حذّر
حقوقيون من تصويت مجلس النواب المصري على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض
أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون، الذي يناقشه، الأحد، خلال جلسته
العامة.
وفي
12 كانون الثاني/ يناير 2020، وافقت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في البرلمان
على مشروع مُقدم من الحكومة بشأن تنظيم السجون، والذي يستهدف إلغاء إفراج نصف المدة
في 4 أنواع من القضايا، هي: "التجمهر، والإرهاب، والمخدرات، وغسل الأموال".
ويهدف
مشروع القانون من خلال إضافة مادة جديدة برقم (52 مكرر) إلى عدم سريان الإفراج الشرطي
على المحكوم عليهم في جرائم التجمهر، ومكافحة الإرهاب، ويحرم آلاف المعارضين المحبوسين
في قضايا بحكم نهائي من الاستفادة من الإفراج الشرطي بعد انقضاء نصف العقوبة.
ويمنح
القانون الحالي، الإفراج تحت شرط هو إطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية قبل
انقضاء كل مدة عقوبته إطلاقا مقيدا بشروط تتمثل في التزامات تُفرض عليه، وتُقيد حريته،
وتُعلق هذه الحرية على الوفاء بتلك الالتزامات.
اقرأ أيضا: سيناتور أمريكي: ضغوط للإفراج عن الأمريكيين المعتقلين بمصر
وأكد
الحقوقيون، في تصريحات لـ"عربي21" أن التعديل المزمع إقراره يمثل "خطوة
بعيدة إلى الوراء في مجال حقوق الإنسان في مصر، ويُقلص المساحة الوحيدة بين النظام
والمعارضة، ويجعل رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، الوحيد المتحكم في الإفراج
عن المحبوسين".
"قطع المساحة بين المعارضة والنظام"
وحذّر
مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في أوروبا، كريم طه، من مغبّة تصويت البرلمان على
مثل تلك التعديلات على قانون "يمنح متنفسا للمحبوسين في آلاف القضايا السياسية"،
مشيرا إلى أن "النظام المصري ليس بحاجة إلى تعديلات من هذا القبيل".
وأكد،
في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا التعديل سيقضي على المساحة الوحيدة الموجودة
بين المعارضة والنظام من خلال تخفيف الاحتقان داخل المجتمع المصري من جهة، وتخفيف التكدس
داخل السجون من جهة أخرى، كما أنه ليس بحاجة لتعديل المادة في ظل وجود (سياسة التدوير)".
وأشار
طه إلى أن مثل هذا التعديل سيؤثر بشكل سلبي على صورة مصر خارجيا، قائلا: "مصر
ستشارك في أعمال الدورة 43 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف في آذار/ مارس المقبل، ومن المقرر
أن يقدم الوفد المصري الممثل عن الحكومة المصرية رده على توصيات بعض الدول التي اعتمدها
المجلس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي".
"الإفراج بيد السيسي"
وزعم
رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري، علاء عابد، أن "الإفراج تحت شرط لمن
أمضى نصف مدة العقوبة أدى لخروج أشخاص دعموا الإرهاب بيننا، ويشكلون خطورة على الأمن
العام والأجيال القادمة"، بحسب قوله.
وتفاخر،
في تصريحات برلمانية داخل المجلس، بأن "السيسي هو أكثر رئيس استخدم نص المادة
155 في الإفراج أو العفو من العقوبة، من خلال الإفراج عن (30 ألف) شخص ممن لم يرتكبوا
جرائم في حق الوطن،" على حد قوله.
وتمنح
155 من الدستور المصري رئيس الجمهورية الحق في إصدار قرارات بالعفو الرئاسي عن المسجونين
بأحكام نهائية، إذ تنص المادة على أنه "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء
العفو عن العقوبة، أو تخفيفها".
"تمدد الجناح الاستئصالي"
بدوره،
اعتبر الناشط الحقوقي، هيثم أبو خليل، أن "مثل تلك التعديلات المتكررة رغم أنها
مخالفة للدستور، إلا أنها حالة من المكايدة الشديدة ضد المعارضين المحبوسين"،
مشيرا إلى أن "الجناح الاستئصالي الموجود في نظام السيسي يتمدد وينتصر".
وانتقد،
في تصريحات لـ"عربي21"، غياب دور المحكمة الدستورية في التعقيب على عشرات،
بل مئات القوانين، قائلا: "كل هذه التعديلات غير دستورية، وللأسف لا تعلق المحكمة
الدستورية منذ عام 2013 على مثل تلك المخالفات، ولم نشعر بوجودها، رغم أن السيسي انقلب
على الدستور مرارا في قوانين مثل قانون الطوارئ، وتمديد وتأبيد حكمه".
وحذّر
أبو خليل من أن "هذا التعديل يجعل من السيسي الشخص الوحيد القادر على الإفراج
عن المحبوسين، وهو للأسف يستخدمها للإفراج أيضا عن القتلة من الضباط رجال الأعمال،
وأمناء الشرطة، والمخبرين؛ فإذا بحثنا في الإفراجات نجد أنه يستفيد منها القتلة، كالعفو
الأخير".
وأكد
أبو خليل أن "ما يجري هو زيادة في التنكيل بحق المعارضين، أما المجرمين والقتلة
لهم جميع الامتيازات بدعم القمع الذي يتمدد في ظل عجز المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية
الكبيرة التي أصبحت بياناتها حبرا على ورق".
13 سفيرا يجتمعون لمناقشة "حقوق الإنسان" بمصر.. ماذا بعد؟
مطالب حقوقية بتقييد مدة الحبس الاحتياطي في مصر
"التدوير" يطال أبوالفتوح.. لماذا يصر السيسي على التنكيل به؟