دعا مسؤول الملف المصري في منظمة العفو
الدولية، جيفري موك، المجتمع الدولي إلى "ممارسة ضغوط كبيرة ومتزايدة على
السلطات المصرية، علنا وسرا، لاتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات السيئة لحقوق
الإنسان"، مضيفا: "يجب ألا ينخدع العالم بمحاولات مصر للتكتم على جسامة
أزمة حقوق الإنسان في البلاد".
وطالب، في مقابلة خاصة مع "ضيف
عربي21"، الحكومة الأمريكية باستخدام الآليات القانونية التي تمكنها من
مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، والتي من بينها، على سبيل المثال، قانون
"ليهي" الذي يُجرّم تقديم مساعدات عسكرية أمريكية إلى وحدات عسكرية
أجنبية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ومصطلح "قانون ليهي" يشير إلى نصين
قانونيين يحظران على الحكومة الأمريكية استخدام الأموال لمساعدة وحدات قوات الأمن
الأجنبية حيث توجد معلومات موثوقة تشير إلى تورط هذه الوحدة في ارتكاب انتهاكات جسيمة
لحقوق الإنسان. ينطبق أحد الأحكام القانونية على وزارة الخارجية والآخر ينطبق على
وزارة الدفاع.
فيما أصبح "قانون ليهي"، التابع
لوزارة الخارجية الأمريكية، دائما بموجب المادة 620 م من قانون المساعدات الخارجية
لعام 1961 (22 U.S.C. 2378d)،
وتعتبر حكومة الولايات المتحدة التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري
والاغتصاب تحت غطاء القانون بمثابة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهي الجرائم
التي تقول جهات حقوقية مصرية ودولية إنها تُرتكب في مصر على نطاق واسع.
كما دعا "موك" جميع الدول التي تعتزم
المشاركة في المؤتمر الأممي السابع والعشرين لتغير المناخ (COP27)
المزمع عقده بمدينة شرم الشيخ المصرية خلال الشهر المقبل، إلى "حثّ السلطات
المصرية على عدم تقييد حرية التجمع والتعبير، وتكوين الجمعيات، واتخاذ خطوات هادفة
لمعالجة مخاوف الجهات الفاعلة في المجتمع المدني المصري، وضمان مشاركة آمنة وهادفة
بالنسبة لهم يمكن أن تسهم في نجاح مؤتمر المناخ".
جدير بالذكر أنه تم اختيار مصر رسميا لاستضافة
النسخة 27 من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ خلال مؤتمر غلاسكو الذي عُقد في
نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وسط انتقادات حقوقية كبيرة.
ويجمع مؤتمر المناخ الدول الأطراف في
"اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ"، بالإضافة إلى آلاف
الخبراء والصحفيين وممثلي الشركات والمجموعات غير الحكومية، ويُشكّل فرصة مهمة
للمجتمع الدولي للالتقاء ومناقشة العمل المناخي الطموح القائم على الحقوق.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "ضيف
عربي21":
كيف ترى انعقاد قمة المناخ في مصر رغم الانتقادات الحقوقية الكثيرة؟
نعتقد أن التركيز على حقوق الإنسان في قمة
المناخ مطلب أساسي لتغيير النقاشات بوجود العديد من قضايا العدالة البيئية على
المحك، وبسبب الدور الحاسم للجهات الفاعلة غير الحكومية في المجتمع المدني في
إيجاد حلول ناجحة.
في غضون ذلك، تريد مصر استخدام مؤتمر المناخ،
وأرادت المشاركة في قمة المناخ، لأنها تريد أن تظهر واقعية هذه القضية للعالم،
ونحن نأمل أن يستغلوا هذه الفرصة للنهوض بحقوق الإنسان في مصر وإنجاح المؤتمر، لكن
آمالنا اليوم بدأت تتبدد؛ إذ تشير جميع البيانات الحكومية اليوم إلى أن مصر ستواصل
سياسة تجريم المظاهرات العامة بشكل أساسي.
نعتقد أنه يجب على حكومة السيسي تخفيف قبضتها
على المجتمع المدني، ودعم الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي،
لإنجاح المؤتمر الذي يعنى بتغير المناخ. كحد أدنى، يجب على السلطات المصرية
الإفراج بشكل فوري وغير مشروط عن أي شخص مُحتجز بشكل تعسفي سواء على خلفية ممارسة
حقوق الإنسان بشكل سلمي أو المعتقد أو الهوية أو التوجه الجنسي.
