نشر موقع "مودرن ديبلوماسي" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن حقيقة ما إذا كانت علاقة نيودلهي وإسلام أباد الجديدة ستتمكن من الانتقال إلى أبعد من النهج الصفري.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الأسابيع الأخيرة شهدت بعض التطورات المثيرة في سياق التواصل الخارجي لباكستان، حيث صرّح عبد الحفيظ شيخ، وهو عضو بارز في حكومة عمران خان والذي يشغل منصب مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر بأن إسلام أباد بحاجة إلى التحرك صوب ترتيب مشروع اقتصادي يسمّى الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، مع دول مثل إيران والمملكة العربية السعودية.
العلاقات الباكستانية الإيرانية
أورد الموقع أنه من المهم الإشارة إلى أن إسلام آباد ما فتئت تبذل جهودًا متضافرة لتحسين العلاقات مع طهران في السنوات الأخير.
ويتحرك الجانبان نحو تعزيز العلاقات الأمنية، حيث زار قائد الجيش الباكستاني، قمر جافد بجوا، إيران في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 والتقى بالرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف وكبار المسؤولين العسكريين. وقد نوقشت القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي وتعميق التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
وأوضح الموقع أن انفراج العلاقات بين إيران وباكستان مدفوع بعدد من العوامل، من بينها الدوافع الاقتصادية لباكستان، ودور إسلام أباد في محاولة إحلال السلام بين المملكة العربية السعودية وإيران. كما دعت إيران باكستان للانضمام إلى مشروع چابهار.
ويتلخص التطور الثاني المثير للاهتمام في تقرّب باكستان من روسيا، حيث شهدت العلاقات الروسية الباكستانية انتعاشا منذ بضع سنوات (كانت موسكو تدرّب أفراداً عسكريين باكستانيين في أكاديميات عسكرية روسية).
اقرأ أيضا : رفض قضائي لوقف قانون عنصري ضد المسلمين بالهند
فضلا عن ذلك، سعى الجانبان إلى تعزيز التجارة الثنائية بينهما ودفعها إلى ما بعد المستوى الحالي، حيث تبلغ قيمة المبادلات 700 مليون دولار.
التغييرات التي طرأت على السياسة الخارجية الباكستانية
ذكر الموقع أن باكستان تحاول تنويع سياستها الخارجية، وتسعى بمهارة إلى التطلّع إلى ما هو أبعد من بكين.
ومن المفارقات أن علاقات إسلام أباد الوثيقة بالصين هي التي تلعب دوراً في تحسين علاقاتها مع بلدان مثل إيران.
وقد لعبت علاقات نيودلهي الاستراتيجية الوثيقة مع واشنطن العاصمة ساعدت إسلام أباد على تعزيز علاقتها مع موسكو، والتقرب أيضًا من طهران.
والواقع أن تقرير مؤسسة "موديز" مؤخرا، الذي رفع من موقف باكستان من السلبي إلى المستقر، كان مجرد تعزيز، الذي كانت حكومة عمران خان تسعى إليه.
من جانبها، ذكرت وزارة المالية أن هذا الارتقاء في التوقعات نحو المستقرة يشكل تأكيداً لنجاح الحكومة في التعامل مع اقتصاد البلاد.
وتظل الحكومة ملتزمة التزاماً كاملاً بأجندة الإصلاح، التي توفر النتائج التي من شأنها أن ترسي أساساً راسخاً للنمو المتسارع والمستدام والشامل في المستقبل.
وأشار الموقع إلى أن عدم إدراج باكستان ضمن القائمة السوداء من قبل مجموعة العمل المالي، من المتوقّع أن يمنحها مساحة أكبر فيما يتعلق بسياستها الخارجية.
اقرأ أيضا : أردوغان يلتقي عمران خان في جنيف باجتماع مغلق
ومن المقرر أن تنظر إسلام أباد إلى جانب دول أخرى في إحياء رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي.
حتى الوقت الحاضر، تمكنت نيودلهي من إبقاء السارك في وضع حرج، ولكن مع الحكومات الموالية للصين في كل من نيبال وسريلانكا، والفوضى الأخيرة في نيودلهي بشأن مشروع قانون تعديل المواطنة، يمكن أن تضغط الدول الأصغر من أجل إحياء الرابطة.
ونوّه الموقع بأن السبيل الأساسي للمضي قدماً يتلخص في الاحتفال بالتنوع والإثنية واللغة في المنطقة والاتحاد عبر جنوب آسيا، لبناء الثقة والاحترام المتبادلين. بصرف النظر عن هذا، من المرجح أن يؤثر التباطؤ الاقتصادي في الهند والأداء الاقتصادي الممتاز لبعض الدول الأصغر في المنطقة، وخاصة بنغلاديش، على قدرة دلهي على المساومة داخل المنطقة، على الأقل على المدى القريب.
وأورد الموقع أن الجهود التي بذلتها نيودلهي لأعوام قليلة ظلت تتلخص في عزل باكستان، ولكن عددا من المحللين الاستراتيجيين في الهند زعموا أن إسلام أباد لم تكن معزولة، وأن نيودلهي تحتاج إلى تبني توجه أكثر واقعية في التعامل مع إسلام أباد. كما جادل كثيرون بأن نيودلهي انتهى بها الأمر إلى ربط نفسها باكستان في السنوات الأخيرة من خلال التركيز بشكل أكبر مما ينبغي على باكستان في المنتديات الدولية.
خلاصة
في ظل كل التطورات، من المرجح أن باكستان وبدعم من بكين لن تعمل على تعزيز العلاقات مع طهران وموسكو فحسب، بل سوف تحاول أيضاً إعادة العلاقات مع واشنطن (وهو الأمر الذي لن تمانع بكين في القيام به أيضا) إلى مسارها الصحيح.
وأكد الموقع أنه على الرغم من أن النهج الصفري لا يساعد نيودلهي وإسلام أباد ويضر بالمنطقة، إلا أن الأمر سيستغرق معجزة لكلا البلدين لاستئناف التعاون الكبير بينهما، بالنظر إلى التحديات الداخلية والخارجية الحالية التي تحتاج الهند إلى التعامل معها.
وخلص الموقع إلى أن الهند تحتاج أيضًا إلى إيلاء اهتمام أوثق للتغيرات التي تحدث في باكستان، وعليها أن تعمل بجدية من أجل سياسة خارجية مع باكستان أكثر واقعية ومعقولة.
إن السياسة الجغرافية معقدة، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق مصلحتها الخاصة، بيد أن جنوب آسيا لطالما عانى نتيجة التفكير المحدود والافتقار إلى الحنكة السياسية الحقيقية.
SCMP: لماذا تراجع عمران خان عن المشاركة بقمة كوالالمبور؟
مونيتور: هذا هو ما سيدفع دول الحصار لحل الأزمة مع قطر
صحيفة روسية: هل يطلب الأكراد السوريون مساعدة الرياض؟