بادئ ذي بدء لا بدّ وأن يتم توقيف كل من له علاقة: شارك أو أمر أو حرّض على عملية القتل، وذلك فورا بعد ظهور نتائج التحقيق المستقل وبعد أن يأخذ مجراه بطريقة نزيهة وشفافة تضع الجمهور
الفلسطيني في صورة الوضع أوّلا بأوّل. وفي هذه الحالة لا يمكن التستّر على من يقف خلف هذه الجريمة، وقد قام بالتنفيذ هذا الكم الكبير من الناس. ستتضح معالم القصة في وقت قياسي وسريع، وستجد النقاط طريقها فوق حروفها وستعلن النتائج ويحاسب المجرم على جريمته التي اقترفتها يداه. وغير هذا لا يمكن لشعب حرّ مثل الشعب الفلسطيني أن يمرّره مرور الكرام.
ولا بدّ من أن تتشكل بعد ذلك لجنة تسمى لجنة استخلاص العبر (وهذا دأب كل الدول التي تحترم نفسها وتحترم شعبها) للوصول إلى توصيات من شأنها أن تمنع تكرار مثل هذه الجريمة وكيف ستعالج آثارها، بحيث تخفف من أثر هذه المصيبة على ذوي الشهيد وعائلته الكريمة. وأعتقد أن من التوصيات البديهية المتوقّع اتخاذها الآتي:
- العمل بجد ومثابرة على أخلاقيات مهنة
الأمن في بلادنا، ضباطا وعناصر، بحيث يتم تركيز وترسيخ قيم وحقوق الإنسان وحرمة الدماء وتعزيز روح الانتماء الوطني وكرامة المواطن، بغض النظر عن آرائه السياسية وانتمائه الحزبي والفصائلي، ولا مانع من إصدار ميثاق يتضمن أخلاقيات المهنة لتعليمها لكل من ينتسب للأجهزة الأمنية في بلادنا.
- رفع الغطاء عن كل من يخالف القانون مهما كان وضعه أو رتبته أو خلفيته الفصائلية. وليعلم الجميع أن الفلسطينيين كلهم تحت القانون ولا أحد فوقه مهما بلغ شأنه.
- كرامة الناس ودماؤهم وأعراضهم وحقوقهم مصانة ومقدّسة، ولا يجوز المساس بها من أيّ كان ولأي سبب أو تحت أية ذريعة مهما بلغت وجاهتها، وأن هذا الشعب يكفيه ما وقع عليه من ظلم الاحتلال وما زال ولا يجوز أن نضيف عليه أية تجاوزات تابعة للسلطة أو أجهزتها بتاتا ولا في أي حال من الأحوال.
- على أية سلطة قائمة أن تتعهد بحفظ حرمات شعبها وناسها وإلا فقدت مبررات وجودها، فيكفي أنها غير قادرة على دفع
انتهاكات وتجاوزات المحتل، فعلى الأقل أن تضمن من جانبها أن تنأى بنفسها عن الظلم والتجاوز وخرق حقوق هذا الإنسان المكلوم والمضروب حتى النخاع من قبل سلطات الاحتلال.
- صياغة عقد اجتماعي بين كل أطراف هذا المجتمع ومكوناته الأساسية الفصائلية والعشائرية والرسمية وغير الرسمية والمؤسسات الحقوقية والعاملة في
حقوق الإنسان، يمنع من الظلم والعدوان ويصون الإنسان الفلسطيني من أخيه الفلسطيني. ويتضامن الجميع تحت راية: "يكفينا ما يصيبنا من الاحتلال"، وأن يتضمن هذا العقد الاجتماعي عقوبات رادعة لكل من ينتهك هذا العقد، وهو ما من شأنه أن يضعه في وضع معاد للكل الفلسطيني وللقضية والمقدّسات.