سار العام 2019، على نفس وتيرة الأعوام الستة الماضية من عمر الانقلاب العسكري، حيث شهدت البلاد أحداثا مأساوية صعبة أثرت على حياة المصريين.
وافتتح النظام العسكري الحاكم العام 2019، بتنفيذ أحكام الإعدام بحق
15 مصريا بثلاث قضايا سياسية في 14 و22 شباط/ فبراير، ليفجع المصريون بعدها بأيام
بحريق مروع في محطة سكك حديد مصر الذي راح ضحيته 22 مصريا حرقا في 27 شباط/
فبراير.
وخلال نيسان/أبريل، حشد النظام المصريين للتصويت بالاستفتاء
على التعديلات الدستورية التي منحت السيسي سلطات واسعة ومدد رئاسية إضافية.
وصدم أنصار الرئيس محمد مرسي، بوفاته أثناء محاكمته في 17
حزيران/ يونيو، في الوقت الذي استمرت فيه الاعتقالات بحق أنصار جماعة الإخوان
المسلمين طوال العام الذي شهد انتقالها لصفوف التيار المدني رغم الإدانات الأممية
والحقوقية المتتالية.
اقرأ أيضا: "مراسلون بلا حدود" تدين أسوأ موجة اعتقالات للصحفيين بمصر
وشهد أيلول/ سبتمبر، ظهور فيديوهات الممثل محمد علي، والذي كشف عن فساد بعض قادة الجيش، وفساد وبذخ رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وأسرته ببناء القصور والاستراحات الرئاسية، وما تبع ذلك من تظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر بالقاهرة وعدة محافظات.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت مصر فشل مفاوضات سد النهضة، ودخول مصر
مرحلة الشح المائي.
ولم يكد ينتهي العام إلا بظهور أزمة نجل السيسي، الأكبر محمود
والذي أفادت تقارير صحفية نقله من عمله بالمخابرات للعمل بالسلك الدبلوماسي في
روسيا بعد حديث عن فشله بعدد من الملفات بينها الإعلام.
إرهاب الدولة.. والتأثير الاقتصادي
وفي رصده لأهم الأحداث التي شهدتها مصر خلال 2019، وتأثيراتها على المصريين، قال الكاتب الصحفي عماد أبوزيد، لـ"عربي21"، إن "إرهاب الدولة وما يحدث بسيناء وأغلب المحافظات من قتل على الهوية والإقصاء والاختفاء القسري هو أول تلك الأحداث".
وأشار الكاتب المصري إلى أن "استمرار غلق كل نوافذ الحريات
والمتمثلة بحجب نحو 600 موقعا إلكترونيا إخباريا وغير إخباري، واعتقال العديد من
الكتاب والصحفيين والسياسيين وأساتذة الجامعات وغيرهم".
وتحدث كذلك عن "أحكام الإعدام التي صدرت ونُفذت بحق عدد
كبير من الشباب"، مؤكدا أن "كل ما سبق وغيره، كان له أثر سلبي على
تراجع الحريات بمصر".
ويعتقد أبوزيد أن "ارتفاع الدين المصري العام ثاني أهم
الأحداث إلى جانب تصريحات الحكومة التي تركز على إلغاء الدعم كأساس للمشكلة الاقتصادية، وحل مشكلة عجز
الموازنة".
ويرى أن "هذه رؤية صندوق النقد الدولي التي خرّبت أغلب
بلدان العالم"، محذرا من "شروط الصندوق للحصول على القروض التي أغرقت
البلاد بجانب المنح والضرائب الباهظة لتمويل عجز الموازنة".
وقال: "بالطبع انعكس هذا على الحالة الاقتصادية للبلاد من ارتفاع
أسعار الوقود بالأسواق، وانهيار الصناعة والزراعة، ما تحمل منها المواطن العبء
الأكبر".
ويعتقد الكاتب الصحفي أن "تظاهرات سبتمبر من أهم أحداث
2019، خاصة وأنها امتدت لعدة محافظات وكان محركها الأساسي فيديوهات محمد علي، الذي
كشف فسادا بالمليارات في دائرة السلطة العليا، وحث الناس بعدها للنزول ورفض طريقة
حكم وإدارة السيسي".
وقال إنها "أحدثت زلزالا مدويا بمصر، دفع السيسي، للخروج
بمؤتمر للشباب لم يكن على الأجندة الرئاسية للرد على اتهامه وقيادات بالجيش
بالفساد وإهدار المال العام، فزاد الطين بلة واعترف بما قاله محمد علي".
