بالرغم من أن النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الإسرائيلية لم تعلن بعد إلا أن النتائج الأولية ونتائج استطلاعات الرأي تشير إلى أن التنافس الحقيقي والكبير هو بين اليمين المتطرف واليمين العنصري الأكثر تطرفا وأن الأحزاب اليسارية وأحزاب اليمين والوسط لم تستطع أن تشكل بديلا لليمين. لذلك فمن المرجح أن يستمر اليمين المتطرف باشكاله المختلفة بالهيمنة على السياسة الإسرائيلية في المرحلة المقبلة إذا استطاعت تشكيل حكومة ائتلافية.
هذه النتائج تعكس استمرار صعود وتجذر اليمين المتطرف والعنصري الذي لا يخفي مشاعره العنصرية نحو الفلسطينيين والذي يرفض بتاتا فكرة الانسحاب من الضفة الغربية والقدس الشرقية لانه يعتبرها أرضا محررة وليست محتلة كما يقر القانون الدولي. النتيجة هو استمرار الاستيطان والتهجير للفلسطينيين وتهويد المسجد الأقصى.
المشكلة في التحول لليمين المتطرف انه لا يحصل على المستوى السياسي فقط بل يحدث داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه منذ سنوات وانه يأخذ طابعا دينيا حيث نشهد تداعياته على المستوى السياسي وبدرجة أقل على المؤسسة العسكرية.
ضمن معادلة اليمين الصهيوني المتطرف التي تجتاح إسرائيل يبدو نتنياهو أقل تطرفا بالرغم من وجود عناصر يمينية متطرفة في صفوف حزبه لانه ما يزال محسوبا على اليمين المتطرف السياسي وليس الديني.
حتى هذه اللحظة لا يوجد مؤشر على حصول أي معسكر على عدد المقاعد الضرورية لتشكيل الحكومة وهي 60 مقعدا. لذلك فان أيا من الأطراف سوف يحتاج لتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب اخرى. حتى هذه اللحظة تبدو الحظوظ متقاربة ولكن مع صعوبات كثيرة. ان حظوظ الأحزاب اليسارية وأحزاب الوسط في تشكيل حكومة ائتلافية ضعيفة جدا لانها سوف تحتاج للتحالف مع الأحزاب اليمينية ولكن لا يبدو أن ذلك ممكن ولكن من الممكن ان تدخل بتحالف بقيادة يمينية كما حدث بالسابق.
إذا لم يتمكن أي من الأطراف القوية تشكيل حكومة ائتلافية فالخيار سيكون بالذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة والتي ان حصلت ستكون الخامسة خلال سنتين. الانتخابات المبكرة ان حصلت سوف تؤدي إلى الاستمرار بالشلل في السياسة الإسرائيلية وخاصة المرتبطة بالمسار التفاوضي حيث لن تكون أي حكومة انتقالية قادرة للتوصل لتسوية سياسية مع الفلسطينيين وان رغبت بذلك لانها سوف تكون كالبطة العرجاء وحيث انه من المرجح ان تكون الحكومة الانتقالية برئاسة نتنياهو كونه رئيس الوزراء الحالي فانه لمن شبه المؤكد أن نشهد استمرارا بالسياسة الحالية وهي الاستمرار في عملية الاستيطان والتهويد. ومن شبه المؤكد ايضا ان تستمر سياسة التصعيد مع السلطة الفلسطينية والأردن كذلك.
إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية والشلل الذي تعاني منه سيلقي بظلاله على حظوظ السياسة الأميركية من خلال سياستها المعلنة بدعم حل الدولتين والتي لم يتمخض عنها أي خطة أو خطوات عملية حتى الآن. إن تم تعطيل أو تأخر التوجه الأميركي فإن نتائج الانتخابات الإسرائيلية سوف تكون خطوة حاسمة نحو تعزيز نظام الفصل العنصري أو الأبارتهايد وتراجع فرصة حل الدولتين.