نشر موقع "ذي كونفرسيشن" الأسترالي، مقالا للمحاضر في العلوم الطبية الحيوية بجامعة برونيل لندن، "رونان مكارثي"، تحدث فيه عن احتمالية زيادة البكتيريا القاتلة المقاومة للمضادات الحيوية نتيجة لانتشار فيروس كورونا.
وأشار الباحث في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الضرر الذي تلحقه جائحة كورونا بالعالم لا يقتصر على خسارة الأرواح أو الخسائر المادية، بل إنها قد تؤدي لزيادة انتشار الجراثيم والبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
وقال مكارثي إن الجهود البطولية للباحثين ستساعدنا في مجال الرعاية الصحية على مستوى العالم، وفي النهاية السيطرة على الوباء، حيث سيكون هناك انخفاض في معدل الإصابات الجديدة.
وأضاف أنه لا يزال العالم محقا في التركيز على الضرر الذي يسببه هذا الوباء والخسائر المدمرة في الأرواح والتأثير على الأعمال التجارية وسبل العيش، لكننا نحتاج أيضًا إلى النظر في الأزمات السائدة الأخرى التي تؤثر على أنظمة الرعاية الصحية لدينا، وأيضا علينا توقع التأثير الذي ستحدثه جائحة كورونا عليها.
ولفت إلى أن مقاومة المضادات الحيوية تعد من أكبر التهديدات لأنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم، حيث أدى نقص المضادات الحيوية الفعالة وظهور البكتيريا المقاومة للأدوية الموجودة حاليا إلى أزمة مقاومة المضادات الحيوية.
اقرأ أيضا : 5 طرق لعلاج مصابي كورونا ساهمت بزيادة المتعافين بتركيا
وقال :"لكن ليس لدينا إمدادات لانهائية من المضادات الحيوية لتحل محل التي لم تعد فعالة، وبالكاد يتم تطوير أية مضادات حيوية جديدة، وفي هذه الأثناء، أصبحت البكتيريا مقاومة لمزيد من المضادات الحيوية في الاستخدام الروتيني وحتى للمضادات الحيوية في الملاذ الأخير "الأدوية ذات الآثار الجانبية الشديدة التي يتم استخدامها فقط عندما تفشل جميع المضادات الحيوية الأخرى".
وكشف عن وصول الحالة الطبية اليوم إلى نقطة "تظهر فيها العدوى في المستشفيات حول العالم، وتقاوم جميع المضادات الحيوية المعروفة".
الالتهابات الثانوية
أدت جائحة كورونا إلى دخول أعداد كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة إلى المستشفيات، والتي تُعد بيئة خصبة لتكاثر البكتيريا المقاومة للأدوية، وبالتالي وبسبب هذا التدفق سيكون لهذه البكتيريا المرتبطة بالمستشفى الآن مجموعة مستهدفة محتملة أوسع بكثير.
وتشير الدلائل الأولية إلى أن أعدادًا كبيرة من مرضى كورونا يتم تشخيصهم بالتهابات ثانوية أثناء وجودهم في المستشفى، وإلى الآن لم يتم استكشاف مصدر هذه العدوى وطبيعتها الخاصة بشكل كامل، ولكن هناك بعض الأدلة على أن البكتيريا المقاومة للأدوية هي من بين الجراثيم المسببة لهذه العدوى الثانوية.
ويبدو أن هذه العدوى الثانوية لها تأثير على بقاء المريض على قيد الحياة، حيث أظهرت بيانات من مدينة ووهان الصينية والتي انتشر منها الوباء، أن نصف مرضى كورونا والذين توفوا لديهم عدوى ثانوية، وذلك لأن العديد من هذه البكتيريا المرتبطة بالمستشفى يتم تكييفها خصيصًا لتحديد العدوى في الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة.
أيضا هناك عامل آخر سيكون له تأثير كبير على أزمة مقاومة المضادات الحيوية، وهو الاستخدام الواسع النطاق للمضادات الحيوية في مرضى كورونا.
