في ظل تفاقم أزمة تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، سلطت "عربي21"، الضوء على مفهوم وفرص تشكيل حكومة الأقلية لدى الاحتلال الإسرائيلي، والتي تخضع بدورها إلى تأييد عدد قليل من أعضاء الكنيست الإسرائيلي.
وأوضحت نتائج الفرز الرسمية النهائية لانتخابات الكنيست الـ22، تقدم حزب "أزرق أبيض" بزعامة الجنرال بيني غانتس، بحصوله على 33 مقعدا، على حزب "الليكود" بزعامة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي حصل على 32 مقعدا، وحلت "القائمة المشتركة" العربية في المرتبة الثالثة بحصولها على 13 مقعدا، من إجمالي عدد أعضاء الكنيست الـ120.
وحصل على المرتبة الرابعة حزب "شاس" بـحصده 9 مقاعد، وتلاه حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان بحصوله على 8 مقاعد، وتساوى حزب "يهودوت هتوراه" وحزب "يمينا" بحصول كل منهما على 7 مقاعد، وحصل حزب "العمل غيشر" على 6 مقاعد، وحزب "المعسكر الديمقراطي" على 5 مقاعد.
وبرغم ارتفاع عدد نواب حزب "الليكود" على حساب حزب "يهودوت هتوراه"، إلا أن خارطة الكتل في الكنيست بحسب الصحيفة "لم تتغير"، وذلك بثبات كتلة اليسار الإسرائيلي وحصولها على 57 مقعدا، وكتلة اليمين على 55 مقعدا، وهو ما يبقي حزب ليبرمان "بيضة القبان".
تهديد نتنياهو
وحول تفاصيل مفهوم حكومة أقلية في "إسرائيل"، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، صالح النعامي، أن "حكومة الأقلية لا تحصل على 61 مقعدا داخل الكنيست، ولكن يتم دعمها من أحزاب خارج الائتلاف الحكومي دون أن تشارك هذه الأحزاب في الحكومة بشكل فعلي"، لافتا إلى أن "الأحزاب المشاركة في حكومة الأقلية، لا تتمتع بأغلبية مطلقة داخل الكنيست".
اقرأ أيضا: استطلاع: الإسرائيليون يرغبون بنجاح غانتس بتشكيل الحكومة
وقدر في حديثه لـ"عربي21"، أنه "من المستحيل أن يوافق حزب أزرق أبيض أو ليبرمان؛ الذي يعتبر النواب العرب بمثابة طابور خامس، على تشكيل حكومة أقلية بدعم القائمة العربية المشتركة للحكومة من الخارج، وكل ما يحصل أنهم يهددون نتنياهو لا أكثر"، لافتا إلى أنه "من السهل إسقاط مثل هذ الحكومة في حال تم تشكيلها".
الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، ذكر أن "حكومة الأقلية لا يصوت لها 61 نائبا، وإنما يصوت لها أقل من هذا العدد، بشرط أن يكون عدد المعارضين أقل، على سبيل المثال؛ أن يدعم الحكومة 55 نائبا ويعارض تشكيلها 54 والباقي يمتنع عن التصويت، وهذه تسمى أيضا حكومة أقلية".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "حكومة الأقلية تكون مدعومة من أعضاء كنيست من خارج الائتلاف الحكومي؛ سواء صوتوا لها أو امتنعوا عن التصويت".
ولفت أبو عواد، إلى أنهم "يسعون حاليا في إسرائيل إلى تشكيل حكومة أقلية وهذا من المستحيل أن يحدث، حيث تجري المحاولة لتشكيل حكومة أقلية من 44 نائبا وتشمل؛ تحالف أزرق-أبيض، والمعسكر الديمقراطي والعمل، على أن يتم دعمهم من العرب من الخارج، مقابل امتناع ليبرمان الذي يتزعم حزب إسرائيل بيتنا".
ورجح أن "ليبرمان لن يمتنع عن التصويت، وبالتالي لن تكون هناك حكومة أقلية".
تذبذب ليبرمان
من جانبه، تحدث الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، عن شكل آخر لحكومة الأقلية، وأوضح أنها "تكون ذات أغلبية ضئيلة في الكنيست"، لافتا أنه "يجري الحديث الآن في إسرائيل عن حكومة وحدة، بأن تضم جميع الأحزاب الإسرائيلية الكبرى، بما يضمن لها ما بين 70 إلى 80 مقعدا أو يزيد، وأما الأقلية تكون حينها في المعارضة".
وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أن "الحديث عن حكومة أقلية في إسرائيل، يعني أنها تضم ما بين 61 إلى 63 نائبا من إجمالي الـ120؛ ولهذه الحكومة في الوقت الحالي واحدة من إمكانيتين؛ إما حكومة يمين كالعادة، وهي نفس حكومة اليمين المتطرف، بحيث يعود ليبرمان إلى أحضان اليمن المتطرف وينضم إلى نتنياهو".
اقرأ أيضا: الرابحون والخاسرون من سيناريوهات الأزمة السياسية بإسرائيل
والإمكانية الثانية بحسب مجلي، أن "تقوم حكومة أقلية برئاسة غانتس، تضم حزبي اليسار وهما؛ المعسكر الديمقراطي وحزب العمل، وإضافة لهما تكون هناك مساندة خارجية من القائمة المشتركة التي تضم 13 مقعدا، عندئذ تكون حكومة أقلية مسنودة من النواب العرب".
ونوه إلى أن "النواب العرب، هم على استعداد لمساندة مثل هذه الحكومة (برئاسة غانتس) من الخارج، وليس من الداخل، لأنهم من الصعب أن يكون النواب العرب جزء من حكومة إسرائيلية من الممكن أن تقدم على إجراءات احتلالية أخرى أو خطوة عدوانية ضد الشعب الفلسطيني".
ولفت الخبير، إلى أن "هناك مهمة أمام النواب العرب، أن يتم إسقاط حكم نتنياهو، رغم أن غانتس ليس هو البديل الأمثل، ومعروف بتاريخيه العدواني على شعبنا وكذلك حلفائه في تحالف "أزرق-أبيض" الجنرال موشيه يعالون وغيره، لكنهم يبقون أنسب من نتنياهو، الذي كسر كافة الحواجز في توجيه العدوان على شعبنا في غزة، إضافة لاستمراره في سياسية التهويد والاستيطان والتميز العنصري ضد العرب وغير ذلك".
سقوطها سهل
وأشار إلى أن "غانتس على الأقل، يأتي الآن بخطاب جديد من العرب في الداخل، ويريد أن يفتح آفاق جديدة للسلام، ولذلك مقابل تعهده بهذه الأمور، يمكن أن يسقط العرب حكومة نتنياهو فيكون الوضع أفضل"، وفق تقديره.
وبشأن مستقبل مثل هذه الحكومة التي تحوذ على الأقلية في الكنسيت، أكد أن "سقوط حكومة الأقلية سهل جدا، وربما تسقطها القائمة المشتركة في أول مناسبة أو عمل عدواني ضد شعبنا"، منوها إلى أن "قيام مثل هذه الحكومة، يأتي لعدم إمكانية قيام حكومة أخرى، وهي بمثابة حل مؤقت".
وتابع: "الحديث عن حكومة مؤقتة تقوم لبضعه شهور، وبعدها إما أن تجري انتخابات ويكون نتنياهو قد أصبح في قفص الاتهام وأودع في السجن، وإما أن تضم إحدى الكتل البرلمانية الإسرائيلية الأخرى إلى هذه الحكومة، لتصبح حكومة دائمة، ولكن ليس الحديث هنا عن حكومة تبقى 4 سنوات، لأن من الصعب على حكومة أقلية في أي دولة في العالم، أن تبقى لفترة 4 سنوات، وهذا هو الأحرى لحكومة يقف اليمين الإسرائيلي في معارضتها".
ونبه مجلي، إلى أن "اليمين الإسرائيلي اليوم لديه مئات الألوف من الإسرائيليين الذي يمكنه أن ينزلهم إلى الشارع، ويكفي لإنزالهم هدم هذه الحكومة أي شيء صغير في مستوطنة ما، لذلك فإن حكومة كهذه عليها إذا أرادت أن تنجح، أن تكون مؤقته وتسعى حالا إلى لضم قوى أخرى كي تصبح ذات وزن قوي في الكنيست، وغير قابلة للضعضعة من خطوة أو قرار تتخذه".
يذكر أن التفويض الذي منحته رئاسة الاحتلال لزعيم "أزرق-أبيض" الجنرال غانتس لتشكيل الحكومة القادمة بعد فشل نتنياهو، ينتهي منتصف ليلة الأربعاء الخميس المقبلة.
أزمة لبنان وصلت لطريق مسدود وحزب الله: "لا تُلوى ذراعنا"
لماذا سمح السيسي للبرلمان باستجواب حكومته ومراقبتها؟
دعوة غانتس للقائمة العربية لدخول الحكومة.. دلائل وتوقعات