ويجب أن تتعهد السلطات المصرية باحترام الحق في
حرية التعبير والتجمع السلمي في جميع الأوقات، والامتناع عن قمع الاحتجاجات بشكل
غير مبرر على المنطقة المُحددة لها ليس فقط خلال المؤتمر الذي يعنى بالتغير
المناخي، وإنما بعده أيضا.
ما نصيحتك للشعب المصري لاستغلال قمة المناخ؟ وهل في حال خروج احتجاجات سيتم قمعها بسهولة في هذه الفترة أم لا؟
أي نصيحة تقدمها منظمة العفو الدولية للشعب
المصري في هذه اللحظة يجب أن تقر بأنه لا توجد حاليا مساحة عامة في مصر يُسمح فيها
للناس بإيصال أصواتهم، والقيام بذلك يعني المخاطرة بالسجن والاحتجاز المطوّل في ظل
ظروف سيئة في السجون المصرية.
بناءً على ذلك، في ظل هذه الظروف يتعين على
جميع الدول المشاركة في المؤتمر حثّ السلطات المصرية على عدم تقييد حرية التجمع
وتكوين الجمعيات والتعبير، واتخاذ خطوات هادفة لمعالجة مخاوف الجهات الفاعلة في
المجتمع المدني المصري، وضمان مشاركة آمنة وهادفة بالنسبة لهم يمكن أن تسهم في
نجاح مؤتمر المناخ.
يجب أن يكون الضغط خارجيا لخلق مساحة للناشط
المصري لإيصال صوته، بالإضافة إلى ذلك، ندعو جميع المشاركين الدوليين للتأكد أثناء
وجودهم في مصر من حماية أصوات جميع النشطاء المدنيين سواء المصريين أو الدوليين
الساعين إلى إسماع أصواتهم.
كيف تنظر لقيام إدارة بايدن بحجب جزء من المساعدات العسكرية لمصر؟ وهل هذا أمر كافٍ؟
إن الحكومة الأمريكية لديها آليات قانونية تم
تحديدها لضمان عدم استخدام المساعدات المُقدمة للدول الأجنبية لارتكاب انتهاكات
لحقوق الإنسان، وقد استحسنت منظمة العفو الدولية انتقاد سجل حقوق الإنسان للحكومة
المصرية الذي ينطوي على حجب المساعدات الأمريكية.
ومن بين تلك الآليات المتاحة للحكومة
الأمريكية، على سبيل المثال، قانون "ليهي" الذي يُجرّم تقديم مساعدات
عسكرية أمريكية إلى وحدات عسكرية أجنبية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وبالمناسبة، يتضح هذا النقد أيضا في التقرير
السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في مصر، لكن حجب قدر صغير من
المساعدات لا يُشكّل خطة فعالة للضغط على الحكومة المصرية لتحسين جهودها في مجال
حقوق الإنسان.
لذا، على المسؤولين الأمريكيين وإدارة بايدن أن
يكونوا أكثر صرامة، وأن يتتبعوا المساعدات لضمان عدم استخدامها في انتهاكات حقوق
الإنسان.
فضلا عن ذلك، يجب أن لا تقتصر السياسة
الأمريكية على شروط المساعدة العسكرية، واستخدام جميع نقاط التأثير لضمان أن
السياسات الأمريكية تدعم بناء مجتمع مدني حيوي ومستقل في مصر من شأنه أن يخدم مصلحة البلاد ويخلق مجتمعا
أكثر استقرارا للمصريين في المستقبل البعيد.
كيف تتابعون مجريات الحوار الوطني في مصر الذي دعا إليه السيسي؟
فيما يتعلق بالحوار الوطني لا يسعني إلا أن
أكرر ما صرحت به الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أغنيس كالامارد، عن الحوار
بقولها إن السلطات المصرية أوجدت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كغطاء برّاق
يتستر على انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان مُعتقدة أنها ستخدع العالم بحلول
انعقاد مؤتمر التغير المناخي، لكن الحقيقة المروعة لسجلهم سيئ السمعة في مجال حقوق
الإنسان لا يمكن إعادة الترويج لها من خلال حيلة في العلاقات العامة.
يجب ألا ينخدع المجتمع الدولي بمحاولات مصر
للتكتم على جسامة أزمة حقوق الإنسان في البلاد، بل يجب عليه بدلا من ذلك الضغط
بشكل كبير ومتزايد على السلطات المصرية، علنا وسرا، لاتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء
حلقة الانتهاكات والإفلات من العقاب من خلال إطلاق سراح الآلاف من المنتقدين
والمعارضين المعتقلين تعسفيا في السجون المصرية، وتخفيف القبضة على المجتمع المدني
والسماح بالتظاهر السلمي.
حسن نافعة لـ"عربي21": قمة الجزائر لن تحل الأزمات العربية