كشف
إعلاميون وصحفيون مصريون عن تلقيهم تعليمات عبر "الواتس آب"، من جهة
سيادية عليا، عن شكل التغطية الصحفية والإعلامية لصفقة القرن التي أعلنها الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء 28 كانون الثاني/ يناير الجاري.
التعليمات
التي صدرت لرؤساء تحرير الصحف والإصدارات المختلفة، ومقدمي برامج التوك، طالبت
بعدم استخدام مصطلح "صفقة القرن"، والترويج لما أعلنه ترامب تحت اسم
"خطة السلام الأمريكية". كما دعت التعليمات، لإبراز الدور التاريخي
والمحوري لمصر حيال القضية الفلسطينية، مع عدم إبراز موقف الأزهر الشريف من
الصفقة.
وحددت
رسالة "الواتس آب"، التي نشرها موقعي "المنصة ومدى مصر"، وعدد
من الصحفيين المصريين، المضامين الإعلامية التي يجب الالتزام بها في تغطية الحدث
ومنها: "عدم تناول أو التركيز على البعدين الديني أو الوطني، وعدم تناول أية
تفاصيل متعلقة بالخطة، أو الاجتهادات بشأن مساس الخطة بالثوابت المصرية والعربية
إزاء القضية الفلسطينية، حيث أنه لابد من انتظار إعلان التفاصيل ودراستها بشكل
متأنٍ".
وأكدت
الرسالة أيضا على أهمية "التشديد على اعتزام مصر دعم الفلسطينيين لتحقيق
مصالحهم وحقوقهم، مع رفض القاهرة توجيه أية ضغوط عليهم للقبول بما لا يتلاءم مع
طموحاتهم، والإشارة إلى أن الخطة ترتكز على حل عملية السلام بين الفلسطينيين
والإسرائيليين دون إقحام أطراف إقليمية أخرى كجزء من الحل السياسي، والتأكيد على
الدور المصري وجهوده الحالية إزاء قطاع غزة".
وكانت
نقابة الصحفيين، أول من استجاب لتوجهات "الواتس آب"، حيث رفض نقيب
الصحفيين، ضياء رشوان، البيان الذي أعده عدد من أعضاء المجلس لرفض صفقة القرن فور
إعلانها، وأصدر توجيهات بعدم إصدار أية بيانات تعبر عن موقف النقابة الرسمي، إلا
بعد موافقة كل أعضاء المجلس، وأثناء عقد اجتماعهم الدوري.
"تهمة الخيانة"
وحسب
وصف عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، والوكيل السابق للجنة العلاقات
الخارجية بالبرلمان المصري، محمد جمال حشمت، فإن الهدف من تعليمات "الواتس
آب"، هو تغييب الشعب المصري عن تطورات القضية الفلسطينية، كما أنها لمحاولة
إبعاده عن تهمة الخيانة التي تلاحقه بشكل مستمر سواء على الصعيد الداخلي أو العربي
والخارجي.
ويؤكد
حشمت لـ "عربي21"، أن "نظام الانقلاب العسكري، مازال يتعامل مع
الشعب المصري بأسلوب الستينيات من القرن الماضي، وفقا لنظام الإعلام الموجه، ولكنه
لا يعي أن الزمان تغير، وأن وسائل التواصل الحديثة، كسرت كل القيود الاستبدادية، والأساليب
الأمنية، التي استخدمها السيسي لعزل الشعب المصري عن محيطه العربي والإسلامي،
وخاصة القضية الفلسطينية".
اقرأ أيضا: فعاليات شعبية بفلسطين والعالم ضد "صفقة ترامب" (شاهد)
ويوضح
حشمت، أن "الدور القذر الذي يلعبه الإعلام التابع للأجهزة السيادية، فشل في
تجميل وجه النظام القبيح داخليا، بدليل التفاعل الكبير مع دعوات 20 أيلول/ سبتمبر
2019، بالإضافة للهتافات التي رددها الشباب المصري لصالح فلسطين، في كل مباريات
كرة القدم، التي كان يسمح للجمهور بالحضور فيها، وكذلك حملات التواصل الإجتماعي
الرافضة للصفقة، والأخرى التي تنتقد موقف نظام الانقلاب المخزي".
ويضيف
حشمت قائلا: "رغم رفض الشعب المصري لموقف شيخ الأزهر بسبب مشاركته في
الانقلاب ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، ورغم كل التأويلات التي صاحبت مواقفه
الاخيرة، إلا أن التعاطي الشعبي مع إشارته الرافضة لصفقة القرن، خلال اشتباكه مع
رئيس جامعة القاهرة قبل أيام، يعكس موقف الشعب المصري تجاه الصفقة، وقناعته
الكاملة في الخيانة التي يقوم بها السيسي تجاه القضية الفلسطينية، كما أنها تعكس
فشل محاولاته شيطنة الفلسطينيين وخاصة أهل غزة".
"غسل
مخ"
وفي
حديثه لـ "عربي21"، دعا رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري،
عمرو عادل، لضرورة "استمرار النشاط المعادي لتوجهات النظام المصري الصهيونية،
حتى يكون هناك توازن بين ما يقوم به السيسي، من محاولات لغسل مخ المصريين،
باستخدام إعلامه الموجه، وبين التحركات المناهضة للصهيونية والداعمة لحقوق
الفلسطينيين والمدافعة عن القدس، باعتباره أحد أهم المقدسات التي يجب على المسلمين
ومن بينهم المصريون الدفاع عنها".
ولا
يستبعد عادل، تأثير قطاع من المصريين بالطوفان الإعلامي الذي يتحكم فيه نظام
السيسي بدعم كامل من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والذي حاول خلال السنوات
الماضية تغيير بوصلة المصريين، وتقديم إسرائيل كصديق.
وحسب
عادل، فإنه لمواجهة تعليمات "الواتس آب"، يجب على "معارضي السيسي
في الداخل والخارج، التأكيد الدائم على رفض صفقة القرن، وأنها جزء من صراع
الإرادات والأفكار، مهما كان حجم الضغوط، وأن الصهاينة هم العدو، وأن فلسطين دولة
عربية من النهر للبحر، وأن التعامل مع الصهاينة خيانة مهما كانت الدوافع".
وفيما
يتعلق بموقف نقابة الصحفيين يؤكد السياسي المصري، أن "نظام السيسي فرض سيطرته
الأمنية والمخابراتية على المجتمع المدني وكل مؤسسات الدولة، بما فيها نقابة
الصحفيين بعد أن كانت في السابق عصية على الخضوع لرغباته، وكانت تمثل عامل اتزان
بالقضايا الوطنية، وهو ما حدث مع الأزهر الشريف أيضا، وبالتالي فإن أية آراء تخرج
من هذه المؤسسات، تكون خاضعة للرقابة والموافقة الأمنية في إطار سياسة توزيع
الأدوار ليس أكثر".
معارضون مصريون يحذرون من آثار "صفقة القرن" على الأمن القومي
أحزاب وشخصيات مصرية: لن تمر "صفقة العار"
"العمل الوطني" تدين "سرقة القرن" وتدعو لمواجهتها بمصر