وصف القيادي البارز في حزب الاستقلال المغربي محمد الخليفة "الإجراءات التي أقدم عليها الرئيس التونسي قيس سعيد بتجميد البرلمان وحل الحكومة وتولي النيابة العامة، بأنها صادمة للعرب ولأنصار الديمقراطية في العالم وانقلاب على الدستور الذي وصل بموجبه قيس سعيد إلى الرئاسة".
وأعرب الخليفة في تصريحات خاصة لـ "عربي21" عن حزنه الشديد لتعثر التجربة الديمقراطية في تونس، وقال: "أنا حزين لهذه الأحداث المؤلمة في تونس.. من الذي لا يحزن على أمل كان للأمة العربية التي تبحث عن نموذج تحذوه لقيام ديمقراطية؟".
وأضاف: "بطبيعة الحال لست وحدي في هذا الحزن، كل مناضل ديمقراطي في العالم العربي والعالم كله اندهش، بل صعق من الذي وقع في تونس. لم يكن أحد يتصور أن شخصا في حجم الرئيس قيس سعيد، وهو الفقيه الدستوري والعالم بتطور التاريخ السياسي لتونس من أيام الملكية مرورا بعهدي بورقيبة وبن علي سيفعل ما فعل".
وتساءل: "من كان يصدق أن قيس سعيد سيعتمد الفصل 80 من الدستور من أجل أن يقوم بما قام به؟ لم يكن أحد يتصور ذلك؛ لأنه انتخب انتخابا شعبيا وصعد بمقتضى هذا الدستور إلى رئاسة الدولة.. كيف جاز له أن يدبر الأمر بهذه الشاكلة؟
وأضاف: "صحيح أنه رئيس غير محظوظ لأنه جاء في زمن كورونا. وطالعه لم يكن طالعا حسنا. لكنه من غير المقنع أن يلوي عنق الفصل 80 من الدستور بهذا التفسير المتعسف والمجانب للصواب، كأنه لم يقرأ تاريخ تطور التجارب السياسية في المنطقة. لقد صدمنا فعلا بتحميل الفصل 80 من الدستور ما لا يتحمله. ومن ثم فإن تفسيره كان مجافيا للروح الديمقراطية، وهو يعلم أن النص الدستوري لا يمكن أن يفسر إلا تفسيرا ضيقا لصالح الديمقراطية".
وأشار الخليفة إلى أن تفسير الفصل 80 من الدستور بهذه الطريقة المجافية لروح الدساتير يقوي من التفسير القائل، بأن هذه الاجتهادات إنما تأتي أحيانا من ضباط جيش وجهات أجنبية للي عنق الدستور لغايات كعينة".
وأكد الخليفة أن "الرئيس قيس سعيد إذا كان يفكر في نظام رئاسي بدل النظام الحالي، كان عليه أن يتقدم بذلك عبر الدستور وإقامة حوار جدي ليصبح نظاما رئاسيا. أما أن ينتخب كرئيس دولة في دولة لها دستور نظام برلماني، فأعتقد أن ذلك خطأ أو انغمار في سياسات يراد بها إنهاء كل ما يمكن ديمقراطيا".
وأضاف: "هناك تجاوز وتعسف في استعمال الفصل 80. قام بانقلاب دستوري بصفة تامة. وهناك لي لعنق الفصل 80 من الدستور من أجل وقف البرلمان وتشكيل حكومة لا يصوت عليها البرلمان".
وأعرب الخليفة عن أمله أن الشعب التونسي الذي قال بأنه "ضحى بالكثير وأنه سيبقى أمل الأمة العربية لإقامة نظام ديمقراطي، أن يتأمل من أجل إبعاد وطنه عن الصدام وفتح حوار شامل على قاعدة احترام الدستور والمؤسسات".
وحول التداعيات المحتملة للانقلاب في تونس، قال الخليفة: "رغم هذا الحدث المؤلم، فإنه ليس من طبعي تبني نظرية المؤامرة. أنا ضد هذا التحليل. الرئيس قيس سعيد والنخب السياسية الكبرى كلها لحد الساعة تمشي بضبط الأعصاب من أجل عدم الوقوع في المكروه، اتقاء لأزمة قد تكون لها آثار على تونس وعلى المنطقة".
وأضاف: "إذا حدث أي مكروه في تونس سيكون له تأثير على باقي الشعوب العربية، ولا سيما المجاورة؛ لأنه إذا كان للعمل المخابراتي المدعوم بالمال لتحويل العالم العربي لوجهة أخرى، فما وقع للجار يمكن أن يقع لغيره من الجيران".
وأنهى الخليفة تصريحاته قائلا: "إخواننا التونسيون أقدر على حل مشاكلهم، ولكن نحن ندافع عن كل بقعة عربية فيها قدر من الديمقراطية. هذا هو الذي يدفعنا للنصيحة حتى لا تخطئ تونس الوجهة"، على حد تعبيره.
وتعيش تونس منذ الأحد الماضي، تواترا سريعا للأحداث، فعقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، أعلن رئيس البلاد قيس سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السّلطة التّنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النّواب، وترؤوسه النّيابة العامة.
تدابير استثنائية تلتها تدابير أخرى، في الأيام الأربعة الماضية، ما وضع البلاد في هدوء حذر وترقب، مع مواقف تراوحت بين الرفض والتّأييد من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والعمالية والتّونسيين أنفسهم، فضلا عن دعوات للذهاب إلى حوار وطني لتجاوز الأزمة السّياسية التي جاءت مفاجئة، ما طرح قراءات مختلفة في مدى نفعيتها أو تأثيرها على البلاد.
اقرأ أيضا: الغارديان: "انقلاب" سعيّد يعد اختبارا لبايدن حول الديمقراطية
برهان غليون لـ"عربي21": انقلاب قيس سعيّد في تونس بلا أفق
مصادر لـ"عربي21" ترجح تعطيل سعيّد العمل بالدستور
"التوحيد والإصلاح" المغربية ترفض الانقلاب في تونس