نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أشارت فيه إلى قرار الرئيس التونسي قيس سعيد حل البرلمان المنتخب، مما أدى لتفاقم الأزمة السياسية في البلاد بعد ثمانية أشهر من قيامه بالاستيلاه على السلطة.
وأصدر قيس سعيد، مساء الأربعاء، مرسوما بحل المجلس بعد أن تحداه أكثر من نصف أعضائه بالتصويت لإلغاء الإجراءات التي أقرها لتولي السلطة في تموز/ يوليو.
واتهم سعيد النواب بـ "محاولة الانقلاب" وقال إن قراره بحل البرلمان يهدف إلى حماية الدولة. وبحسب ما ورد أمر وزير العدل بإجراء تحقيق مع نواب شاركوا في جلسة على الإنترنت "للتآمر على أمن الدولة".
وقال راشد الغنوشي رئيس المجلس ورئيس حزب النهضة الإسلامي المعتدل لرويترز إن وحدة مكافحة الإرهاب استدعت 20 نائبا على الأقل من حزب النهضة وأحزاب أخرى للتحقيق.
وتقول الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إنه حتى استيلاء سعيد على السلطة، كان يُنظر إلى تونس على أنها الديمقراطية الوحيدة التي نتجت عن سلسلة الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي في عام 2011. وانتخب سعيد، وهو سياسي خارجي وأستاذ سابق في القانون الدستوري، بأغلبية ساحقة في عام 2019.
اعتبر فوزه توبيخا من قبل الناخبين للأحزاب السياسية القائمة في البلاد، بما في ذلك حزب النهضة، على فشلهم في معالجة المشاكل الاقتصادية المتفاقمة.
اقرأ أيضا: سعيد: لا انتخابات برلمانية بعد 3 أشهر في تونس
حظي استيلاء سعيد على السلطة بدعم شعبي هائل وانحازت إليه بعض الأحزاب السياسية. ولكن بعد ثمانية أشهر من توليه الحكم بمفرده، يُنظر إليه على أنه فشل في وقف التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث أدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى تراكم الضغوط على الاقتصاد التونسي المتدهور بسبب ارتفاع أسعار النفط والقمح.
حتى قبل الحرب، كان المحللون يتوقعون أن البلاد لن تكون قادرة على سداد ديونها دون اتفاق طال تأجيله مع صندوق النقد الدولي.
هناك نقص في المواد الغذائية وتجري البلاد محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن اتفاقية قرض ستتطلب تدابير تقشفية مثل خفض الدعم ووضع سقف لأجور القطاع العام. وقد رفض الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT)، النقابة العمالية الرئيسية ذات النفوذ السياسي، هذه الاتفاقيات بالفعل، وهدد بإضراب عام.
قالت "كابيتال إيكونوميكس" الشركة الاستشارية ومقرها لندن في مذكرة يوم الأربعاء: "إن وضع تونس الخارجي في حالة يرثى لها بالفعل، وعلى خلفية عدم وجود اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وانخفاض الاحتياطيات، وحظرها من أسواق رأس المال العالمية، فإنه يعزز وجهة نظرنا القديمة بأن الحكومة تتجه نحو التخلف عن السداد".
قال حمزة المؤدب، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن النواب تشجعوا على الاجتماع بسبب تراجع التأييد لسعيد، لا سيما بين النخب السياسية التي وقفت معه في البداية.
وأشار إلى أن 116 نائبا من أصل 217 شاركوا في الجلسة، مشيرا إلى أن معارضة سعيد تجاوزت حزب النهضة أكبر حزب سياسي في المجلس بربع المقاعد.
وقال المؤدب: "لقد فقد الدعم بين بعض الأحزاب السياسية وفقد بشكل أساسي دعم الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ينتقده لأنه كان يحثه على تنظيم حوار وطني وقد رفض".
وقال: "إنه يتصرف من جانب واحد دون استشارة أي شخص. وإلى جانب تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي. يعاني البلد من نقص والعديد من الناس الآن متشائمون بشأن المستقبل".
ومنذ تموز/ يوليو، أظهر سعيد نزعات استبدادية بشكل متزايد: مهاجمة النقاد، والسعي للسيطرة على القضاء، ورفض أي حوار مع القوى السياسية في البلاد، بحسب الصحيفة.
وأضافت أنه يريد إعادة تشكيل النظام السياسي، وأعلن عن استراتيجية تتضمن إجراء استفتاء في تموز/ يوليو على دستور جديد تصوغه لجنة مختارة بعناية من الخبراء. يُفهم أنه يفضل نظاما رئاسيا أكثر وقد أوضح أنه يريد شكلا من أشكال الديمقراطية المباشرة التي تتجاوز الأحزاب السياسية.
وقال المؤدب: "أعتقد أن الهدف الرئيسي من الجلسة البرلمانية كان الضغط على سعيد لإجراء مفاوضات.. وسواء كان سيقبل ذلك أم لا، فقد تم إضعافه. إذا واصل طريقه بعناد من خلال رفض المفاوضات، فسيكون وحده مع انهيار البلد من حوله".
NYT: شكوك بتونس حول خطة الإصلاح "الاستبدادية" لسعيّد