· الكتاب: لماذا يستهدف قادة الغرب الإسلام؟!
· المؤلف: طارق الزمر
· الناشر: دار الأكاديمية للنشر
· تاريخ الإصدار: كانون الأول/ ديسمبر 2022
· عدد الصفحات: 60 صفحة
حاول كتاب جديد، ألّفه رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية طارق الزمر، رسم "صورة واقعية" لما جرى تاريخيا، ويجري حاليا، بين الإسلام والعالم الإسلامي من ناحية، والغرب من ناحية أخرى.
كما يحاول المؤلف من خلال مقالاته الـ 11، التي تضمنها الكتاب، أن يضع لبنة في بناء تصور إسلامي متكامل لطبيعة العلاقة مع الغرب بتجلياته المتعددة، التي قال فيها؛ إنه يجب أن تُشكّل محورا مهما من بين محاور الإدراك الشامل لطبيعة المرحلة، ومن ثم المراحل المقبلة.
"فرية كبرى"
يزعم المستشرقون الجُدد ومن خلفهم معظم قادة الدول الغربية، أن الإسلام والتنظيمات الإسلامية المعاصرة، بل والمسلمين أنفسهم، هم سبب الصدام الواقع بين العالم الإسلامي والغرب، وهو بالطبع تصوير مبني على أن الإسلام والعالم الإسلامي هما سبب التاريخ الصراعي الطويل بين الإسلام والغرب.
لكن الكتاب يصف هذا الزعم بـ "الفرية الكبرى" و"الإفك المبين"، محاولا الكشف عن بعض جوانب ما وصفه بـ "العدوان الغربي الواسع والممتد على الإسلام والعالم الإسلامي"، وأسباب هذا العدوان، وأهدافه، ثم لماذا يصر الغرب رغم كل ذلك على تشويه الإسلام واتهام رسوله بـ "العدوانية"؟ واتهام المسلمين بـ "الإرهاب"؟.
في حين دعا المسلمين إلى "امتلاك تصور شامل لرؤية الغرب للإسلام وخططه للتعامل معه، وذلك حتى يتمكنوا من وضع تصور شامل للتعامل مع هذا العدوان المنظم، ووضع رؤية واقعية للدفاع عن الدين والهوية والأوطان، بل ووضع فلسفة سياسية لبناء جبهة عالمية تدافع عن الإنسانية في مواجهة مخاطر النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، الذي أصبح يهدد الحضارة الإنسانية عامة".
كما طالب بالتصدي لموجات العنف المحسوبة على الإسلام والموجّهة للمجتمعات الغربية، باعتبارها هي رد الفعل الصحيح أو المكافئ لهذا العدوان الغربي المنظم؛ لأنها في الحقيقة تصب في خدمة المخططات الغربية التي تستهدف الإسلام والعالم الإسلامي.
استعادة فاعلية العالم الإسلامي
ويرى الكتاب ذاته أنه أصبح من الضروري أن "يأخذ الراشدون بزمام المبادرة لإدارة نشطة وذكية، تهدف لإعادة الاعتبار للحضارة الإسلامية وللقيم والمفاهيم التي بشّرت بها لاستعادة فاعلية العالم الإسلامي على الخريطة الدولية".
وقد تعرض الكتاب للقضايا والموضوعات المهمة في هذا المجال، من خلال بعض المقالات التي حملت عناوين مختلفة هي: "تصور تاريخي لطبيعة علاقة الغرب بالإسلام"، و"الاستشراق.. والتأسيس الشامل للعدوان على الإسلام والمنطقة الإسلامية"، و"تشبع العقلية الغربية بالصدام.. والعمل على استئصال الآخر"، و"المصالح الاستراتيجية.. وأهميتها في تشكيل عقلية الاستعمار والهيمنة"، و"الصورة التي يجري رسمها للإسلام في الغرب"، و"المستشرقون الجدد.. وتصورهم للعلاقة مع الإسلام".
من بين عناوين تلك المقالات أيضا: "التحالف (الديني/ السياسي).. المعادي للإسلام"، و"مَن الذي يقود الغرب الآن؟ وإلى أين؟"، و"طبيعة التحالف الغربي المعادي للإسلام"، و"الاستراتيجيات الغربية المعاصرة ضد الإسلام والعالم الإسلامي"، و"الاستراتيجية المقترحة والسياسات اللازمة لاحتواء الهجمة الغربية المعاصرة على الإسلام".
ويقول الكتاب: "لا بد وأن نقرر أن الأمة الإسلامية برغم وضعيتها الراهنة، لا تزال تمتلك كثيرا من عوامل الحيوية وعناصر الفاعلية، ولا ينقصها سوى الإدارة الاستراتيجية الرشيقة.. كما يجب ألا ننسى، بل وأن يكون حاضرا أمامنا دائما، أن أمتنا قد استطاعت أن تصمد في فترات تاريخية مهمة من تاريخها أمام تحديات أكبر وأخطر؛ فقد استطاعت أن تحتوي الحملات الصليبية الأوروبية الكاثوليكية بعد جهاد طويل، كما هزمت الإمبراطورية البيزنطية الأرثوذكسية وفتحت القسطنطينية".
استراتيجيات وسياسات مختلفة
لكن من الضروري لمواجهة التحديات المعاصرة، أن يعمل العالم الإسلامي والمتنفذون فيه من خلال استراتيجيات وسياسات عدة.
