نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا يتناول معاناة النظام السوري من أزمة اقتصادية أدت لانهيار العملة السورية وخلافات نادرة داخل عائلته.
وقال معد التقرير بن هبارد، مراسل الصحيفة في بيروت، إن رواتب الحكومة السورية أصبحت بلا قيمة وانتشرت صور على منصات التواصل الاجتماعي تظهر أشخاصا وهم يلفون السجائر بأوراق العملة السورية.
وأكد في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن حكومة النظام السوري تعاني نقصا في السيولة النقدية لدرجة باتت فيها تضغط على رجال الأعمال لكي يساهموا في تمويل الدولة. وهو تحرك قاد إلى انتقاد من أكبر أثرياء البلاد.
واعتمد الأسد على مدى السنوات الماضية على القوة المفرطة لتركيع مناطق المعارضة التي انتفضت ضده عام 2011، وأصبحت الحرب الآن وراء ظهره حيث يواجه تهديدات لا يمكنه إخضاعها بالقوة العسكرية.
وقال إن خروج واحد من أفراد الدائرة المغلقة حول الأسد العلني يقترح أن سيطرته على السلطة أصبحت ضعيفة. فيما ستزيد العقوبات الأمريكية المشددة التي ستبدأ الأربعاء من الأمور سوءا.
اقرأ أيضا: صندي تايمز: الأزمة الاقتصادية أضعفت الأسد أكثر من الحرب
وقال داني مكي، المحلل السوري في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "مشكلة الأسد أنه لا يملك حلا. وستخلق الأزمة الاقتصادية أمام خيارات صعبة مثل الحديث مع الأمريكيين وتقديم تنازلات أو مواجهة ما يمكن أن يكون انهيارا اقتصاديا".
وخنقت الحرب الاقتصاد السوري وخفضته إلى ثلث ما كان عليه قبل الحرب التي أدت إلى خسارته مئات مليارات الدولارات.
وتبلغ نسبة السوريين الذين يعيشون في الفقر 80 في المئة ونسبة العاطلين عن العمل بنهاية عام 2019 بلغت 40 في المئة.
وزادت معدلات البطالة بعد القيود التي فرضتها حكومة النظام السوري على السكان لمنع انتشار فيروس كورونا. وفاقم انخفاض العملة السورية من حجم الأزمة.
فقبل الحرب كان الدولار يعادل 50 ليرة سورية وزادت إلى مئات وتضاعف بسبب الأزمة المالية في لبنان.
ومنعت القيود التي مارستها الحكومة اللبنانية على سحب العملة الصعبة السوريين الذين يحتفظون بأرصدتهم هناك من سحب الدولارات.
ووصلت قيمة الدولار في الأسبوع الماضي إلى 3.500 ليرة سورية، ما دمر القدرة الشرائية لموظفي الحكومة.
وتضاعفت أسعار المواد الغذائية المستوردة مثل السكر والأرز والطحين. ويقول مكي وجميل السيد، مدير المخابرات اللبناني السابق، إن الحكومة تضغط على رجال الأعمال للمساهمة في مالية الحكومة ودفع الرواتب والخدمات.
ودفع معظم الذين ضغطت عليهم حكومة الأسد، لكن لا يعرف حجم ما دفعوه. إلا أن رجل الأعمال الثري رامي مخلوف والذي يملك سيرياتل وشركات نفط رفض الضغوط، بشكل كشف عن انقسام نادر داخل المستويات العليا في المجتمع السوري.
واستخدم مخلوف وهو ابن خال الرئيس العلاقة مع النظام، لكي يصبح أثرى رجل في سوريا. ووضعت الولايات المتحدة مخلوف على قائمة العقوبات عام 2008 بتهم الفساد وجمدت أرصدته في الولايات المتحدة ووصفته "واحدا من أهم مراكز الفساد في سوريا".
وقالت الخزانة الأمريكية إن مخلوف "بنى إمبراطورية مالية واستغل علاقاته مع رموز النظام السوري" و"تلاعب بالنظام القضائي السوري واستخدم المسؤولين الأمنيين لاستفزاز منافسيه التجاريين".
وعندما رفض مخلوف المساعدة شددت الحكومة الخناق عليه وحرمته من العقود مع الدولة وجمدت أرصدته وفرضت رسوما على سيرياتل بـ180 مليون دولار. وعندها بدأ مخلوف بنقد الحكومة في سلسلة من أشرطة فيديو نشرها على "فيسبوك"، واشتكى من اعتقال موظفي شركته وقدم نفسه كراع للخدمات الأمنية وطالب الأسد بإصلاح الأمور.
وقال: "الوضع خطير"، مضيفا أن "استمرار الضغط عليه وعلى موظفيه سيجلب عقابا إلهيا".
وتقول الصحيفة إن محاولات التواصل مع مخلوف عبر حسابه على منصات التواصل لم تنجح.
اقرأ أيضا: هل يمهد قانون "قيصر" الأمريكي لإسقاط النظام السوري؟
ويقول المحللون والمقربون السابقون من الأسد إن هذا الخلاف العلني يكشف عن هشاشة داخل الطبقة الداخلية حول الأسد.
ونقلت عن فراس طلاس، المقرب السابق من الأسد والذي انشق مع بداية الحرب قوله: "يعاني النظام من مشاكل اقتصادية وغيرها وإلا لم يكن رامي ليتجرأ على نشر أشرطة الفيديو هذه".
وفي محاولة لحرف النقد عنه قام الأسد يوم الخميس الماضي بعزل رئيس وزرائه عماد خميس. وخشية أن يتسرب التذمر إلى المناطق التي جرى إخضاعها، قامت قوات الأمن باعتقال عدد من المواطنين الذين كتبوا عن الفساد والتدهور الاقتصادي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ففي نيسان/ إبريل، كتب أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق زياد زنبوعة على صفحته في "فيسبوك" أنه عزل من منصبه بعدما تحدث علنا عن تحلل الطبقة المتوسطة.
وقال: "لماذا يعاقب أستاذ جامعي في مؤسسات الدولة والقانون؟ لأنني ارتكبت أعظم الجرائم: تكلمت".
وزاد الغضب وسط أبناء الطائفة العلوية الذين قاتلوا من أجل النظام وتوقعوا مكافآت بعد الحرب ليجدوا الفقر.
وقال رجل علوي مع أقاربه في الجيش إن انهيار العملة جعل من راتبه بلا قيمة، حيث أصبح الجنرالات يحصلون على ما يقابل 50 دولارا في الشهر.
ولم يرد الأسد على انتقادات مخلوف، ولكنه لام المتآمرين على سوريا وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل والسعودية وغيرها. ومن النادر ما تحدث عن المعاناة الاقتصادية لأبناء وطنه، ولكنه اعترف الشهر الماضي أن القيود على التجارة وحركة الناس بسبب فيروس كورونا تركت السوريين عالقين "بين الجوع والفقر والحرمان من جهة، والموت من جهة أخرى".
وتساءل بعض المسؤولين عن كيفية رد سوريا الأموال التي أنفقت في الحرب. ويقول مكي: "لن يرمي الروس والإيرانيون المال في سوريا، بل ينتظرون ثمارا لقطفها".
FP: الأسد يخسر دعم طائفته والأرض تهتز تحت أقدامه
موقع روسي: محاولة موسكو لتقليص نفوذ إيران تلقى مقاومة
MEE: حكم فرنسي مرتقب بدعوى ضد "رفعت الأسد"