تعالت الأصوات التركية لا سيما المعارضة، المطالبة بإغلاق قاعدة إنجرليك أمام القوات الأمريكية، ردا على إقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ"الإبادة الجماعية للأرمن".
وتوقع مراقبون أن تتخذ تركيا، خطوات تدريجية ردا على بيان بايدن حول أحداث 1915، بينها الانحلال من اتفاقية الدفاع والتعاون مع الولايات المتحدة.
إنجرليك هي قاعدة تركية
وردا على مطالبات المعارضة التركية، قال مصدر في وزارةالدفاع التركية، إن قاعدة إنجرليك الجوية والواقعة جنوب البلاد، تتبع للقوات التركية مباشرة وممتلكاتها وجميع منشآتها تعود للجمهورية التركية.
ولفت المصدر إلى أن الحكومة التركية تسمح للولايات المتحدة باستخدام القاعدة في إطار تدابير الدفاع المشترك، بموجب الاتفاقية الدفاعية.
ولفتت إلى أن القاعدة لا تستضيف عناصر دفاعية من الولايات المتحدة فقط، بل تستضيف كذلك عناصر من إسبانيا وقطر وبولندا.
وفي تقييمه على المطالبات بطرد القوات الأمريكية من القاعدة التركية، أوضح خبير السياسة الأمنية التركي ميتى يارار، أن هناك خطأ شائعا بشأن "إنجرليك، يقول إن قرار إنشائها تم بعد انضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسي، ولكن في الواقع كان القرار بعد مؤتمر عقد أثناء الحرب العالمية الثانية".
اقرأ أيضا: البنتاغون: لا نتوقع أي تغيير بالعلاقات العسكرية مع تركيا
وتابع في حديثه لقناة "سي أن أن" التركية، أن الأهمية التي اكتسبتها القاعدة في ذلك الوقت، هي نفسها الآن، ولم يتغير ذلك على الإطلاق، ولم تفقد أهميتها بأي شكل من الأشكال.
إغلاق القاعدة عام 1975 على خلفية عقوبات عسكرية
وأضاف أن إنشاءها جاء في إطار اتفاق "التعاون الدفاعي والاقتصادي" مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الجميع يقول إنه تم توقيع الاتفاقية لتعزيز صناعات الدفاع في تركيا، وزيادة التعاون الدفاعي والمساهمة في النمو الاقتصادي لتركيا، لافتا إلى أن مضمون الصفقة يتضمن أن تقوم واشنطن بالسعي جاهدة لحل المشاكل التي قد تتم مواجهتها.
وسبق لتركيا أن أغلقت القاعدة في عام 1975، على خلفية عقوبات الكونغرس الأمريكي عليها، والتي استهدفت توريد السلاح إليها على خلفية العمليات العسكرية في جزيرة قبرص.
وقال الخبير التركي، إن القرار الذي اتخذته حكومة الجبهة الوطنية آنذاك، كان صوابا، إلا أن إثارة الجدل مجددا بشأنها على خلفية الاعتراف بـ"إبادة الأرمن" ليس سليما.
وأوضح أن إغلاق القاعدة أمام القوات الأمريكية يجب أن يكون عندما تفرض الولايات المتحدة حظرا عسكريا على تركيا، وحينها يجب أن تعطي أنقرة الإجابة اللازمة بإنهاء اتفاقية الدفاع من جانب واحد.
وتابع بأن اتخاذ أي خطوات يجب أن يكون متعادلا مع خطوات مشابهة من الطرف الآخر، وعليه فإن إغلاق القاعدة أمام الأمريكيين لا يكون بسبب أحداث 1915، بل بسبب عقوبات "كاتسا" ضد تركيا بسبب شرائها منظومة "أس400" الروسية، لأن الولايات المتحدة تكون قد أخلت بالاتفاق الدفاعي.
وأشار إلى أن اتخاذ خطوات ضد قرار "الإبادة الجماعية للأرمن"، يجب أن تكون بطرق أخرى بعيدا عن إغلاق القاعدة في أضنة، ويجب أن تتوفر شروط قانونية لإغلاق "إنجرليك" أمام القوات الأمريكية.
