سياسة دولية

هذه قصة أول نائبة محجبة في البرلمان البريطاني

نفت بيغوم أي علاقة بالمنشورات لكنها تعرضت لحملة بسببها- فيسبوك

تعد أبسانة بيغوم أول امرأة مسلمة محجبة تدخل البرلمان البريطاني، ضمن 19 مسلما حصلوا على مقاعد في البرلمان بعد الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي.

وبيغوم، الشابة البالغة من العمر 29 عاما، ولدت في شرق لندن لأبوين قادمين من بنغلاديش. ودرست في جامعة كوين ماري.

 

وكان والدها منير الدين أحمد (توفي عام 2012) سياسيا ناشطا في حزب العمال أيضا. فشغل عضوية المجلس البلدي في منطقة "تاوار هامليتز"، وتولى مسؤولية الإسكان في البلدية بين عامي 2002 و2006، وفي عام 2004 تولى رئاسة المجلس المحلي للبلدية.

 

وواجهت أبسانة بيغوم حملة شديدة بعد ترشيحها عن حزب العمال في دائرة "بوبلار آند لايم هاوس" (Poplar & Limehouse) في لندن، لا سيما اتهامات بمعاداة السامية، فيما تعالت أصوات من التيار اليميني في حزب العمال ومن خارج الحزب لإلغاء ترشيحها.


وجاءت الاتهامات بشكل أساسي على خلفية صورة نُشرت في نيسان/ أبريل 2018، قيل إنها تستهدف العضو اليهودي في أحد المجالس المحلية عن حزب المحافظين، بيتر جولدز، ونشرتها على تويتر تابعة لمجموعة "مومينتم" (Momentum) اليسارية في حزب العمال. ويُزعم أن بيغوم عضو في تلك المجموعة، بحجة أن لها صورة وهي تحمل اسم المجموعة.

وتظهر في الصورة منطقة كناري وورف التي تضم مصارف ومؤسسات مالية كبرى، وكُتب على الصورة: "من أجل الكثيرين وليس جولدز. ساعدوا العمال للفوز في أيلاند جاردنز" (المجلس البلدي).

واعتبرت الصورة أنها تشير إلى الصورة النمطية بشأن سيطرة يهود على البنوك.

لكن بيغوم نفت أي علاقة لها بالصورة، موضحة أنها لم تُنشر من حسابها الخاص. كما نفت مصادر في حزب العمال صلة بيغوم بالصورة، وقالت إنه ليس هناك أي دليل يشير إلى ما يربطها بها.

لكن ذلك لم يمنع جولدز من شن حملة عليها، وقال إن بيغوم "لا تصلح لتكون عضوا في البرلمان"، معتبرا أن الصورة "مثال واضح للغاية عن رمزية معادية للسامية"، وفق ما نقلت عنه صحيفة إيفننج ستاندارد.

كما تعرضت بيغوم لهجوم من المتحدث باسم مجموعة العمال ضد معاداة السامية، إيوان فيلبيس، الذي قال إن "حزب العمال بحاجة لتعليق عضوية السيدة بيغوم، والطلب منها التخلي عن ترشحها"، معتبرا أنه "من غير المعقول السماح لها بالاستمرار".

وقد تم حذف التغريد لاحقا، بحسب تصريح لمسؤول انتخابي من حزب العمال في الدائرة؛ أوضح أنه تم لفت الانتباه إلى الصورة، "وفي ظل احتمال سوء تفسيرها، فقد طلب المسؤول الانتخابي إزالتها"، وفق صحيفة إيفننج ستاندارد.

كما تعرضت بيغوم لحملة، بعد أن قامت بإعادة نشر منشور على فيسبوك؛ زُعم أنه معاد للسامية، جاء فيه أن حكام السعودية "مستعبدون" من قبل "السادة الصهاينة". وقد اضطرت للاعتذار لاحقا بسبب ذلك.

واللافت أن الحملة على بيغوم تصاعدت في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، مع اقتراب يوم الاقتراع.

ورفضت بيغوم اتهامها بمعاداة السامية، وأكدت تعهدها "بالعمل على محاربة معاداة السامية داخل حزب العمال وبشكل أوسع في المجتمع".

