أشارت صحيفة "التايمز" إلى أن الثورة السورية التي ستحل ذكراها العاشرة قريبا، كانت عاملا في تغير الغرب والعالم بشكل كبير.
وأسهمت الثورة بحسب تقرير الصحيفة الذي أعده مراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، وترجمته "عربي21"، في الاستقطاب السياسي الأوروبي وصعود اليمين المتطرف.
وقال التقرير إن سوريا لم تتحول إلى بلد مثل الغرب ولكن الغرب هو من استورد النزاع السوري، بهجماته الإرهابية، والاستقطاب السياسي ونقاشاته الطائفية الشرسة حول الدين والهوية الوطنية.
وبرز فيها ساسة شعبويون مثل نايجل فاراج إلى السلطة عبر مناظر ملايين السوريين الذين فروا إلى الشمال والغرب.
وأدى النقاش حول ما يجري في سوريا وبخاصة الهجمات الكيماوية إلى ظهور مصطلح "أخبار مزيفة" واستخدامه في الاستغلال السياسي.
وفوق كل هذا أدى فشل الثورة إلى انتشار عدم الثقة بفكرة الديمقراطية نفسها، مما عزز النظام المدعوم من روسيا والصين.
وقال جيمي شاهينيان، من الرقة والذي شارك في أيام الثورة الأولى واعتقل وعذب أكثر من مرة: "أصبحت سوريا ساحة للقوى الدولية للتنافس عليها". وفر شاهينيان في النهاية بعد سيطرة تنظيم الدولة على الرقة وأنشأ ديكتاتوريته الخاصة وتبع خط المهاجرين إلى ألمانيا.
وقال: "أنا سوري وبلدي سوريا وأنتمي إليها" وأنا معتدل سوري بعيدا عن انتمائي العرقي أو الديني وأنا فخور بهذا، لكن سوريا الآن مهشمة وحزينة ومفككة.
ولكن ليست سوريا وحدها هي التي تعيش أزمة بل كل العالم، كما أشار رامي، الناشط السابق والذي يعيش في أستراليا و"في سوريا حصلنا على شرف السبق".
ويقول شاهينيان: "أنتمي إلى مدرسة السلمية لا العنف" و"عارضت دائما عسكرة الثورة". وسيطر على المعارضة المسلحة المنشقون عن الجيش، ومع مرور الوقت حازوا على دعم ناشطين في مجال الإسلام السياسي، سواء كانوا من المعتدلين مثل الإخوان المسلمين أو الجماعات الجهادية الدولية المتشددة.
ومع إطلاق النار على المتظاهرين واعتقال ناشطين مثل شاهينيان أو هروبهم للمنفى بات النزاع أكثر عنفا وتطرفا.
اقرأ أيضا : معرض بإسطنبول للتذكير بالأطفال ضحايا النظام السوري (شاهد)
وأصبح حس الاستقطاب عنصرا أساسيا في السياسة العالمية وليس من المبالغة القول إن هذا بدأ في سوريا.
وفي الوقت الذي غذى فيه اليمين المتطرف واليسار المتطرف بعضهما البعض في الغرب، فقد حدث كل هذا هناك حيث بدأت تتكشف الثورة وبقوة لا تقاوم.
فقد انشق تنظيم الدولة عن القاعدة وسيطر على الرقة بحلول 2014، وبدأ بممارسة نفس الأساليب على السكان كتلك التي مارسها النظام، واستهدف نفس الشباب المعارضين الليبراليين.
وكان هدف التنظيم هو زرع الخوف في قلوب الغرب وليس الإطاحة بنظام الأسد. وفي تحد له، قام بذبح عمال الإغاثة والصحافيين ودعم عمليات إرهابية في الخارج مما دعا إلى تدخل غربي لردعه.
وربما لم يكن هدف التنظيم إنشاء خلافة ولكن تحريض المسلمين وغير المسلمين على بعضهم البعض في الغرب الذي تعيش فيه كثافة سكانية مسلمة كبيرة.
وكانت أهم لحظة في الحرب السورية هي الهجمات الكيماوية على الغوطة الشرقية في ضواحي العاصمة دمشق، أب/أغسطس 2013 وهي المنطقة التي كانت تحت سيطرة المعارضة.
وكرد على الهجمات صوت البرلمان البريطاني في اقتراع غير مسبوق على عمل عسكري حيث عارض زعيم العمال إد ميليباند القرار الذي تقدم به رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ودعا فيه إلى تشريع استخدام القوة ضد النظام السوري.
وأنهى البرلمان الاعتقاد السائد عن دور الحكومة بتحديد السياسة الخارجية وأرسل رسالة صادمة لواشنطن.
ورد الرئيس باراك أوباما بالتخلي عن الحل العسكري بمفرده مما سمح للنظام السوري باجتياز الخط الأحمر الذي وضعه أوباما حالة استخدمت دمشق السلاح الكيماوي، وترك أثرا كارثيا، حيث التزم الرئيس دونالد ترامب الذي تعهد بالخروج من حروب الشرق الأوسط بشكل عام، بالحذر وأصدر أوامر بضرب أهداف للنظام مرتين بعد هجمات بالسلاح الكيماوي نفذتها قوات الأسد. وكان تخلي أوباما عن خطه الأحمر بمثابة فرصة لروسيا كي تسيطر على قصة الحرب.
وجاءت معظم الأدلة عن استخدام الأسلحة الكيماوية من النظام نفسه، فالمصادر المفتوحة ولقطات الفيديو التي وضعها جنود النظام على مواقع التواصل وصور الصواريخ التي لا يستخدمها سوى النظام كان وبشكل متناقض دليلا على ارتكابه جرائم كيماوية.
ولمواجهة هذا بدأ الإعلام الروسي بضخ قصص متناقضة ونشر نظريات غريبة عن قيام المعارضة بترتيب أعمال مسرحية للهجمات الكيماوية.
وولد مصطلح "الأخبار الزائفة" واستخدم كوسيلة في النقاش السياسي. وقال إليوت هيغنز الذي صنع اسمه من خلال فحص أشرطة الفيديو والتأكد من مصداقيتها منذ بداية الحرب السورية: "أثارت الحرب السورية الانتباه لأهمية محتويات الفيديو وكيفية استخدام المصادر المفتوحة للمحاسبة".
ولكنه تعرض لحملة نقد لاذعة على الإنترنت اتهمته بالعمالة للدولة البريطانية، وهي حملة لعبت لاحقا دورا في دفاع ترامب عن دور الروس في الانتخابات الأمريكية عام 2016.
ووجد اليمين واليسار في الغرب راحة في نظرية المؤامرة عن "الدولة العميقة" التي تحاول تشويه سمعة روسيا وحلفائها، ولا تزال تسهم في النقاش ببريطانيا وأوروبا عامة.
إندبندنت: الحرب المنسية في سوريا بعد 10 أعوام
NYT تكشف تفاصيل لقاء الأسد بصحفيين.. "طلب إلغاء برامج طعام"
التايمز: هل يمكن أن يصنع بوتين "سلاما" في الشرق الأوسط؟