تناولت مجلة "بوليتيكو" في تقرير معاناة لاجئين سوريين في غابة بولندية مظلمة مغطاة بالثلوج، والتعامل الذي وصفه اللاجئون بـ"الوحشي" من قوات لوكاشينكو.
وأشار اللاجئ السوري "علي" وهو معلم في تقرير للمجلة ترجمته "عربي21"، إلى خشيته من إعادته إلى بيلاروسيا.
ولفت "علي"، إلى أنه قضى في الغابة حوالي ثلاثة أسابيع، وعبر الحدود البولندية خمس مرات، وتم القبض عليه من حرس الحدود مع كل محاولة جديدة ودفعه مرة أخرى إلى بيلاروسيا.
في المرة السادسة، كان أكثر حظا. فقد عثر عليه ناشطون رتبوا له ولرفيقيه "حسن" البالغ من العمر 42 عاما وهو قاض سابق، و"ميدو" البالغ من العمر 25 عاما الذي كان يعمل في الموارد البشرية، لقاء بثلاثة برلمانيين بولنديين بالبرلمان الأوروبي زاروا المنطقة الحدودية الأسبوع الماضي مع مجموعة من الصحفيين.
كان الهدف هو الضغط على حرس الحدود البولنديين لمعالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم بالفعل، بدلا من إعادتهم إلى بيلاروسيا في انتهاك للقانون الدولي.
علي هو واحد من آلاف الأشخاص الذين سافروا جوا إلى مينسك من الشرق الأوسط بتشجيع من رجل بيلاروسيا القوي ألكسندر لوكاشينكو، والذين حاولوا عبور الحدود مع الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا: مهاجران سوريان يرويان معاناتهما في الهجرة عبر حدود بولندا
قال إن "الناس يتحدثون" في سوريا عن طريق جديد إلى الاتحاد الأوروبي. تبلغ تكلفة الرحلة، اعتمادا على الوجهة النهائية، حوالي 2500 دولار.
ولكن ما لا يتحدثون عنه في سوريا هو أن المهاجرين يمكن أن يُحاصروا لأسابيع في المنطقة الحدودية، ويعيشون في مستنقعات وغابات متجمدة، حيث مات ما لا يقل عن 13 شخصا أثناء محاولتهم العبور.
قال علي بلغة إنجليزية بطلاقة: "لم نكن نتوقع أن يضعونا بين الحدود وأن نكون عالقين هناك، بدون طعام، بدون ماء، في ظروف سيئة، مثل النوم في مكان مبلل. في بعض الليالي كنا نتجمد".
في بيلاروسيا، أوضح مهاجرون أنهم احتجزوا في معسكر مؤقت من قبل الجنود، وكانوا يجمعونهم معا كل ليلتين ويدفعونهم إلى بولندا. وقالوا: "إنهم يحاولون دفع السياج وجعل الناس يركضون". كما أعطى الجنود المهاجرين حجارة لرميها على السياج وعلى حرس الحدود البولنديين.
شعر الثلاثة بالمرارة بشأن تجربتهم. قال حسن: "أناس سيئون جدا في بيلاروسيا، أناس سيئون جدا".
قالوا إن القوات البيلاروسية سلبتهم وضربتهم وأعطتهم مياها قذرة للشرب، مما أصابهم بالمرض. بينما تقول الحكومة البيلاروسية إنها تمد المهاجرين على الحدود بالمساعدات الإنسانية.
قال علي: "في بعض الأحيان كانوا يضربون الناس. ويطعمونهم أقراص الدواء أحيانا، ويستخدمون الكلاب لتتبع الناس في الغابة".
وأشار إلى أن الحراس البيلاروسيين أجبروهم على خلع ملابسهم، وبحثوا فيها عن أشياء لسرقتها، ثم أشعلوا النار في فيها. في هذه المرحلة من القصة، ابتعد ميدو وبدأ في البكاء.
عندما كانوا يجتازون بنجاح سياج الأسلاك الشائكة الذي أقيم على الحدود بعد أن بدأ لوكاشينكو في إرسال المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي، كان يعيش الثلاثة على الطعام والماء الذي وجدوه في الغابة أو الذي حصلوا عليه من السكان المحليين والناشطين، الذين قدموا لهم أيضا ملابس جديدة وأكياس نوم.