أولى تلك السياسات ترتكز على "العمل على إعادة بناء الأمة من خلال ثوابتها التاريخية وقيمها التي لا تنفك عنها"، ونظرا لأن "المعركة التي يديرها الغرب ضد الإسلام تعتمد على نظرية صدام الحضارات، وأن الإسلام لديه طاقة عدوانية بشأن غير المسلمين، وإنه يستبيحهم ولا يجعل لهم حرمة، فإن واجب الوقت يقتضي ضرورة إبراز النهج الإسلامي لحوار الحضارات والعمل على تكاملها وتعايشها، وأن أهم ما يمكن إبرازه هو نظرية الإسلام ومنهجه العلمي والعملي في التعامل مع غير المسلمين في أزمنة السلم، بل والحرب، الذي يتضمن أرقى قواعد عرفتها البشرية في التعامل مع المخالفين في العقيدة وعلى أساس من العقيدة".
ويشدّد الكتاب على أهمية "تأكيد تأسيس منابر عالمية للدعوة الإسلامية، حيث قد أصبحت الدعوة هي أقوى أسلحة الإسلام الاستراتيجية في ظل ما يشهده عالم اليوم من الانهيار القيمي والعقدي والمنهجي والتردي الأخلاقي والسلوكي، وهو نتيجة مباشرة لسيادة حضارة الغرب المادية".
ونادى بضرورة "طرح رؤية إسلامية ثقافية مُضادة للطرح الغربي بشأن الإسلام، الذي يعتمد على تشويه كل جوانب الثقافة الإسلامية؛ فالمرأة على سبيل المثال التي يرى الغرب أن الإسلام قد هضمها حقوقها وعزلها عن أي دور فعال في المجتمع.. نجده في الحقيقة قد كفل حقوقها بما يضمن ويؤمن أداء دورها بكفاءة وفاعلية، وبوأها موقعا في المجتمع لم تعطه في ثقافة أخرى".
وأردف: "كما أن هذه الرؤية يجب أن تفضح الجناية الكبرى التي ارتكبتها الثقافة الغربية بشأن المرأة، وكيف أنها قد حطت بها عند أدنى درك العبودية، ولم تحقق لها حتى الآن أي صورة من صور المساواة المدعاة. أما الحجاب الذي تراه الثقافة الغربية شكلا من أشكال القمع والكبت، الذي يمارس ضد المرأة، نجده من أبرز صور التكريم التي لم تجعلها -كما في الثقافة الغربية- مجرد سلعة مباحة أو مشاعا، حتى دونما ثمن، وإعادتها من جديد إلى ما هو أبشع من عصر الرقيق".. "بل لم يقف الأمر عند هذا الحد من امتهان الكرامة الإنسانية، حيث نجد الحملة الشعواء الهادفة لتعميم الشذوذ الجنسي وحمايته القانونية، فضلا عن كل أشكال الدعم المالي والإعلامي من قبل مراكز النفوذ في الغرب".
عدوانية الثقافة الغربية
كذلك يطالب مؤلف الكتاب بـ "فتح الباب على مصراعيه، لكشف حقائق عدوانية الثقافة والسياسة الغربية، إذا ما قورنت بالإسلام، وهو ما يحتاج إلى قراءات تاريخية موسعة، فضلا عن الدراسات الفكرية والمنهجية. ولا بد من التصدي الفقهي والفكري والعقدي لكل مظاهر الخضوع والتقليد المزري داخل مجتمعاتنا لحضارة الغرب، وكل صور وأشكال تسويغ التبعية أو العمالة".
سابعا: ضرورة نشر الوعي بالفصل بين النخب الغربية المعادية للإسلام، سياسية أو دينية أو ثقافية، وبين الشعوب الغربية التي يجري إقحامها في معركة لم تشأ خوضها؛ فهجوم ماكرون على الإسلام لا يعبر عن الشعوب الغربية بقدر ما يعبر عن تحالفه الصهيوني وحساباته الانتخابية الضيقة.
ويرى الزمر، الذي حصل على دكتوراه الفلسفة في النظم السياسية من جامعة القاهرة، ضرورة "العمل على تحييد القوى الدولية المتضررة من هيمنة القطب الأوحد، التي يجري دفعها لإعلان الحرب على الإسلام، بل والسعي لإقناعها بإمكانية وأهمية التحالف مع العالم الإسلامي".
بخلاف ذلك، دعا إلى "التعامل الواعي والمرن مع تناقضات التحالف الغربي المعادي (الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية)، علما بأن مساحة التناقضات داخل التحالف الغربي تطرح هذه الرؤية بوضوح، وتلح عليها؛ فالدول الكاثوليكية الأوروبية تختلف عن الدول البروتستانتية، والدول البروتستانتية غير الأنجلو ساكسونية، تختلف عن الدول البروتستانتية، وهم جميعا يختلفون عن الدول الأرثوذكسية التي تتزعمها روسيا، التي لا يمكن بحال اعتبارها الآن جزءا من التحالف الغربي".
واستطرد قائلا: "كما يجب أن يكون حاضرا في هذا المجال، خبرة الدولة العثمانية التي تعاملت بذكاء مع تناقضات روما الكاثوليكية والدولة البيزنطية الأرثوذكسية، حتى فتحت القسطنطينية، بل واستمر زحفها داخل القارة الأوروبية مُستفيدة من الصراع السياسي بين ملوك فرنسا وإنجلترا وإسبانيا، وكذلك الخلاف بين الكاثوليك والبروتستانت".
كما طالب بـ "التحرك النشط والفعال تجاه المؤسسات الإقليمية والدولية، الحكومية وغير الحكومية، لكشف الحجم الهائل للعدوان الجاري على الإسلام والعالم الإسلامي والعمل على وقفه أو إدانته، والعمل على بناء موقف إسلامي جامع يستنهض الحكومات والمؤسسات والحركات والهياكل والكيانات الإسلامية والوطنية بالعالم الإسلامي؛ للدفاع عن الإسلام والمنطقة الإسلامية، في أهم مراحل تاريخها المفعم بالتحديات والمزدحم بالمخاطر.