أعلن وزير التعليم المصري طارق شوقي أن وزارته بصدد فصل 1000 معلم جديد، بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين.
ويأتي الإعلان متصلا بقرارات فصل سابقة طالت 1876 معلما، منذ الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، في 3 تموز/ يوليو 2013، والتي كان آخرها التصديق على فصل 1070 مدرسا دفعة واحدة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ورغم أن
شوقي برر في مؤتمره الصحفي، الذي عقده الثلاثاء 26 تشرين الثاني/ نوفمبر
الجاري، بأن قرارات الفصل كانت بسبب انقطاعهم عن العمل أكثر من المدة المقررة في
القانون، وصدور أحكام قضائية بالسجن ضد بعضهم من المحاكم المصرية، إلا أنه سبق أن أعلن بشكل واضح في مؤتمر صحفي عقده في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أنه قام
بالتصديق على قرار بفصل 1070 معلما بسبب انتمائهم لجماعة الإخوان.
وفي حديثه
لـ "عربي21"، يؤكد المدرس بمحافظة الجيزة أحمد الصفاوي، أنه اعتقل لمدة
عام لرفضه الانقلاب العسكري، وعندما خرج من السجن رفضت الإدارة التعليمية، التي
يعمل بها، عودته لعمله، وبررت ذلك بأنه منقطع عن العمل أكثر من المدة القانونية
التي حددها القانون.
اقرأ أيضا: نظام السيسي يفصل موظفين من العمل بزعم "الإرهاب"
ويوضح الصفاوي، أنه حاول الحصول على إخطار من النيابة أو مصلحة السجون، يفيد بأنه كان رهن الحبس الاحتياطي، ولم يصدر قرار بإدانته من المحكمة، ولكنهم رفضوا منحه هذه الإفادة، وأخبره أحد الموظفين في الإدارة التعليمية، بأن قرار فصله أو عودته، بيد جهاز الأمن الوطني وليس وزارة التربية والتعليم.
فصل تعسفي
وبحسب الباحث الحقوقي، أحمد العطار، فإن "سياسة الفصل العنصري والتعسفي هى استكمال لسياسة التنكيل بأشخاص وردت أسماؤهم بتقارير الأمن الوطني، الذي يعد ذراع السلطات المصرية للتنكيل بالمعارضين".
ويؤكد
العطار لـ"عربي21" أن "التقارير الأمنية أصبحت هي المتحكمة في مصير
الملايين من العاملين بالقطاع الحكومي والخاص، وهو ما كان واضحا في وزارات التربية
والتعليم، والتعليم العالي، والأوقاف، والعدل، والخارجية، بالفصل أو الإحالة للتقاعد
أو النقل لوظائف أخرى هامشية".
ويشير
العطار إلى أن "تقارير الأمن الوطني، مسيسة ومبنية على تقارير ضابط أو مخبر، وكذلك
الأحكام القضائية التي خالفت القانون والدستور، خاصة أن من تم فصلهم كانوا يعملون
بهذه الوظائف لعشرات السنوات قبل انقلاب 2013، وكانت تجرى عليهم أيضا تحريات
الأمن، ولم يكن بها أي شيء يمنعهم من الاستمرار بوظائفهم".
ووفق الباحث
الحقوقي، فإن "سياسة الفصل العنصري، أصبحت عقابا لآلاف الأسر والعائلات، في أرزاقهم
ومعيشتهم، كما أنها امتداد لسياسة تجفيف المنابع التي بدأت بمصادرة الأموال
والحظر والمنع من السفر والعمل".
ويوضح
العطار أن "كثيرا من المعلمين والموظفين الذي تم فصلهم وقاموا بتحريك دعاوى قضائية
بمحكمة القضاء الإداري لوقف القرارات التعسفية الصادرة بحقهم، لم يتم البت في
مطالبهم، ولم يحصلوا على أية قرارات لمصلحتهم، بعد أن تحولت المحاكم لجزء من
النظام القمعي، الذي يطيل أمد نظر تلك القضايا قبل أن يتم رفضها في النهاية".
تأثيرات
تربوية
وتشير الخبيرة التربوية، والمسؤولة السابقة بوزارة التربية والتعليم، مجيدة إمبابي، لـ"عربي21" إلى وجود تأثيرات خطيرة لفصل المدرسين الذين ينتمون لتيارات إسلامية، وليس جماعة الإخوان فقط، أو من يعرفون بأنهم "المدرسون الملتزمون".
وتقول إمبابي: "تؤدي قرارات الفصل لبث الخوف لدى باقي المعلمين حتى لا يتعرضوا للفصل، وفي النهاية يتخلى الجميع عن دوره التربوي والتوجيهي، ويكتفي بالجزء الخاص بشرح المنهج".
اقرأ أيضا: أزمة المعلمين بمصر تظهر مع فصل الآلاف بدعوى "التطهير"
وبحسب إمبابي، التي تقاعدت بسبب بلوغها السن القانونية، فإن "محاربة هذه الفئة من المعلمين وخاصة في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي، كانت سببا في غياب الدور التربوي التكميلي الذي تقوم به المدرسة، في ضبط سلوك الطلاب في هذه المرحلة العمرية الهامة، وهو ما كان سببا في انتشار حالات العنف والانحلال الأخلاقي بين التلاميذ، سواء داخل المدارس أو خارجها".
وتشير المسؤولة
السابقة بوزارة التعليم، إلى أنه في الفترة التي سبقت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير
2011، كان يتم تدخل الأمن بنقل المدرسين البارزين من أصحاب التوجهات الإسلامية
لأعمال إدارية بعيدا عن التدريس، لتقليل تأثيرهم على التلاميذ، ومع ذلك كان يسمح
لهم بإدارة النشاط المدرسي، مثل طابور الصباح والمسابقات الثقافية ومسابقات القرآن
الكريم.
وتضيف
إمبابي قائلة: "بعد الانقلاب اختلف الوضع، وأصبحت الوزارة تدار من خلال
الأجهزة الأمنية، الذين عقدوا لقاءات مع مديري المدارس والإدارات، للتحذير من وجود
معلمين ينتمون لجماعة الإخوان، وهناك عشرات الحالات من الذين تم اعتقالهم من مدارسهم
وأمام الطلاب".
وأرجعت
إمبابي إعلان وزير التعليم، بوجود قائمة جديدة تضم 1000 مدرس في طريقهم للفصل، إلى "تزايد الحديث عن التعديل الوزاري، ووجود احتمالات قوية برحيل الوزير،
بسبب فشل سياساته التعليمية ومشروع الثانوية العامة الجديد، وفضيحة مشروع
التابليت، فيقوم الوزير بتأكيد ولائه للنظام، على حساب المدرسين والعملية
التعليمية".
هل مبادرة خالد علي لإخلاء سجون مصر من المظاليم قابلة للتحقق؟
انتقادات لنقيب صحفيي مصر بعد إشادته بالداخلية وزيارته للسجون
انتقادات وسخرية من فيديو دعائي يجمّل أوضاع السجون المصرية