كتاب عربي 21

في انتظار المعركة الكبرى!

1300x600

-1-


عندنا كما هو عندهم، مسلمين ويهودا ومسيحيين متصهينين أيضا، نصوص تتحدث عن مواجهة آخر الزمان، بين "الحق" و"الباطل" ستجري على "الأرض المقدسة" نسميها فلسطين، ويسمونها "أرض إسرائيل".. الفرق بيننا وبينهم أنهم لم يجلسوا انتظارا لظهور "أبطال" منتظرين مسلحين بالقدرة الإلهية الجبارة، بل عملوا على إيجاد "أبطال" بديلين، أرضيين، (قوة عسكرية، غواصات، طائرات، تكنولوجيا.. إلخ) فيما غصنا نحن كمسلمين، في الغيبيات، مؤمنين بأن الصبر مفتاح الفرج، في فهم مكسر ومشوه لمعنى الصبر، باعتباره الجلوس وانتظار "المُخلص"، وهكذا خسرنا المعركة قبل أن تبدأ!

الإيمان بالغيب، هو أحد أركان الإيمان في عقيدتنا، لكن لم يقل لنا أحد إن من مقتضيات هذا الإيمان انتظار حدوث المعجزة، وإن استقر في الوجدان الجمعي للمسلمين أن الله معهم، وهم خير أمة أخرجت للناس، وبالتالي فلن يخذلهم ربهم، وسيدافع عنهم، باعتبارهم "المؤمنين" أصحاب الحق.. وشيئا فشيئا، ولكثرة الحديث عن مواجهة آخر الزمان، بدا أننا تحولنا إلى ديناصورات أو مستحثات بشرية، منهكة، عديمة القوة، رخوة، تنتظر أن ينزل عليها الفرج من الغيم، بل بدا أن الأمر اتخذ مسارا أكثر سوءا، حين تحول العقل الجمعي في بلادنا إلى منحى تخديري، يعتقد أن أي مواجهة مبكرة للعدو لن تكون نتيجتها لصالحنا، لأن الوقت لم يحن بعد للمواجهة الكبرى، ولهذا لا فائدة من الإعداد و"تعب البال". وفي الأثناء ضاعت الفرص واحتلت البلاد، ودخلت الأمة في سبات عميق!

الأخطر من كل هذا، اعتقاد المسلمين بأنهم دون خلق الله، تحكمهم قوانين خاصة في النصر والهزيمة. منشأ هذا الاعتقاد، أن "النصر من عند الله" ولهذا، لا داعي للإعداد له، ناسين أو متناسين الدعوة الصريحة "وأعدوا لهم ما استطعتم… الآية". الفهم المغلوط هنا، أن قوانين النصر والهزيمة، متعلقة بالقوة والإعداد، خاصة إذا تساوى الخصمان في "الإيمان". والحقيقة أن حال "أمة محمد!" لا يكاد يختلف عن غيرها من الأمم، من حيث الإيمان، وتطبيق شروط العدل. وأستحضر هنا مقولة بالغة الدلالة لشيخ الإسلام ابن تيمية، حين قال ما نصه في "الفتاوى" في "رسالة في الحسبة": فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ وَعَاقِبَةُ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ وَلِهَذَا يُرْوَى: "اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً"!

-2-

ولعلنا نذكر هنا البحث الشهير الذي أجراه باحثون في جامعة جورج واشنطن الأمريكية (عام 2014) حول دول العالم التي تلتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية حرفيا؛ والتى أظهرت أن دولة "أيرلندا" رغم أنها لا تدين بالإسلام إلا أنها من أكثر دول العالم التزاما بتعاليم الشريعة الإسلامية، بينما حلت السعودية، بلد الحرمين الشريفين بالمركز رقم 91 بين دول العالم في تطبيق الشريعة وجاءت مصر بلد الأزهر الشريف، في مؤخرة الدراسة؛ حيث جاء ترتيبها رقم 128 بين دول العالم التي تطبق تعاليم الدين، كما احتلت دول عربية ودول اشتهرت كذلك بأنها إسلامية "ذيل" قائمة الدول التي تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية الحرفية.

ووفق الدراسة، فقد حلت الدول الأكثر التزاما بمبادئ الإسلام أيرلندا والدنمارك ولوكسمبورج والسويد والنرويج، بينما كانت السعودية في المرتبة رقم 91 وإسرائيل رقم 27 وماليزيا 33 والأردن 76.

وجاءت مصر في المرتبة 128 والمغرب في المرتبة 120، وجاء اليمن في المرتبة 180، وقطر في المرتبة 111، وسوريا في المرتبة 168.

ووفق الدراسة التي استندت إلى بحث قام به مختصون في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، أن الدول العربية والإسلامية تقبع في مراكز متأخرة ضمن قائمة الدول التي تطبق تعاليم الإسلام.

وقارن الباحثون دساتير 218 دولة وأسس حكمها واقتصادها وتعاملها مع المواطنين مع 113 مبدأ إسلاميا مستمدا من القرآن والسنة فيما يتعلق بالعدالة وتوزيع الثروة والحريات والاقتصاد.

وانتهى البحث الذي أشرف عليه البروفيسور "حسين أسكاري"، الأستاذ في شعبة إدارة الأعمال الدولية والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن ، إلى خلاصة تفيد بأنه ليست الدول الإسلامية هي التي تحتل المراتب الأولى في الالتزام بالقرآن، بل إن دولًا مثل أيرلندا والدانمارك ولوكسمبورج تأتي على رأس اللائحة. ويفسر "أسكارى" حصول الدول الإسلامية على مراتب متدنية؛ بسبب سوء الحكام واستعمال الدين كوسيلة للسلطة وإضفاء الشرعية على نظام الحكم!

ولا نزيد!