تختلف التقديرات بشأن مستقبل المعارك في مدينة إدلب، حيث تسود مناطقها القريبة من خطوط التماس حالة من الترقب خشية قيام قوات النظام السوري بالتصعيد مجددا.
وتتفق مصادر عسكرية وسياسية، تحدثت
لـ"عربي21" على أن روسيا لن تدعم حاليا هجوما جديدا على إدلب، تحت اعتبارات
عدة.
ومن هذه الاعتبارات، منح الوقت
الكافي لتركيا، حتى تقوم الأخيرة بمعالجة ملف "هيئة تحرير الشام"،
الملف الذي تعهدت أنقرة بتسويته، خلال القمة الثلاثية (التركية، الروسية،
الإيرانية) التي استضافتها مؤخرا، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد أحمد
رحال.
وأضاف رحال لـ"عربي21"، أن
روسيا وإن كانت تنوي معاودة الهجوم على إدلب، فإنها لا تريد أن تكون عملياتها
الإجرامية بحق الشعب السوري، مادة دسمة للنقاش في اجتماعات الجمعية العامة للأمم
المتحدة، التي تعقد حاليا.
كذلك تريد روسيا العودة إلى التأثير
على المدنيين إعلاميا، من خلال دعايتها السوداء وقدرتها على الحسم، كفتح معابر
لخروج المدنيين وتوصلها لاتفاقات للسيطرة على الطرق الدولية، لقتل رغبة القتال في
صدور الثوار والاستفادة من ذلك في معارك قادمة، قريبة كانت أم بعيدة، بحسب إفادة
القيادي العسكري في "الجيش الحر"، النقيب عبد السلام عبد الرزاق،
لـ"عربي21".
اقرأ أيضا: كيف سينعكس الإعلان عن "اللجنة الدستورية" على مستقبل إدلب؟
وأضاف، أن من بين الأسباب الأخرى،
التي تؤخر تجدد المعارك، حاجة المليشيات المدعومة روسيا إلى إعادة التجميع، واختبار جاهزيتها، واستكمال القوات العاملة في
الأنساق الأولى والثانية بالعتاد والسلاح والأفراد، وإعادة صيانة أسلحتها وعتادها
خاصة الطيران والأسلحة الثقيلة،بعد الخسائر التي منيت بها.
وقال عبد الرزاق: "كانت فاتورة سيطرة
قوات النظام على مناطق ريف حماة الشمالية، كبيرة جدا، وأكثر مما توقع الروس".
ولذلك ووفق القيادي ذاته، فإن روسيا
تحاول تجنب خسائر جديدة، بمحاولتها سياسيا تحقيق أهدافها العسكرية، من خلال
الاجتماعات والمفاوضات مع الدول المعنية بالملف السوري.
وحول مصير "تحرير الشام"،
وارتباط ذلك بتأخير المعارك، رأى عبد الرزاق، أن روسيا غير مهتمة بفصيل بعينه،
معتبرا أن سياستها ونظرتها للثورة السورية مطابقة تماما لرؤية النظام، حيث تنعت
جميع الثوار والفصائل المسلحة بـ"الإرهابيين".
وتابع قوله: "روسيا معنية
بالسيطرة على الأرض، وإعادة كامل سوريا لسيطرة النظام، لإعادة تعويمه وشرعنته وفرض
الرؤيا والحل السياسي الذي تريد، وهي تملك بنك أهداف لتدمير البنية التحتية
للمناطق المحررة، ولم تعتمد في حربها ضد السوريين على أهداف انتقائية، لان ذلك لا
يوافق سياستها التي تنتهجها ضد الثورة".
اقرأ أيضا: تعزيزات للنظام.. هل تتحول وجهة الأسد إلى ريف حلب الغربي؟
وفي قراءته لمستقبل المعارك، أعرب
عبد الرزاق، عن توقعه بأن تقدم روسيا على دعم عمليات عسكرية محدودة، للسيطرة على
مواقع هامة، من شأنها توسيع سيطرة النظام على الأرض في إدلب، وتحجيم مساحة
المناورة لدى الثوار.
من جانب آخر، يعتقد الباحث بالشأن
السوري، أحمد السعيد، أن روسيا بحاجة إلى التهدئة في الوقت الحالي، وذلك بعيد
الإعلان "اللجنة الدستورية".
ويردف في حديثه
لـ"عربي21"، أن روسيا تعوّل على مشروع "اللجنة الدستورية"
لفرض رؤيتها للحل في سوريا، المتطابقة تماما مع رؤية النظام السوري، أي الاكتفاء
ببعض التعديلات الدستورية، التي تقلص من صلاحيات الأسد شكليا.
وفي قراءته للأسباب الأخرى التي تؤخر
التصعيد في إدلب، أشار السعيد إلى الموقف الأمريكي الرافض بشدة إلى إعادة إدلب
لسيطرة النظام السوري، وختم بقوله: "للآن، يبدو أن التصعيد مؤجل، لكن إلى
متى"؟
مخاوف من انهيار وقف إطلاق النار بإدلب بسبب خروقات النظام
المعارضة تستعد لمواجهة جديدة بإدلب: "لا نثق بهدنة روسيا"
هل يستغل نظام الأسد الهدنة الحالية لفتح جبهة جديدة.. وأين؟