أطلقت عشرات المنظمات الحقوقية
الجزائرية والدولية اليوم الخميس، حملة إلكترونية تحت شعار "#ليست جريمة"؛ بهدف تسليط الضوء على مساعي السلطات الجزائرية خنق الأصوات المعارضة والمجتمع المدني المستقل بطرق شتى.
وتدعو الحملة، التي تستمر حتى يوم 28 أيار (مايو) الجاري، السلطات الجزائرية إلى إنهاء
قمع حقوق الجزائريين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين منهم لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم، والسماح للجميع بحرية ممارسة الحقوق، وتقديم المشتبه في مسؤوليتهم عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزائر للمحاكمة والعدالة، وتوفير سبل الانتصاف الفعالة للضحايا.
وتدعو الحملة جميع الأفراد والمنظمات والأطراف المعنية مشاركتها في رفع مطلب موحد بوقف تجريم ممارسة
الحريات المشروعة في الجزائر، تحت شعار #ليست جريمة.
وحول مبررات إطلاق هذه الحملة، قال القائمون عليها في بلاغ صحفي أرسلت نسخة منه إلى صحيفة
"عربي21": "قبل عام، أوقفت السلطات الجزائرية احتجاجات “
الحراك” المؤيدة للديمقراطية في معظم أنحاء البلاد، ومنذ ذلك الحين، ارتفع معدل المحاكمات بتهم الإرهاب التي لا أساس لها، واعتماد التعديلات المثيرة للقلق على قانون العقوبات، فضلاً عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة، وعرقلة تسجيل ونشاط النقابات المستقلة، وتصاعد القمع بحق المدافعين عن حقوق الإنسان ووسائل الإعلام".
ووفقًا للحقوقي زكي حناش، فقد تم القبض على 300 شخص على الأقل منذ مطلع العام وحتى منتصف أبريل الماضي، لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير أو التجمع السلمي أو تكوين الجمعيات. وفيما تم إطلاق سراح بعضهم، فقد دخل آخرون في إضرابات متكررة عن الطعام ـ الهادي العسولي منذ 3 أيار/ مايو مثالاً ـ احتجاجًا على حبسهم التعسفي بشكل خاص.
وتستمر، وفق ذات المصادر، الاعتقالات التعسفية بحق النشطاء السلميين والنقابيين المستقلين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والحكم عليهم بلا هوادة حتى بعد وقف الحراك الاحتجاجي. وبحسب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فقد لا تمثِّل هذه الأرقام إجمالي عدد الاعتقالات بالفعل، لأن العديد من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها خوفًا من الانتقام.
وفي 24 نيسان (أبريل) الماضي، سلطت واقعة وفاة الناشط حكيم دبازي في محبسه الضوء على التبعات المحتملة لاحتجاز الأشخاص لمجرد ممارسة حقوقهم.
وكان دبازي قد خضع للحبس الاحتياطي منذ 22 شباط (فبراير) الماضي بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليت قد أعربت في 8 آذار (مارس) 2022، عن قلقها إزاء "القيود المتزايدة على الحريات الأساسية" في الجزائر ودعت الحكومة إلى “تغيير المسار".
وأعربت المنظمات المشاركة في الحملة عن قلقها البالغ إزاء هذه الانتكاسة الخطيرة التي تشهدها الجزائر، لا سيما في ما يتعلق بالحق في حرية التعبير، والحق في التجمع السلمي، وتبادل المعلومات والوصول إليها، وحملت السلطات الجزائرية المسؤولية عنها.
وتختتم حملة "#ليست_جريمة"، يوم 28 أيار (مايو) الجاري، وهي الذكرى الثالثة لوفاة المدافع عن حقوق الإنسان كمال الدين فخار، الذي توفي رهن الاعتقال بعد إضراب عن الطعام استمر 50 يومًا احتجاجًا على حبسه، بتهمة المساس بأمن الدولة والتحريض على الكراهية العنصرية.
ومن الموقعين على الحملة: التحالف البورندي للمدافعين عن حقوق الإنسان، التحالف البوركيني للمدافعين عن حقوق الإنسان، أفريكان ديفيندرز (الشبكة العبر إفريقية للمدافعين عن حقوق الإنسان)، منَا لحقوق الإنسان، التحالف الإيفواري للمدافعين عن حقوق الإنسان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الأورومتوسطية للحقوق، الاتحاد الدولي للأغذية والزراعة والفنادق والمطاعم والتموين والتبغ ورابطات العمال المتحالفة، الخدمات العامة الدولية، منظمة العفو الدولية، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
يذكر أنه في 22 شباط/ فبراير 2019، تظاهر ملايين الجزائريين في العاصمة ومدن أخرى لمعارضة ولاية خامسة لرئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة، وأجبروا هذا الأخير على الاستقالة في نيسان/ أبريل 2019. لكن عندما عارض الحراك لاحقا في ذلك العام خططا لإجراء انتخابات رئاسية قبل تنفيذ الإصلاحات، فقد بدأت السلطات باعتقال القادة المفترضين للحركة غير الرسمية.
وتقول "هيومان رايتس ووتش"، في بيان سابق لها هذا العام، إن "القمع اشتد بعد انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا في كانون الأول/ ديسمبر 2019، رغم توقف المسيرات في آذار/ مارس 2020 بسبب تفشي فيروس "كورونا". وعشية الذكرى الثانية للحراك، في شباط/ فبراير 2021، استؤنفت الاحتجاجات، لكنها فقدت زخمها بعد ثلاثة أشهر بسبب القمع وضمور الحركة".