لا زالت ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية تتواصل بشأن اللقاء الذي جمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بوزير الحرب الإسرائيلي في منزل الأخير، سواء باتجاه أن هذا اللقاء يمثل من وجهة نظر الفلسطينيين استخفافا بمعاناتهم، ومصافحة لقاتلهم، وتضييعا لمزيد من الوقت، فيما رأته قطاعات إسرائيلية عريضة أن غانتس يسعى لترميم وضعه الحزبي الداخلي؛ لأنه يعلم عدم وجود جدوى من هذه اللقاءات، خاصة في ظل هذه الحكومة اليمينية.
وتعتقد محافل إسرائيلية أن انتقاد
اليمين الإسرائيلي لهذا اللقاء هو محاولة سخيفة وخاسرة، لإشعال النار داخل الائتلاف
الحكومي، المستقر بصعوبة، صحيح أن غانتس ربما اتخذ الخطوة الصحيحة في الصالح الإسرائيلي،
من حيث تعزيز التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، حتى لو لم يكن هذا اللقاء يحظى
بشعبية الإسرائيليين.
يوفال كارني الكاتب في صحيفة
يديعوت أحرونوت، ذكر في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أن "انتقاد اليمين
الإسرائيلي للقاء غانتس-عباس، يطرح تساؤلات مهمة على قائدهم بنيامين نتنياهو، الذي
قضى في الحكم 12 عاما، بشأن عدم مبادرتهم لإلغاء اتفاقات أوسلو، وعدم قطع العلاقات
مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ولم يعرّفوها بأنها عدو، أو كيان إرهابي، حتى إن نتنياهو لم يف بوعده الرئيسي عشية انتخابات 2009 المتمثل بالإطاحة بسلطة حماس في
غزة".
وأضاف أن "الازدواجية التي
تمارسها المعارضة اليمينية في موقفها من لقاء غانتس-عباس، يؤكد الفرضية السائدة بين
الإسرائيليين منذ سنوات طويلة، ومفادها بأن الأشياء التي تُرى من الخارج، أو من موقع
المعارضة، تُرى بشكل مختلف من الداخل، أي من مكتب رئيس الوزراء أو وزير الحرب، ولذلك
فإن اعتبار الليكود أن هذا اللقاء يشكل خطرا على إسرائيل، مجرد مناكفة حزبية ليس أكثر،
على اعتبار أنه أطلق ذات الوصف على حكومة "بينيت- ساعر- لابيد"، بأنها تشكل
خطرا على إسرائيل".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: لقاء غانتس-عباس تغير جذري بالعلاقة مع السلطة
لم يعد سرا أن اجتماع أبو مازن
مع غانتس لم يكن من أجل دفع عملية سياسية، كما يزعم فريق عباس، ويفند ذلك المتحدثون
الإسرائيليون؛ لأن اللقاء بحد ذاته تركز في مناقشة القضايا الأمنية والتعاون الاستخباري
بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وأجهزتهما الأمنية في الضفة الغربية، وهذه مصلحة إسرائيلية
واضحة، وسيشهد على ذلك قادة المؤسسة العسكرية، وجهاز الأمن العام- الشاباك، والجيش
الإسرائيلي.
يعتقد الإسرائيليون المؤيدون
لقمة عباس-غانتس أنه لا أمل من استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين، لكنهم يجزمون
في الوقت ذاته، أنه من بين الاحتمالات التي يمتلكونها في الضفة الغربية هناك مفاضلات
قاسية وصعبة، فإما السلطة الفلسطينية أو حماس، ولذلك لا يزال التعاون مع أبو مازن هو
الخيار الأقل سوءا أمامهم، وهو لم يتردد في التأكيد أمام مضيفه الإسرائيلي بالقول إننا
"سنواصل منع العنف"، وما زال الإسرائيليون يتذكرون أن قواته الأمنية تنقذ
المستوطنين الذين يدخلون المدن الفلسطينية.
الأهم من ذلك، أن المؤيدين والمعارضين
الإسرائيليين للقاء غانتس-عباس، مقتنعون بأن استمرار التنسيق الأمني مع السطلة الفلسطينية
هو مصلحة إسرائيلية بحتة، والحقيقة تؤكد لنا أن نتنياهو سبق أن وافق سابقا على عقد
لقاءات لكبار وزراء حكومته مع أبو مازن، كما سبق له شخصيا خلال سنوات عمله كرئيس للوزراء، أن عانق وقبّل ياسر عرفات، ودعا أبو مازن بحرارة إلى منزله.
رغم حالة الاستقطاب الإسرائيلية
حول لقاء عباس-غانتس؛ لكنهم في الوقت ذاته، يدركون ضعف البدائل حولهم؛ لأنهم باتوا
لا يتقنون التصرف إزاء ما يعتبرونها "المنطقة المجنونة"، صحيح أن نتنياهو
لم يكن يكثر من لقاءات أبو مازن، لكنه حرص دائما أن يرسل مبعوثيه إليه، ومنهم رئيس
جهاز الأمن العام- الشاباك، ووزراء آخرون في حكومته، والخلاصة الإسرائيلية مفادها أنه
في غياب عملية سياسية، فإن إسرائيل ملزمة بالحفاظ على قناة حوار مع السلطة الفلسطينية،
حتى لو لم تكن شعبية، من أجل الحفاظ على حياة المستوطنين والجنود من عمليات المقاومة.
تقدير إسرائيلي: لقاء غانتس-عباس تغير جذري بالعلاقة مع السلطة
تقدير إسرائيلي: إحباط بينيت الداخلي قد يدفعه لمغامرة خارجية
تقدير إسرائيلي: سلوك الجيش العنصري يساهم بتواصل العمليات