وتشير البيانات الأولية إلى أن أكثر من 90 في المئة من مرضى كورونا يتلقون أيضًا علاجًا مضادًا للبكتيريا، وبالتالي فإنها ستؤدي هذه الزيادة السريعة في استخدام المضادات الحيوية وخاصة في المستشفيات، إلى الضغط الانتقائي القوي على البكتيريا لتطوير المقاومة، ومن المحتمل أن يساهم ذلك في زيادة حالات الإصابة بحالة تسمى مقاومة الأدوية في الأشهر والسنوات التي تلي انتهاء الجائحة.
وأشار تقرير نُشر في عام 2016 إلى أنه بحلول عام 2050، يمكن أن يموت 10 ملايين شخص سنويًا من عدوى مقاومة للمضادات الحيوية، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التنبؤ لم يأخذ في الحسبان التأثير المدمر لكورونا، فمن المؤكد أنه يجب مراجعة هذا الجدول الزمني.
ومع ذلك، فإنه يتم بذل جهود متضافرة لفهم استخدام المضادات الحيوية بشكل أفضل في مرضى كورونا، حيث أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية للتو دراسة لتتبع استخدام المضادات الحيوية ومعدل العدوى الثانوية بين مرضى الفيروس التاجي، وسوف تساعد نتائج مثل هذه الدراسات في توجيه الأطباء حول موعد وكيفية وصف المضادات الحيوية لمرضى هذه الجائحة.
عدم إعطاء مضادات حيوية إلا في حالات معينة
بدورها أشارت استشارية الهندسة الوراثية والباحثة فاطمة عناية، إلى أن "استخدام المضادات الحيوية بكثرة بشكل عام سواء لمرضى كورونا أو لغيرهم يؤدي إلى ظهور كائنات حية دقيقة وخاصة بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية تسمى MRSA، والتي تتواجد بكثرة في المستشفيات، بالتالي فإنه لا علاقة لجهاز المناعة بالأمر".
وقالت عناية في حديث لـ"عربي21": "لم يتم إعطاء المضادات الحيوية لكل مرضى كورونا في جميع أنحاء العالم، وإنما فقط Anti-inflammatory وهوType 2/ paracetamol والذي يشمل البنادول وعائلته، وحتى منظمة الصحة العالمية تستخدم هذا النوع من الأدوية".
وأوضحت أن "المضادات الحيوية يتم إعطاؤها لمرضى كورونا الذين تكون لديهم أعراض قوية في الجهاز التنفسي السفلي، مثل ضيق التنفس وصعوبة في أخذ نفس عميق والإحساس بأن كمية الأكسجين التي تصل للدم من الرئتين قليلة".
ولفتت إلى أنه "حينما يتم إعطاء مرضى كورونا مضادات حيوية يكون ذلك حتى لا يحدث لديهم التهابات بكتيرية مصاحبة للالتهاب الفيروسي".
وحول الخيار الأنسب لعلاج مرضى كورونا كي لا يزداد ظهور البكتيريا المقاومة للأدوية قالت عناية: "الحل الأنسب هو عدم استخدام المضادات الحيوية لجميع مرضى كورونا بل في حالات معينة، مثل إصابة المريض بالتهاب في الجهاز التنفسي السفلي فقط".
وأضافت: "أيضا تختلف أعراض كورونا من مريض لآخر، فبعضهم فقط أصيب بالإسهال أو ارتفاع درجة الحرارة، والكثير منهم لا يعاني من التهاب في الجهاز التنفسي السفلي، والتالي فلا حاجة لإعطائهم مضادات حيوية".
ونصحت بإعطاء المرضى سوائل كثيرة وفيتامينات مثل Aو Cو E، وذلك لتقوية المناعة، مع إعطائهم خافضا للحرارة مثل الباراسيتامول.
مصور جونسون يخضع لعزلة ذاتية بعد ظهور أعراض كورونا عليه
5 أسئلة ليست لها إجابة واضحة عن وباء كورونا
في الحجر الصحي.. هل من الآمن أن تطلب طعاما من الخارج؟