ويرى أبوزيد، أن "تبعات هذا الاعتراف كانت إبعاد نجل
السيسي، من المخابرات إلى روسيا، وإسناد ملف الإعلام لشخصيات أخرى، وسط حركة
تغيرات كبرى بصفوف الجيش واستعجال حركة تنقلات الشرطة".
وأشار إلى تأثير "الهجمة الشرسة للنظام على الصحفيين
واعتقال كثيرين، بجانب بعض الرموز المؤيدة لانقلاب حزيران/ يونيو 2013"،
موضحا أن "النظام الآن بورطة كبيرة يحاول الخروج منها قبل 25 كانون الثاني/
يناير 2020".
اقرأ أيضا: القطاع الخاص بمصر يتراجع لأدنى مستوى منذ أكثر من عامين
وجزم بأن "ما يحدث الآن يدل على المأزق الذي يتوقع مراقبون
أن يحمل الكثير من المفاجآت للسيسي ونظامه".
وختم الكاتب الصحفي حديثه بالقول: "وهذا هو الجانب
الإيجابي في عام 2019، ومازالت الساعات القادمة تحمل الكثير من الأحداث، وأعتقد
أنها ستكون إيجابية".
وفاة مرسي.. ومحمد علي
وبحسب ما يراه رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري
سابقا، عز الكومي فإن "أهم أحداث 2019 هي استشهاد الرئيس محمد مرسي، والتي
تمت عبر مؤامرة، وجريمة قتل مكتملة الأركان، قام بها النظام ظنا منه أنه بذلك يحصل
على شرعية موهومة، وهذا ما أثبته فريق الخبراء بالأمم المتحدة".
وقال لـ"عربي21"، إن "تقرير خبراء أممين بينهم
مفوضة شؤون الإعدامات خارج إطار القانون أغنيس كالامارد، أكد أن ظروف السجن
الوحشية التي احتجز فيها مرسي قد تكون سببا مباشرا بوفاته.
وأشار إلى تأكيدهم بأن "وفاة مرسي في هكذا ظروف احتجاز قد
يرقى لأن يكون قتلا تعسفيا تقره الدولة"، وتكشف عن "وضع آلاف المعتقلين
الذين يعانون من انتهاكات حقوق الإنسان وبعضهم معرض للموت"، فيما يبدو أنها
"ممارسة مستمرة ومتعمدة من نظام السيسي".
ويعتقد البرلماني السابق بأن "ظهور المقاول والفنان محمد
علي، وفضحه السيسي وأسرته، ونظام العسكر، عبر فيديوهات وجدت من يصدقها، واستجابة
عدد كبير من الشباب بمدن مصرية عديدة لدعوات التظاهر رغم بطش وقمع النظام، هي ثاني
أهم الأحداث التي جرت بمصر".
وقال إن "أهمية الحدث جعلت السيسي، يتولى الرد على
فيديوهات علي، بمؤتمر الشباب، ولكنه في محاولة تفنيد اتهامه ببناء القصور
والاستراحات الرئاسية اعترف بصحة الفيديوهات ولم ينكرها".
وبين أنه نتيجة لفيديوهات علي، اعتبره المصريون بمثابة بطل قومي
رغم علمهم أنه كان مقربا من العسكر، وعمل معهم 15 عاما، وانشقاقه عنهم ليس بسبب
الاختلاف السياسي بل لأجل مستحقاته لدى الجيش، ومع ذلك صدقوه واستجابوا لدعوته
بالتظاهر.
أما الحدث الثالث الأهم في 2019 بحسب البرلماني عز الكومي، فهو
"إعلان إثيوبيا اكتمال مشروع بناء سد السرج الاحتياطي لسد النهضة، محور
الخلاف بين أديس أبابا والقاهرة.
وأكد أن مصر لا تزال تدور في دوامة المفاوضات رغم عدم جدواها،
وسط اعتراف الانقلاب بدخول البلاد مرحلة الفقر المائي، وانتقال الملف إلى مرحلة
الوساطة الأمريكية.
روبرت فيسك يكتب عن محمد علي ويؤكد "العفوية" سر شعبيته
موقع أمريكي: محمد علي كاد أن يسقط السيسي بالصدفة
ترحيب بدعوة محمد علي بين النشطاء.. وعمرو أديب يهاجم