي يوم الاثنين، قائلا: "نحن لا نتطلع لتغيير النظام في إيران"، وهي رسالة لن تحبها جماعة مجاهدي خلق، التي لم تقم علاقات مع بولتون فقط، بل مع محامي ترامب ردويو جولياني أيضا.
وينوه التقرير إلى أن حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط ألقوا في الوقت ذاته بثقلهم وراء ترامب؛ لأنه اتخذ موقفا متشددا من إيران، مشيرا إلى أنهم سيترددون في الدعم لو غير من موقفه، فتعارض السعودية والإمارات الطموحات النووية الإيرانية، وكذلك تأثيرها الإقليمي، رغم خوفهما من اندلاع حرب معها.
ويقول الكاتب: "ربما قرر بنيامين نتنياهو الحليف الأقرب لترامب اتخاذ المبادرة من نفسه، كما في الغارات الجوية التي ضربت سوريا والعراق ولبنان في الأيام الماضية، ما أثار المخاوف من حرب شاملة بين حليفة أمريكا والقوى المرتبطة بإيران، وستكون مصالحة أمريكية إيرانية كارثة على نتنياهو، خاصة أن أمامه أسابيع لخوض الانتخابات".
وترى الصحيفة أن حدوث اللقاء سيكون بفضل جهود ترامب الذي كان واضحا منذ البداية بأنه سيلتقي مع القيادة الإيرانية دون شروط، مشيرة إلى أن لقاءه مع الرئيس الكوري الشمالي العام الماضي كان صورة عن رئيس مستعد لتجاهل نصيحة داعميه المحليين والخارجيين من أجل فخامة القمة.
ويستدرك التقرير بأن المعارضة الأقوى لطموحات ترامب ليست من أمريكا، بل من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي كان واضحا في معارضته للدبلوماسية الشخصية التي يقوم بها الرئيس الأمريكي، مع أن تغير موقف خامنئي كان وراء توقيع اتفاقية عام 2015، مشيرا إلى أن صقور إيران يعرفون ذلك.
ويشير تايلور إلى أن تقريرا لموقع "إكسيوس" نقل عن مسؤول إسرائيلي بارز، قوله: "نحن محظوظون لرفض الإيرانيين مقترحات ترامب للتفاوض"، لافتا إلى قول المحلل في مجموعة "يوروشيا" هنري روم، إن فرص تغيير خامنئي موقفه قليلة؛ لأن "إرثه على المحك".
وتبين الصحيفة أن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف يريدان التحاور مع الغرب، لكنهما بحاجة لمصادقة من خامنئي، مشيرة إلى أن كليهما لديه أسبابه ليتردد في الظهور بمظهر الاعتدال مع ترامب، فقد استهدف ظريف بالعقوبات الأمريكية، فيما وصف البيت الأبيض روحاني بـ"المشلول عقليا".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن الرئيس الإيراني رفض يوم الثلاثاء دعوات ترامب للقاء قبل رفع العقوبات.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
بلومبيرغ: ما مدى قلق الرياض من تغير موقف ترامب تجاه إيران؟
واشنطن بوست: ما دلالات هجوم ترامب على اليهود الأمريكيين؟
FT: كيف عزز الإفراج عن "غريس 1" سلطة الحرس الثوري؟