وأضاف: "إذا أرادت تركيا استخدام بطاقاتها، فيجب عليها استخدامها في المكان المناسب، وبالطريقة الأكثر منطقية".
الكاتب التركي، محمود أوفور، قال في مقال على صحيفة "صباح"، إنه كلما حدثت أزمة مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة أو روسيا، أو محاولة لخلق أزمة، يتدخل خصوم الرئيس أردوغان على الفور ويطالبون برد فعل سياسي شديد التطرف.
اقرأ أيضا: محللون أتراك: بايدن لا يهمه الأرمن.. وهذه أهدافه في تركيا
وكانت المعارضة التركية لاسيما من رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وزعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، سعت لتحريض أردوغان برسالة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون المشهورة إلى رئيس وزراء تركيا عصمت إينونو، والموقف التركي إزاء ذلك، والقرار التركي عام 1975 بإغلاق قاعدة إنجرليك من حكومة سليمان دميريل.
التوتر مع أمريكا لن ينتهي
وقال الكاتب التركي، إن تركيا على حافة توتر مماثل مع الولايات المتحدة، وفي الحقيقة فإن هذه الأزمات لم تنته أبدا، ولا يبدو أنها ستنتهي في المستقبل القريب.
وتابع، بأن الولايات المتحدة لم تترك أيا من الأدوات التي بيدها، بما في ذلك محاولة الانقلاب للإطاحة بالرئيس أردوغان، حتى إنها أعلنت علنا أنها ستدعم المعارضة التركية من الداخل.
وأضاف أن الرئيس بايدن استخدم أداة "افتراء الإبادة الجماعية للأرمن"، والتي تعد "السلاح الأخير"، وتهدف إلى "رهن مستقبل تركيا".
وأشار الكاتب إلى أنه رغم أن الرئيس أردوغان أعطى بايدن الرد الذي يستحقه على بيانه، إلا أن هناك من يريد إغلاق القواعد الأمريكية، وخاصة قاعدة إنجرليك، كما فعلت حكومة دميريل عام 1975.
وضع تركيا عام 1975 يختلف تماما عن الآن
وشدد على أن الوضع الآن يختلف بشكل تام عن عام 1975، فتركيا الآن لديها دور عالمي، وتتواجد قواتها في مناطق مختلفة، ولا تنتج السياسة فقط، بل أصبحت تنتج الأسلحة المحلية كذلك، ولا يوجد رد أفضل على بايدن من هذه الخطوات، والاستمرار في قيام ما كانت تفعله إلى الآن.
وأوضح أن السياسة التي تتبعها أنقرة الآن، تؤذي الولايات المتحدة التي تواجه صعوبة في استخدام البطاقات التي تملكها في يدها ضد تركيا، وعليه فإنه يجب أن لا تعطي أي فرصة جديدة لواشنطن للبحث عن أي حجة.
ورأى أن بطاقة إغلاق القواعد الأمريكية والتي استخدمت خلال الحرب الباردة لن تكون مجدية الآن.
المطلوب حراك من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني
وأضاف أنه يجب البحث عن طرق جديدة لمواجهة السياسات غير العادلة من الولايات المتحدة، والأمر غير منوط فقط بالحكومة التركية، بل أيضا بالمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني.
وتساءل: "لماذا لا تحمّل المعارضة التركية اللوم على بايدن بمقدار ما تفعله مع الحكومة، ولا تتحرك تجاه الجمهور الأمريكي بأطروحات تركيا؟"، مستدركا بالقول: "لست متأكدا من أن تقوم المعارضة التي تستجدي واشنطن وبروكسل وتقول إنه لا حياة آمنة واقتصادية في تركيا، أن تفعل ذلك".
وشدد على أن المطلوب من منظمات المجتمع المدني، مثل "TUSIAD" و"TOBB" و"منتدى العلاقات العالمية"، أن تقوم بتنظيم محادثات مع الجمهور الأمريكي، والتحدث معه بشأن القضية الأرمنية.
هل يتصاعد مناخ التوتر بين أنقرة وواشنطن بعد بيان بايدن؟
الرئاسة التركية: سنرد على بايدن بأشكال وأنواع ودرجات مختلفة
أردوغان يعزي أرمن تركيا بأحداث 1915