في محاولاتهم الأولى لم يتمكنوا من تجاوز المنطقة الحدودية المغلقة - شريط من الأرض يبلغ عرضه 3 كيلومترات على طول الحدود البولندية البيلاروسية حيث يصعب على المراسلين والناشطين الدخول - قبل أن يتم القبض عليهم من قبل السلطات البولندية وإعادتهم إلى بيلاروسيا.
وكان اللقاء بالناشطين الأسبوع الماضي خارج تلك المنطقة العازلة مباشرة.
اقرأ أيضا: الثلوج تفاقم معاناة المهاجرين على حدود بيلاروسيا
أطلق لوكاشينكو العنان لأزمة الهجرة كوسيلة للانتقام من الاتحاد الأوروبي بسبب العقوبات التي فرضها الاتحاد بعد أن سرق لوكاشينكو الانتخابات الرئاسية العام الماضي. ويطلق الاتحاد الأوروبي على ذلك "الهجوم الهجين".
على الرغم من أن الحكومة البولندية تعرضت لانتقادات من جماعات حقوق الإنسان بسبب معاملتها للمهاجرين ورفضها العام لمعالجة طلبات اللجوء، تقول وارسو إنها تحاول ببساطة مراقبة الحدود. سمح الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي للدول المتاخمة لبيلاروسيا بتشديد إجراءات اللجوء.
قال ماتيوز موراويكي، رئيس الوزراء البولندي، لصحيفة بيلد الألمانية في تشرين الثاني/ نوفمبر: "من الواضح أننا إذا لم نتمكن من إبقاء آلاف المهاجرين في مأزق الآن، فإن مئات الآلاف، أو الملايين، سيتجهون نحو أوروبا. إذا لم نحم حدودنا في أوروبا وندافع عنها بحزم، فإن مئات الملايين من أفريقيا والشرق الأوسط سيحاولون الوصول إلى أوروبا، وخاصة ألمانيا".
بدأت الأزمة تتراجع، حيث مارس الاتحاد الأوروبي ضغوطا على شركات الطيران ودول الشرق الأوسط لوقف نقل الناس إلى بيلاروسيا. الآن هناك رحلات جوية تعيد الناس إلى العراق وسوريا. في تشرين الأول/ أكتوبر، كانت هناك 17500 محاولة عبور، وفقا لحرس الحدود البولندي، لكن الشهر الماضي كانت هناك 8900 محاولة.
ومع ذلك، يظل الكثير من الناس في الغابات المظلمة على طول الحدود.
قالت ماريا زلوكيفيكز من غروبا غرانيكا، وهي منظمة غير حكومية تحاول مساعدة المهاجرين، إنهم يتلقون عددا أقل من طلبات المساعدة. ويرجع ذلك على الأرجح إلى قيام البيلاروسيين بتنظيم المهاجرين في مجموعات أكبر، وقيام الآلاف من القوات البولندية والشرطة وحرس الحدود بدوريات على الحدود والظروف الجوية القاسية.
وقالت: "عدد أقل وأقل من الناس أصبحوا قادرين على العبور".
أصر علي وحسن وميدو جميعا على أنهم يريدون اللجوء في بولندا، ورفعوا لافتات بهذا المعنى عندما حملهم حرس الحدود واقتادوهم بعيدا في شاحنة عسكرية مفتوحة. وارسو ملزمة بالتعامل مع طلباتهم، ولكن إذا لم يستوفوا المعايير، فيمكن ترحيلهم.
في اليوم التالي، قال حرس الحدود على تويتر إن الرجال طلبوا اللجوءـ وقبل أن يحملهم حرس الحدود، سأل الصحفيون علي عما إذا كان سيشجع أي شخص آخر على القيام برحلة شبيهة برحلته إلى بولندا.
قال: "يمكن أن تموت هناك، أو يمكن أن تموت هنا.. نحن هنا ليس لإيذاء أي شخص أو التسبب في أي مشاكل، أردنا فقط أن نكون في مكان آمن".
NYT: أوروبا أبرمت صفقة مميتة مع المستبدين
WP: رئيس بيلاروسيا حاول استخدام المهاجرين كسلاح فانقلب ضده
3600 دولار توصلك إلى حافة أوروبا المتجمدة.. ماذا بعد؟