كشفت شهادات لفلسطينيين،
عن تصاعد غير مسبوق، في اعتداءات
المستوطنين في مدينة
الخليل المحتلة، مؤكدين أن
هذه الانتهاكات والجرائم العنصرية تتم بحماية جيش الاحتلال
الإسرائيلي.
وأوردت الكاتبة
الإسرائيلية المختصة بالشؤون العربية عميرة هاس في تقرير نشر بصحيفة
"هآرتس"، 3 شهادات توثق
جرائم وهجمات قام بها قطعان المستوطنين ضد
الفلسطينيين، وفي كل منها قام جيش الاحتلال بمعاقبة الفلسطينيين، وهم الطرف
المعتدى عليهم.
وأكدت أن هجمات
المستوطنين في الخليل تتم كل يوم، منوهة أنها تلقت اتصالا من المواطن الفلسطيني
عارف جابر من البلدة القديمة في الخليل المحتلة، أكد خلالها أن العديد من
المستوطنين قاموا برشق المواطنين بالحجارة وتحطيم زجاج عدد من السيارات.
ضرب وشتم وتكسير
في يوم السبت 28
آب/أغسطس الماضي، خرق صمت الليل في حي جابر صرخات عالية؛ أكثر من 12 مستوطنا،
اندفعوا في الشارع الرئيسي، وهم يرشقون الحجارة على البيوت والسيارات، وأصابوا
عددا من الفلسطينيين، اعتقدوا أن الأمر يتعلق بشجار عائلي، وكانوا قد وصلوا إلى
"حاجز جابر"، وهي بوابة حديدية وضعها جيش الاحتلال، وهو واحد من عشرات
الحواجز والعوائق الإسمنتية والبراميل والبوابات المغلقة بشكل دائم، وضعها الجيش
في منتصف الشوارع، لتفصل قلب البلدة القديمة عن باقي أجزاء الخليل، وخلف البوابة
تقف سيارات لسكان "حي جابر" التي لا يسمح لها بالسفر في شوارع الحي.
ولفتت هاس، إلى أن
هجمات المستوطنين وتحطيمهم لزجاج السيارات الواقفة وهياكلها والاعتداء على أفراد
عائلة جابر، كل هذا تم تحت عيون كاميرات المراقبة، وأمام جنود الجيش المسلحين.
وقالت:
"بالإجمال، خرب الشباب الإسرائيليون برعاية الجيش تسع سيارات متوقفة، ثمن
التصليح يقدر ببضعة آلاف من الشواكل، التي لا تتوفر للجميع، لتصليح كل
سيارة".
والدة الشاب الفلسطيني
الذي أصيب قالت: "الجيش والشرطة يدافعون عن المستوطنين، ويتهموننا نحن، في كل
يوم جمعة يهاجموننا، وإذا لم يجدو شيئا يكسروه، فإنهم يصرخون ويشتمون ويضربون".
وبعد مرور أسبوعين
شاهد شادي المحتسب (37 عاما) عددا من المستوطنين يضايقون أطفالا فلسطينيين قرب منزلهم،
الواقع بين حاجز للاحتلال الموجود في طرف الحرم الإبراهيمي وحاجز الجيش الموجود في
زاوية بيت قفيشة، الواقع في شارع السهلة.
والمحتسب، الذي يحاصر
بيته بين الحاجزين، خرج للدفاع عن الأطفال الفلسطينيين، لكن جنديا إسرائيليا موجودا
في الموقع، "دفعه وصرخ عليه، لكن الشاب تحداه وقال له: أنا فقط فصلت بينهم،
كل شيء موثق في كاميرات المراقبة، انظر إذا كنت ضربتهم".
ونبهت الكاتبة، إلى أن
جنود جيش الاحتلال يعملون إلى جانب المستوطنين على استفزاز المواطنين الفلسطينيين،
رغم أنهم معروفون لجنود الجيش، حتى أن أحد الجنود قال للمحتسب: "ما رأيك أن أعتقلك؟ ما رأيك أن أخبط رأسك في الحائط؟".
جذورنا راسخة وصامدة
وأفادت أن جنود الجيش،
قاموا أيضا في وقت لاحق بتفتيش "المحتسب" وشقيقه، وقاموا بشتم أمه عدة
مرات، وحينما صرخ رفضا لهذه الشتائم، قام الجنود يوم الجمعة 17 أيلول/سبتمبر 2021،
بضربهم أمام الجميع ورميهم على الأرض، ومن ثم اعتقالهم، والإفراج عنهم بعد 4 أيام.
وأما الجريمة الثالثة، فكانت من نصيب عائلة "سدر" بالخليل، التي قامت باستدعاء الاحتلال بعد
قيام مجموعة من المستوطنين برشق بيوتهم بالحجارة، فكان من نصيبهم، كدمات شديدة
واعتقال أبناء العائلة من قبل الجيش بتاريخ 6 آب/أغسطس الماضي.
وأفاد ياسين سدر (19
عاما)، في حديثه مع "هآرتس"، أن "مقطع فيديو ليلي، أظهر شخصيات
(مستوطنين) بيضاء ملثمة وهي ترشق بحجارة كبيرة من سطح المنزل، وجنديان في المكان لم
يكلفا نفسيهما بوقف الاعتداء".
وبينت الكاتبة، أنه
بعد أن هدأت العائلة الفلسطينية التي رشقت بالحجارة، ظهر 20 جنديا إسرائيليا،
وتوجهوا نحوهم بسرعة، أربعة منهم انقضوا عليهم بالركل واللكمات، واستمروا في ذلك
أمام الجميع رغم صراخ أبناء العائلة، وقاموا بدفع وجه ياسين نحو بوابة مغلقة،
وربطوا يديه بالأصفاد البلاستيكية من الخلف، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل قام 6 من
الجنود بمهاجمة شقيقه سائد (17 عاما) الذي صرخ على الجنود واعتقلوه، وأخذ الشقيقان
إلى "بيت رومانو"، وهو أحد مرافق المستوطنين في الخليل.
وأكدت أن "أحد
الجنود ضرب ياسين بقبضته على وجهه، فنزف دمه من أنفه وفمه، ولم يكتفوا بذلك بل
قام الجنود بشتمه وشتم أمه أيضا وعائلته وواصلوا ضربه وركله، حتى فقد الوعي،
واستيقظ ليجد نفسه في سيارة إسعاف إسرائيلية، ومنها لأخرى فلسطينية، وهناك فقد
الوعي مجددا، وعندما أفاق وجد نفسه في مستشفى فلسطيني".
وذكرت أنه تم اعتقال
سائد وأخذه لمركز للشرطة الإسرائيلية في مستوطنة "جفعات هأفوت" التي
توجد على أراضي عائلة الجعبري، وأطلق سراحه، وبعدها قام مع والده بتقديم شكوى ضد
المستوطنين والجنود الذين هاجموهما، وبعد ساعتين، قرب بيته، انقض جنود على سائد
واعتقلوه مرة أخرى.
وردا على سؤال
"هآرتس": "من أين لكم هذه القوة لتبقوا هنا في البلدة
القديمة؟"، أجابت الأم: "نحن من هنا، إلى أين نذهب؟"، أما سائد
فقال: "متران طول الشجرة، لكن جذورها تصل لستة أمتار"، في كناية عن تمسك
الفلسطيني بأرضه ووطنه.