وعلاوة على ذلك، تعرضت لاتهامات بالحصول على شقة من المجلس البلدي دون انتظار طويل على القائمة بعد انفصالها عن زوجها عام 2015، مع مطالبات بفتح تحقيق بحقها. وتزوجت بيغوم عام 2014، وانفصلت بعد عام واحد، وليس لديها أطفال.

 

ورغم كل ذلك، فليس هناك ما يشير إلى أنه تم التلاعب بملفها، وإنما الاتهام الذي يردده خصومها أنها كانت قد تقدمت بطلب للحصول على مسكن عام 2011، لكنها لم تبلغ عن زواجها وانتقالها إلى منزل زوجها عام 2014 قبل الانفصال.

 

لكن مصادر في حزب العمال نفت ارتكابها أي خطأ، بحسب ما نقلته صحف بريطانية، معتبرة أن ترويج مثل هذه المزاعم يندرج في إطار "الهجمات المخزية" على بيغوم، مشيرة إلى أنها كانت بحاجة لمسكن بعد طلاقها من زوجها.

 

كما أن بيغوم نفسها نفت ارتكابها أي خطأ، وأدرجت الأمر في إطار هجمات مرشحين آخرين عليها، مؤكدة خلال لقاء مع ناخبين أثاروا هذه القضية قبل الانتخابات؛ أنها لم تبلّغ عن إجراء تحقيق، بعدما تردد عن تلقي المجلس البلدي في "تاوار هامليتز" شكاوى بهذا الصدد.

 

ورددت بعض الصحف البريطانية مزاعم عن صلة بيغوم بعمدة منطقة "تاوار هامليتز"، محمد لطف الرحمن، الذي حظرت عليه المحكمة المشاركة في الانتخابات لاتهامه بالتلاعب بالأصوات عام 2014، بحجة أن بيغوم كانت واحدة من الموظفين لديه.

 

وكانت محكمة الانتخابات قد ألغت إعادة انتخاب لطف الرحمن لمنصب عمدة المنطقة في الانتخابات المحلية عام 2014، وهو المنصب الذي أمسك به لسنوات، بعدما اتهمته بالفساد والتلاعب واستخدام وسائل غير قانونية.

 

ورغم أن لطف الرحمن تقدم كمرشح مستقل في السنوات الأخيرة، مقابل مرشح حزب العمال الذي خسر مرشحه لمرتين قبل 2014، إلا أن صحفا بريطانية زعمت أن بيغوم فازت بترشيح حزب العمال للانتخابات البرلمانية بأصوات مؤيدي لطف الرحمن في الحزب.

 

وإضافة إلى ذلك، تناولت صحف بريطانية يمينية، بينها صحيفة الصن، اتهامات لبيغوم بتسريب قوائم بأسماء أعضاء حزب العمال، وهي الاتهامات التي وصفتها بيغوم بـ"الخاطئة والتشهيرية".

 

وفي نهاية المطاف، ورغم كل ذلك، فازت بيغوم بالمقعد، وبنسبة 63 في المئة من الأصوات، وبفارق كبير عن مرشحي حزب المحافظين والديمقراطيين الأحرار.


وحلّت بيغوم مكان جيمس فيزباتريك، وهو نائب عمالي يشغل المقعد من عام 1997، وينتمي لمجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال. وكان قد أعلن أنه لن يترشح مجددا، متذرعا بأن لجنة ترشيحات الحزب كانت تعمل على استبعاده.

واتخذ فيزباتريك موقفا مناهضا لزعيم حزب العمال جيرمي كوربين، وفي الأشهر الأخيرة صوّت لصالح حزب المحافظين في أكثر من مناسبة، فصوت لصالح مشروع رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وصوت ضد استبعاد خيار الانسحاب من دون اتفاق، كما عارض خيارات للانسحاب أكثر ليونة، مثل البقاء في السوق المشتركة.

 

وسجل عدد الأعضاء المسلمين في البرلمان البريطاني رقما غير مسبوق، غالبيتهم على قوائم حزب العمال، بينهم 10 نساء.

ووفق النتائج النهائية، فقد وصل 19 عضوا مسلما إلى البرلمان، 15 منهم ضمن حزب العمال، وأربعة من حزب المحافظين، مقارنة بـ15 عضوا في الانتخابات الماضية (2017).

 

اقرأ أيضا: أول محجبة: عدد غير مسبوق لنواب مسلمين ببرلمان بريطانيا