خلص
تقرير لمعهد واشنطن للدراسات إلى أن الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في تونس
لن تساهم في تبديد الشكوك أو تحل الأزمة المتفاقمة هناك.
وبحسب
التقرير الذي أعدته سابينا هينبرغ فإنه مع تزايد الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية
في مناطق كثيرة من تونس، وقرب انطلاق سلسلة الانتخابات المخطط لها هذا الشهر وفي العام
المقبل، فإنه ليست هناك احتمالات كبيرة لتعزيز ثقة الجمهور في حكومة استبدادية بشكل متزايد.
ويكشف
التقرير عن حالة من الشكوك وليس الكثير من الأمل تسود بين المواطنين قبيل أسبوعين
من الانتخابات. فالتصويت كان يعني اكتمال خارطة الطريق السياسية المثيرة للجدل التي
أعلنها الرئيس قيس سعيّد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. لكن نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية
المتدهورة في البلاد، فإن السؤال الأكثر أهمية هو: متى ستصل البلاد إلى نقطة تحوّل تندلع
خلالها الاضطرابات التي لم يعُد بإمكان الرئيس احتواءها؟
ويلقي
التقرير باللوم على الشروط التي وضعت للترشيح ومنع الأحزاب من الترشح بقوائم
لتسببها في خفض عدد المرشحين. وعلى الرغم من أن الحكومة مددت فترة التسجيل لثلاثة أيام،
فإن العدد النهائي للمرشحين لم يتجاوز الـ1055 مرشحاً في 161 دائرة انتخابية، من بينهم
122 امرأة فقط.
وإزاء
تلك الشروط التي وصفها التقرير بـ"القمعية"، فقد قررت العديد من الأحزاب مقاطعة
الانتخابات. علاوة على ذلك، فإن منع الأحزاب من تمويل المرشحين أثار مخاوف من فوز أولئك
الأكثر ثراء في الانتخابات. وتركت هذه العوامل مجتمعة أبناء الشعب مع القليل من الأمل
في أن يكون مجلس النواب المقبل ممثلاً حقيقياً له. كما أن البيئة السياسية الغامضة
التي أنشأها سعيّد دفعت بالبعض حتى إلى التشكيك بإمكانية إجراء الانتخابات أساساً.
في غضون
ذلك، لا تبدو درجة ثقة التونسيين برئيسهم واضحة. فنسبة المشاركة الضئيلة في الاستفتاء
الدستوري الذي جرى في تموز/ يوليو والتصريحات النقدية الصادرة عن فئات اجتماعية بارزة
تشير إلى تراجع نسب تأييد سعيّد منذ صيف 2021.
لكن
مهما تراجعت الثقة بسعيّد، وفق التقرير، فإنها تبقى أقل تأثيراً من اشمئزاز الشعب المتفاقم
من الفساد الملحوظ وانعدام كفاءة النخب السياسية في البلاد.
ويعتقد
الكثير من المراقبين أنه على الرغم من ازدياد أعداد المواطنين الذين أصبحوا يشككون
بنوايا سعيّد، فإن هجماته القانونية والسياسية على الإسلاميين ساهمت في جعل المواطنين
يفكرون ملياً قبل انتقاده. ومن الناحية السياسية، فإنه ليس هناك بديل آخر أمامهم في الوقت
الراهن.
وتتزايد دوامة الاضطرابات المحلية وسط حالة من الإحباط بسبب نقص الوقود والمواد الغذائية
والتضخم والبطالة، ما زاد في وتيرة الاضطرابات في المناطق الفقيرة..
فعلى
سبيل المثال، اندلعت منتصف تشرين الأول/ أكتوبر أعمال شغب ليلية في حي التضامن الفقير
في العاصمة التونسية بعد مقتل شاب من المحتجين أثناء مطاردة الشرطة له.
وخلال
الشهر نفسه، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في شوارع مدينة جرجيس الجنوبية.
ويبدو
أن سخط الشعب إزاء عجز الدولة عن تحسين أوضاعه المعيشية بطريقة مجدية ينفجر في عدة
مناطق. فالوضع السائد حالياً يعيد إلى الأذهان الأشهر التي سبقت انتخاب سعيّد عام
2019، عندما كانت الاحتجاجات الاجتماعية وحالات الانتحار والصدامات مع الشرطة أحداثاً
متكررة.
لكن
حتى الآن، لم يفعل الرئيس شيئاً لاحتواء هذا الاستياء الشعبي باستثناء إصدار قوانين
متشددة تعاقب على الجرائم السيبرانية، التي لم يتمّ تعريفها بشكل واضح، وتُجرم نشر
"أخبار مزيفة".
ويساور الناشطين القلق من احتمال صدور مرسوم جديد لتقييد عمل منظمات المجتمع المدني
من خلال الحدّ من قدرتها على الحصول على تمويل خارجي.
نظرة
قاتمة بعد الانتخابات
وبحسب
التقرير فإنه حتى لو جرت الانتخابات من دون اندلاع أعمال عنف على نطاق واسع أو عمليات
تزوير، فسيبقى الشعب مرتاباً حيال بقاء النظام الاستبدادي الذي يحكم قبضته على البلاد
أكثر فأكثر. فالشروط الانتخابية المذكورة أعلاه تضمن عملياً فوز برلمان غير تمثيلي
يعمل في بيئة دستورية تمنح سعيّد المزيد من الفرص لترسيخ سلطته.
ومن
المزمع إجراء الانتخابات المحلية في ربيع عام 2023، ومن غير المرجح أن تعزز الانتخابات
الإضافية الثقة في النظام السياسي بعد أن أعاد سعيّد هيكلة اللجنة الوطنية للانتخابات
واختار بنفسه أعضاءها.
وسيشكل
الاقتصاد المتدهور عاملاً أكثر حسماً حتى في تحديد الجو العام السائد في أوساط المواطنين.
فقد ارتفعت نسبة الدَيْن إلى "الناتج المحلي الإجمالي" إلى 89 في المائة
(مقارنة بـ 47 في المائة في عام 2011)، وعلى الرغم من أن قرض "صندوق النقد الدولي"
قد يمنح السلطات بعض الوقت، إلّا أن المبلغ لا يكفي لتغطية احتياجات تمويل الحكومة
أو منع الوضع من التدهور أكثر. فضلاً عن ذلك، فإنه لا يزال يتعين على السلطات تطبيق الإصلاحات
غير الشعبية التي اشترطها القرض، وهي مهمة لم تتمكن الحكومات السابقة من تنفيذها.
ويرجح
التقرير عدم تدخل الجيش في اللعبة السياسية، فعلى الرغم من أنه نفذ في الأصل أوامر
سعيّد لإقفال مكتب رئيس الوزراء والبرلمان، فإنه توارى بعد ذلك عن الأنظار.
وتقليدياً،
لم يتدخل الجيش في اللعبة السياسية في تونس، وبإمكان قادته الحاليين رفض الأوامر الرئاسية
لإطلاق النار على المحتجين إذا واجهوا مثل هذا الخيار، كما فعلوا في عام 2011. ومع
ذلك، فإنه لا يزال الكثيرون يخشون من تبلور سيناريو يضطر فيه الجيش إلى استلام زمام الأمور.
عمره 89.. إعادة انتخاب سيناتور أمريكي للمرة الثامنة
ترامب يتحدث عن "إعلان هام جدا" منتصف الشهر.. ويهاجم بيلوسي
"طباخ بوتين" يفجّر مفاجأة.. والبيت الأبيض يعلق