قالت
مجلة "
فورين بوليسي" إن الخوف
البحريني من إيران هو أداة من الحكومة لمواصلة
القمع ضد سكانها والمعارضة.
وأوضحت أن زيارة رئيس الوزراء
الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى المنامة منتصف شهر شباط/فبراير،
وهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور البحرين أكدت على تحالف إقليمي بين إسرائيل ودول الخليج
ضد إيران. وعرض بينيت مساعدة إسرائيل للبحرين في كل شيء من أجل مواجهة إيران.
وتقول
المجلة إن البحرين تلعب دورا مهما في هذا التحالف، ليس فقط لأنها تستقبل الأسطول الأمريكي
الخامس، بل لأن مواجهة إيران تعتبر تحديا للبحرين بسبب حجمها الصغير مقارنة مع منافستها
الكبيرة. كما أن البحرين تعاني من آثار خوفها المتزايد.
فمحاولة
سحب التأثير الإيراني على الشؤون الداخلية حولت عائلة خليفة الحاكمة إلى حكام قساة
والمملكة لمكان قاس على غالبية سكانه للعيش فيه.
وتخشى
العائلة السنية الحاكمة من محاولات إيران ضم بلدها ذي الغالبية الشيعية أو تنصيب نظام
موال لها في المنامة. لكن تصريحات القيادة الشيعية الإيرانية من أن البحرين هي الولاية
الـ 14 ودعمهم للمعارضة الشيعية زادت من مخاوف البحرين. واتهمت بإثارة انتفاضة عام
2011 والتخطيط لمهاجمة قوات الأمن في السنوات اللاحقة، موفرة الدعم المالي للمتشددين
والتدريب العسكري لهم على يد ميليشياتها في العراق.
وفي
محاولة منها لمعالجة هذه المخاوف مارست البحرين القمع في داخل البلد. وزادت أحكام الإعدام
في العقد الماضي إلى 600 حكم، وتم تفكيك المعارضة السياسية أو وضع رموزها خلف القضبان،
وهناك حوالي 1.400 معتقل سجنوا في معتقل واحد. وتم حرمان المعتقلين من المكالمة الأسبوعية
عبر الهاتف بطريقة تعسفية، أما اتهامات التعذيب فهي روتينية. واتهمت البحرين في العام
الماضي باعتقال 13 طفلا بتهم تتعلق بالاحتجاجات وهددت بعضهم بالاغتصاب حسب المعهد البحريني
لحقوق الإنسان والديمقراطية، ومقره لندن.
وحد
التحالف مع إسرائيل من حريات الناس، ويقول الناشطون إن المخابرات تسحق المعارضين من
خلال تحديدهم عبر برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس. وكان موسى محمد، المصور الصحفي
والناشط السياسي معارضا حادا لمملكة البحرين وكشف على مدى سنوات عن مستوى الاضطهاد
في البلد. وفي آب/ أغسطس كشف عن اختراق هاتفه "أيفون" باستخدام بيغاسوس.
وتعرض
أفراد من المجتمع السياسي البحريني والمركز البحريني لحقوق الإنسان وحركة الوفاق للتجسس
باستخدام نفس البرنامج.
وقال
محمد في بيان أصدره المركزي البحريني واصفا أثر الرقابة: "لقد ترك اكتشافي أن النظام
البحريني الذي هربت من تعذيبه واضطهاده أثرا فادحا علي في انتهاك فاضح لخصوصيتي".
وأضاف:
"من المهم أن يواجه النظام البحريني التداعيات. والأنظمة التي تمارس انتهاكات
في الخليج مثل البحرين لن تتوقف إلا عندما تعاقب على جرائمها".
ونقلت
المجلة عن سيد أحمد الوادعي، مدير المعهد البحريني قوله إن هناك مخاوف بين المواطنين
في البحرين من الدور الإسرائيلي في مساعدة البحرين على سحق الحركة الديمقراطية و"بدأنا
نشاهد ضرر العلاقة على الديمقراطية في البلد عندما بدأت الدولة باستخدام برنامج التجسس
ضد المعارضين". وأضاف أن كشفا أخيرا أثار الصدمة حول تجسس الدولة ليس على المعارضين
ولكن على مسؤوليها بمن فيهم رموز بارزة في البرلمان وأعضاء في العائلة المالكة.
ويتحدث
الناشطون عن أسباب عدة تدفع الاضطرابات الاجتماعية في البحرين ويرون أن التهديدات الإيرانية
هي ببساطة خدعة مناسبة للعائلة المالكة كي تبرر القمع وعجزها. ويقولون إن الشيعة يعانون
من التهميش ويشعرون بالغضب من استبعادهم من المناصب والأعمال في الجيش والمؤسسات الأخرى
المفتوحة للسنة. وكان المطلب الأساسي لاحتجاجات عام 2011 هو تحويل الملكية إلى دستورية
بحيث تظل العائلة المالكة ولكن يسمح للمواطنين بانتخاب نوابهم. لكن العائلة تعاملت
مع الاحتجاجات كمؤامرة إيرانية تهدف للاستيلاء على السلطة بالقوة وقامت بسحق الاحتجاجات.
وقام
آلاف من عناصر الشرطة بتفريق المتظاهرين بالقوة وتم قتل البعض وجرح آخرين وسجن أعداد
كبيرة منهم، وبعد 11 عاما لم يتغير الوضع بل زاد سوءا.
وتأتي البحرين في المرتبة 168 من 180 دولة في مؤشر
حرية الصحافة الذي أعدته في عام 2021 منظمة مراسلون بلا حدود. وهي في المرتبة 144 من
167 دولة في مؤشر الديمقراطية الذي أعدته وحدة الأمن في مجلة إيكونوميست. ومنح فريدم
هاوس تصنيفا بائسا للبحرين عام 2020.
وقال
الوادعي إن الشيخ علي سلمان، زعيم حركة الوفاق لا يزال في السجن ويقضي مؤبدا وكذا شقيقه
الذي سجن بسبب نشاطات الوادعي، وتابع: "تحاول البحرين حرف النقد الدولي عن سجلها
الصارخ في حقوق الإنسان وقمعها الداخلي من خلال الإشارة إلى التهديدات الخارجية، مثل
إيران. ويجب أن يكون واضحا أنها تسجن أطفالا أعمارهم 11 عاما وتهددهم باستخدام الصعقات
الكهربائية والاغتصاب وكذلك مواصلة قمع حرية التعبير وكل هذا لا علاقة له بإيران".
ويضيف
أن هذا "الحرف هو مجرد تكتيك تستخدمه البحرين لإبعاد أي تدقيق مشروع وتجنب تحمل
المسؤولية على خرق حقوق مواطنيها والقانون الدولي".
وترى
المجلة أن إسرائيل تبحث بيأس عن أصدقاء عرب بالمنطقة، إلا أن بيعها التكنولوجيا سيزيد
من الغضب بين العرب. وتداخلت زيارة بينيت مع إحياء ذكرى الثورة الفاشلة وأدت لزيادة
السخط بين السكان. وربما ناسب التحالف مع إسرائيل لمواجهة القوة العسكرية الإيرانية
المصالح الوطنية للبحرين، إلا أن الاحتجاجات الداخلية ستظل قائمة طالما تجاهلت عائلة
خليفة مطالب الإصلاح واستمرت بالنظر لغالبية سكان البحرين واعتبارهم كمخربين.