لا تتوقف إدارة ترامب الأمريكية عن الاستهتار بالشعب الفلسطيني والحقوق الفلسطينية. منذ أن تسلم منصبه، وترامب يؤكد المرة تلو الأخرى عداءه للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية، ويمعن بإهانة وإذلال كل من يحاول رفع رأسه في المنطقة. وهو دائما يتصرف بعنجهية ولا يقيم وزنا للآخرين الذين يلحق بهم أذى جراء سياساته.
بدأ بالنسبة للقضية الفلسطينية بمسألة القدس واعترف بالمدينة عاصمة للصهاينة ونقل سفارته إليها، ثم انتقل إلى منظمة التحرير الفلسطينية وقرر إلحاق العقاب بها، وقرر تقليص الأموال التي كانت تقدمها أمريكا للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، ثم اشتغل بالأنوروا بهدف تصفيتها كمؤسسة ترعى شؤون اللاجئين الفلسطينيين. والآن يقول إن الاستيطان في الأرض المحتلة 67 لا يخالف القانون الدولي.
سبق لترامب أن قال إنهم (ضمير غائب لم يتضح المقصود به) حذروه من نقل السفارة إلى القدس لأن ذلك سيؤدي إلى هبة فلسطينية وإلى إخلال بكل المعايير العسكرية والأمنية في المنطقة، لكنه لم ير أي شيء من هذا بعدما نقل السفارة إلى القدس. وذات الشيء حصل عندما اعترف بالجولان أرضا تابعة للكيان الصهيوني. هو لم يجد من يتحداه، والدول العربية التي قررت في مؤتمرها قطع العلاقات مع كل دولة تنقل سفارتها إلى القدس لم تصنع شيئا. أي أن ترامب وجد المسرح أمامه مفتوحا وبإمكانه أن يلعب كيفما يشاء بما أنه هو اللاعب الوحيد.
مهمتنا ليست سهلة، لكنها طريق أقصر من الطريق الذي نسير فيه الآن، وبالتأكيد نستطيع تحقيق نتائج بدل الدوران في حلقة من الذل والهوان المتصاعدين.
مطلوب منا أن نخرج من الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني ونلغي اعترافنا بالكيان الصهيوني ونعيد ترتيب أوراقنا وأولوياتنا الوطنية من مختلف نواحي الحياة. حتى الآن، نحن نعيش في فراغ، ولا توجد لدينا خطط وطنية اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو أمنية أو سياسية نعمل على إنجازها. ما لدينا لا يتعدى بعض التصريحات السياسية والإعلامية الجوفاء التي لا توحد الكلمة ولا تقيم مجتمعا فلسطينيا متماسكا يمكن أن يتحدى الاحتلال.
ومطلوب أيضا منا الخروج من الكواليس الدولية. دخلت منظمة التحرير الكواليس الدولية وهي ليست أهلا للعب داخلها. يتطلب اللعب داخل هذه الكواليس مقومات من القوة والتنظيم والكفاءة لكي تتحقق نتائج إيجابية، والمنظمة لم تكن تملك تلك المقومات. أقنع بعض الأكاديميين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في الولايات المتحدة المنظمة بالدخول في ساحة النشاط الديبلوماسي الدولي لما توهموه أنه فائدة للفلسطينيين، فغرقنا في أوحال ورطتنا وطنيا بالمزيد. الكواليس الدولية عصابات تملك ما يكفي من القوة لإثبات الوجود وانتزاع الحقوق، ونحن لم نكن نستند إلى عصابة يمكن أن تحمل همنا، ولم نجد إلا التعاطف اللفظي الذي لا يجدي.
اللعب من خارج الكواليس الدولية أجدى وأنفع من اللعب داخلها. على الأقل هناك فسحة أوسع من الحرية أن تلعب بعيدا عن كواليس الأمم، ومن الأجدى أن تبقى غامضا أمام الآخرين، ولا تلتزم بما يلتزمون به. ووجودنا داخل الكواليس الدولية يعني أننا نلتزم بمعاييرهم، ومعاييرهم لا تناسبنا كشعب يبحث عن حقوق مغتصبة. الكواليس هي ساحة الأقوياء، وعندما نصبح أقوياء نفكر في دخول ساحات الأقوياء الذين لا يقيمون للضعفاء وزنا.
مهمتنا ليست سهلة، لكنها طريق أقصر من الطريق الذي نسير فيه الآن، وبالتأكيد نستطيع تحقيق نتائج بدل الدوران في حلقة من الذل والهوان المتصاعدين.
الصهيونيةُ لن يوقفَها إلا وعيٌ وكفاح
اتجاه التدخل الروسي في ليبيا وحراك برلين
لماذا تخشى إيران من انتفاضات العراق ولبنان؟