بعد اشتعال الحرب بين العراق وإيران في عام 1980 بقليل، رأت وكالتا الأنباء الفرنسية ورويترز أن بث تقاريرهما مترجمة إلى العربية سيعطي خدماتهما الرواج في الدول العربية، وقد كان: صارتا المصدر الرئيس لأخبار تلك الحرب، وخلق ذلك اتكالية وتواكلا، من حيث أن الصحفيين العرب صاروا لا يحتفون بما تبثه وكالة أنباء مقتدرة وذات أذرع طويلة مثل أسوشيتدبرس، فقط لأنها ويونايتدبرس كانتا تقدمان خدماتهما بالإنجليزية وحدها.
المروحية والهليكوبتر
ومع خدمات رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية الإخبارية بالعربية صارت "طائرة مروحية/ مروحية" تعني هليكوبتر، ثم وقبل سنوات قليلة صرنا نسمع عن الطائرة المسيَّرة، بمنطق أنه طالما قالت وكالة أنباء غربية إن اسم هذه أو تلك كذا أو كذا، فهي كذلك.
وشيئا فشيئا ثبتت "مروحية" في القاموس العام على أنها تعني هليكوبتر، ولم يحتج أحد على سخف التسمية، لأنه وعند اختراع الهليكوبتر كانت جميع الطائرات المخصصة لنقل البشر والبضائع "مروحية"، بل ورغم أن معظم الطائرات اليوم نفاثة، إلا أن هناك آلاف الطائرات ذات المروحة الواحدة أو المروحتين أو الأربع تحلق في الأجواء.
لا يضير العرب والعروبة في شيء أن ننقل الى لغتنا مفردات أجنبية لا أصل لها في لساننا، أو يتعذر إيجاد المقابل الموضوعي لها،
تعريب لا يضير العرب والعربية
لماذا نتحدث عن السينما والتلفزيون والراديو والرادار بلا حرج، ولم نعمد لإيجاد معادِلات عربية لها؟ وقياسا على هذا، ما الضير في أن تبقى الطائرة المسيرة "درون" والمروحية هليكوبتر كما أسماهما من اخترعاهما؟ وهل جاز أو يجوز لنا أن نجعل فيسبوك "كتاب الوجه" وواتساب "تطبيق ماذا"؟
وليس من سخف أوقعتنا فيه وكالات الأنباء عند تعريب تقاريرها كذاك الذي ورطتنا فيه وكالة الصحافة الفرنسية، عندما تناولت الوباء الذي يصيب البهائم وجعلته حمى الوادي المتصدع، في تعريب ركيك لـ rift valley fever، وتكمن الركاكة في الترجمة الحرفية القاموسية، والتي تكون بأن يفتح المترجم القاموس ليرى ما يقابل كل كلمة من عبارة أو جملة في لغة أخرى، ثم ينسج منها عبارته أو جملته المترجمة، والوادي المتصدع الذي نُسِبت إليه الحمى هو ما اصطلح الجغرافيون العرب على مدى قرون، كما هو مثبت في جميع الأطالس هو الأخدود الأفريقي العظيم، والذي نتج عن انفلاق بين قارتي آسيا وأفريقيا، فكان البحر الأحمر، وامتداد له في شكل أخدود عميق طويل يشق دول شرق أفريقيا ومن بينها كينيا التي رُصدت فيها تلك الحمى لأول مرة عام 1931.
لا يضير العرب والعروبة في شيء أن ننقل إلى لغتنا مفردات أجنبية لا أصل لها في لساننا، أو يتعذر إيجاد المقابل الموضوعي لها، وهل هناك من سفر أكثر احتضانا لكنوز وقوانين اللغة العربية من القرآن؟ وكلنا يعرف أن هناك عشرات الكلمات ذات الجذور غير العربية الواردة في كتاب الله ومنها: أباريق، أسباط، إستبرق، حصب، الحواريون، دينار، زنجبيل، سجيل، طاغوت، قراطيس، كافور، وغيرها.
كان التغريب باستيراد مفردات وعبارات كاملة في وجود ما يكافئها في لسان العرب، ويا خوفي من أن يصبح العربي يوما ما غريب الوجه واللسان، وهو يعيش في أرض اجداده.
المدرسة مغربية واللغة فرنسية..
إعادة صياغة تقاليد بعض المناسبات الفلسطينية