وجه نشطاء انتقادات حادة للائتلاف السوري المعارض، بعد إعلانه عن إنشاء "المفوضية العليا للانتخابات"، باتفاق فعاليات وهيئات ثورية معارضة لنظام بشار الأسد.
وعلى مدار اليومين الماضيين، أصدرت أكثر من هيئة سورية بيانات رافضة لإنشاء "المفوضية"، واصفة الخطوة بـ"الخرق لبيان جنيف 1، وتراتبية الحل السياسي وفق القرار الأممي 2254".
وكان الائتلاف المعارض عمد إلى إنشاء "المفوضية العليا للانتخابات"، التي ستقوم بأعمالها بعد "تأمين البيئة الآمنة والمحايدة تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقا لمقتضيات بيان جنيف 1 والقرار الدولي رقم 2254".
وحدد نص بيان تشكيل "المفوضية" أهدافها بـ"تمكين قوى الثورة والمعارضة السورية -من خلال ممثلها الشرعي- من المنافسة في أي انتخابات مستقبلية رئاسية وبرلمانية ومحلية، وتهيئة الشارع السوري لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي".
اقرأ أيضا: انعقاد الجولة الرابعة للجنة الدستور السورية نهاية الشهر
وكذلك من مهامها وضع خطط واستراتيجيات، وتنفيذها، والتحضير للمشاركة في الاستحقاقات السياسية المقبلة، بما في ذلك الاستفتاء على مشروع الدستور، ونشر الوعي للمشاركة فيها، وتعزيز شرعية قوى الثورة والمعارضة السورية، وإيجاد الآليات الكفيلة بتحقيق أوسع مشاركة للسوريين في الداخل والخارج، والتعاون والتنسيق مع القوى الاجتماعية المدنية والسياسية في الداخل السوري، بما فيها الموجودة في أماكن سيطرة النظام، وفي دول اللجوء والمهجر، عبر كل الطرق المتاحة، أو الوصول لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.
وفي حديث خاص لـ"عربي21"، أكد رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانوني، المحامي أنور البني، أنه ليس من صلاحية الائتلاف إجراء انتخابات أو المشاركة فيها، وإنما هي من مهام مجلس الحكم الانتقالي.
وأضاف أن "الإعلان عن المفوضية يعني تجاوزا لمطلب الحكم الانتقالي، والالتفاف على هذا المطلب، بالتمهيد للمشاركة في الانتخابات التي سيجريها النظام السوري".
وتابع البني بأن "ما يجري هو تطبيق للرؤية الروسية للحل في سوريا، حيث بدأت روسيا بالعمل على طي مطلب الانتقال السياسي، منذ تشكيل "اللجنة الدستورية"، لأن صياغة الدستور يجب أن تبدأ بعد الدخول في مرحلة انتقالية، واليوم جاء تشكيل المفوضية لينهي أي أمل بالبدء بمرحلة الانتقالية".
وبحسب المحامي، فإن إجراء انتخابات بمشاركة المعارضة "يعد تنازلا عن تضحيات الشعب السوري، إذ ينص القرار الأممي 2254 على الدخول بمرحلة انتقالية، وإعادة اللاجئين، وصياغة دستور، انتهاء بإجراء انتخابات بعد استقرار الحالة الوطنية".
الائتلاف يوضح
وبعد الانتقادات التي تعرض لها، أكد الائتلاف، في بيان، رفضه أي عملية سياسية يشارك فيها رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وقال إن الهدف من المرجعية هو "تمكين قوى الثورة والمعارضة السورية، من خلال ممثلها الشرعي، من المنافسة في أي انتخابات مستقبلية، سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية، وتهيئة الشارع لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي".
وأضاف أنه "لا بديل عن هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات، وأنه لا يمكن القبول أو المشاركة بأي انتخابات بوجود هذا النظام المجرم".
وفي الإطار ذاته، قال نائب رئيس الائتلاف، عقاب يحيى، في حديث لـ"عربي21"، "إن الهدف الرئيس من تشكيل المفوضية هو التحضير لانتخابات وفق قرارات الأمم المتحدة، وليس لمشاركة بشار الأسد".
وأَضاف أن الائتلاف غير مقتنع بأن انتخابات نزيهة قد تجري في سوريا، تحت إشراف النظام أو بوجوده، قائلا: "سنعمل على مقاطعتها وإفشالها، لكن بالمقابل يفترض أن يكون لدينا بديل".
اقرأ أيضا: الائتلاف: روسيا تخطط لجلب الأموال من "مؤتمر اللاجئين" بدمشق
وتابع يحيى: "منذ فترة، ونحن نفكر في كيفية التعامل مع الوضع الراهن، إذ إنه من الواضح أن هناك عدم اكتراث دولي بتحقيق أي حل سياسي. ومجددا رفض الائتلاف أي مشاركة في الانتخابات بوجود الأسد ونظامه".
وفي تعليقه على ذلك، اعتبر الكاتب الصحفي، درويش خليفة، أن قرار الائتلاف السوري يتنافى مع ما خرجت من أجله ثورة الشعب السوري من حيث المطالبة بإسقاط النظام، بعد أنت كانت الشعارات الأولى تنادي بوحدة سوريا وحرية شعبها، وإصلاح مؤسسات الدولة، ومكافحة الفساد، ولكن استخدام النظام للآلة العسكرية في قمع مطالب الشعب السوري الحقة أدى إلى التصعيد، والمطالبة بالتدخل الدولي، أسوة في الجماهيرية الليبية، وإسقاط النظام بكافة أركانه، وبالذات الركن الأمني الذي كان سببا في بقاء النظام على رأس السلطة طيلة خمسين عاما في عهد الأسدين.
وقال لـ"عربي21"، جاء في بيان المرجعية، أنها تهدف إلى "تمكين قوى الثورة والمعارضة السورية -من خلال ممثلها الشرعي- من المنافسة في أي انتخابات مستقبلية رئاسية وبرلمانية ومحلية، وتهيئة الشارع السوري لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي"، وكأن المطلوب من مجتمع الثورة السورية ومناهضي النظام تمكين ودعم فريق (ممثلها الشرعي) في المنافسة في الانتخابات المقبلة، وفي تسلسل مراحلها.
وأضاف: "بهذا يكون الفريق المقصود محتكرا لدخول الانتخابات، دون غيره من القوى التي التقاها في بداية تسلم رئيس الائتلاف مهامه، ومطالبته للقوى المعارضة من خارج الائتلاف في المشاركة في الاستراتيجية والخطاب الوطني، وهذا إذا اعتبرنا أن الأمر غير قابل للجدال بخوض الانتخابات في ظل التداخلات الإقليمية والدولية المتعددة في سوريا".
وبحسب خليفة، فإن النظام الداخلي للائتلاف ينص على حل الائتلاف نفسه بمجرد الانتقال السياسي، أو إسقاط النظام الحاكم في دمشق.
هل يعود اللاجئون السوريون إلى بلادهم استجابة للأسد؟
بعد فوز بايدن.. النظام يتوعد "قسد" والأخيرة تغازل تركيا
واشنطن تضغط لتدارك فشل مفاوضات "قسد وحزب العمال"