السيسي يصنع "لوبياً" بواشنطن.. هل ينجح بتبييض صورته؟

كشفت وزارة العدل الأمريكية عن توقيع الحكومة المصرية عقدا مع شركة علاقات عامة بالولايات المتحدة لتحسين صورة رأس النظام المصري عبد الفتاح السيسي أمام صانع القرار بالإدارة الأمريكية الجديدة، إثر إعلان الديمقراطي جو بايدن، فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية.

العقد الذي نشرته وزارة العدل الأمريكية، وقعه سفير مصر في واشنطن معتز زهران، مع شركة العلاقات العامة "براونشتاين حياة فاربر" الأمريكية (Brownstein Hyatt Farber Schreck)، الاثنين 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، لمدة عام، فيما تبلغ تكلفته نحو 65 ألف دولار شهريا، (780 مليون دولار سنويا)، بحسب موقع "فورين لوبي".

ويلزم قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) لسنة 1938، والذي ينظم عمل الشركات مع حكومات أجنبية، تسجيل مثل هذه العقود لدى وزارة العدل الأمريكية، التي تعلن عنها وفقا للقانون الذي يلزم الحكومة المصرية بالكشف عن مثل تلك العقود.

توقيت الاتفاق المصري مع الشركة الأمريكية الذي تم بمدينة "دنفر"، يكشف حجم المخاوف لدى السلطات المصرية من مغادرة الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، والذي كان يصف السيسي بأنه ديكتاتوره المفضل، وفي ظل إدارة بايدن، الذي وجه انتقادات لملف مصر الحقوقي، وفق مراقبين.

"سجل حافل منذ الانقلاب"

ويأتي هذا التوجه من النظام العسكري الحاكم في مصر استكمالا لما قام به من تعاقدات مع شركات أمريكية عديدة بدأها إثر الانقلاب العسكري منتصف العام 2013، وارتكابه مجزرة "رابعة العدوية"، وما نتج عنها من إعلان أمريكي في مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2013، تجميد بعض مساعداتها لمصر.

وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 2013، أعلنت الخارجية المصرية تعاقدها مع شركة "جلوفر بارك" للعلاقات العامة صاحبة السمعة والنفوذ لدى مراكز صنع القرار الأمريكية.

اقرأ أيضا: موقع أمريكي: السيسي ينشىء شركة لتلميع صورته أمام بايدن

وفي آب/أغسطس 2014، اتفقت الحكومة المصرية مع شركة أمريكية للقيام بحملة علاقات عامة دولية تهدف لتصحيح الصورة الذهنية عن مصر وتنشيط حركة السياحة.

وإثر فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قامت جهات أمنية مصرية بالتعاقد مع شركات مقربة من الحزب الجمهوري بقيمة 1.2 مليون دولار سنويا إضافة إلى مصاريف أخرى قد تطلبها هذه الشركات.

وكشفت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية في آذار/ مارس 2017، عن تعاقد المخابرات المصرية في 28 كانون الثاني/يناير 2017، مع شركة "ويبر شاندويك" الأمريكية للعلاقات العامة لتحسين صورة القاهرة لدى البيت الأبيض.

وفي كانون الثاني/يناير 2019، تحدثت وزيرة التعاون الدولي سحر نصر، عن دور الشركات الأجنبية في الترويج لمصر وتنظيم الزيارات الخارجية للرئيس والوزراء.

وكشفت وزارة العدل الأمريكية حينها عن تعاقد مصر مع شركة "ويبر شاندويك" Weber Shandwic للعلاقات العامة بهذا الهدف، وهو العقد الذي تم فسخه بعد 6 أشهر من توقيعه.

وفي شباط/فبراير 2019، أنهت الحكومة المصرية تعاقدا أبرمته بقيمة مليوني دولار مع شركة العلاقات العامة الأمريكية "جلوفر بارك"، منذ العام 2013.

وأمام هذا السجل الحافل لنظام السيسي في التعاقد مع الشركات الأمريكية على مدار 7 سنوات، هل ينجح التعاقد الجديد في تبييض صفحة السيسي أمام الإدارة الأمريكية الجديدة؟

"لن تجدي نفعا"

الناشط الحقوقي المصري حجاج نايل، قال إن "الطريق الوحيد لتحسين صورة النظام المصري المستبد هو الإفراج عن المعتقلين، ووقف التعذيب والاختفاء القسري، والمنع من السفر".

رئيس البرنامج العربي لنشطاء "حقوق الإنسان"، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه يجب على النظام المصري لتحسين صورته: "كفالة وصون الحقوق والحريات، وعلى رأسها حريات الرأي والتعبير، والحق في التجمع، وتكوين الجمعيات".

ويجب عليه أيضا "كفالة الحق في الحياة وسلامة الجسد، واحترام القوانين والمساواة أمام القانون، واحترام الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ورفع يد الأجهزة الأمنية عن كافة شؤون الحياة بمصر".

ويعتقد الحقوقي المصري، أن "مثل هذه المحاولات بالاستعانة بشركات العلاقات العامة لن تنجح في إزالة الوجه القبيح لنظام السيسي، وربما كانت تنجح في عهد حسني مبارك، لعدد من الاعتبارات".

اقرأ أيضا: NYT: كورونا كشف زيف وعد السيسي بتحسين الخدمات الصحية

وأوضح أن "مبارك رغم فساده واستبداده، كان قارئا للمشهد السياسي جيدا، وكان يعمل حسابا للتوازنات المتعلقة بحقوق الإنسان، وقدم هامشا من الديمقراطية يسمح لعمل الأحزاب والمجتمع المدني".

وأضاف: "لكن للأسف هذه المحاولات لن تنفع مع السيسي، لأن سقف انتهاكات حقوق الإنسان في عهده تجاوز الخطوط الحمراء، حتى لو دفع مليارات الدنيا كلها فالوجه الأسود لسجله في حقوق الإنسان سيظل يطارده من قبل مجموعات الضغط في أمريكا والغرب".

"موجه للشعب الأمريكي"

ومن وجهة نظره، قال رئيس تحرير موقع "رسالة بوست" الكاتب الصحفي، أحمد الهواس: "ليس المقصود هو تلميع السيسي عند الإدارة الأمريكية القادمة، فهذا غير دقيق، فالسيسي منقلب بطلب وترتيب أمريكي زمن باراك أوباما حين كان بايدن نائبا له".

ويعتقد الهواس، في حديثه لـ"عربي21"، أن "التلميع هذا موجه للرأي العام الأمريكي، بأن ثمة حاكما في مصر يمنع الإرهابيين من الإضرار بإسرائيل، وهو ليس دكتاتورا، بل لديه برلمان ونواب وقضاء وصحافة، ولكنه في حرب ضد الإرهاب وهذا يفرض عليه التضييق قليلا على الحريات".

وأوضح أن "هذه الشركات وسواها ممن تعمل على تلميع صورة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، والسوري بشار الأسد، وبقية الطغاة هي "شركات صهيونية"".

وأكد على أن "الإعلام يخضع لسيطرة فئة قليلة، وهو من يشكل الوعاء الفكري والذهني للمواطن الأمريكي، فهو يستقي معلوماته من عدد محدود من المحطات الكبرى، فضلا عن أن نحو 50 ألف إذاعة دينية موجهة، هي من تغذي ما بات يعرف بالصهيونية المسيحية".