اعترف رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد
الدبيبة أخيرا بمسؤوليته عن تسليم المواطن الليبي المتهم بتفجير حادثة
لوكربي، أبو عجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة، تحت ذريعة "تخليص
ليبيا من وسم الإرهاب"، وذلك عقب هجوم شنه نشطاء وسياسيون على حكومته، اتهموه وحكومته بالتورط في القضية والتسبب بفتح ملف أغلق سابقا.
وقال الدبيبة في حديث متلفز حول الموضوع: "عقب تصنيفه إرهابيا وصدور مذكرة قبض بحقه كان واجبا علينا تسليم أبو عجيلة لتخليص ليبيا من وسم الإرهاب (..) سلمنا أبو عجيلة مسعود إلى واشنطن لتحاكمه على خلفية تورطه في قضية لوكربي".
وقال الدبيبة: "كلفنا فريق محاماة للدفاع عن
بوعجيلة بغض النظر عن تورطه، وباشرنا في إجراءات تسفير عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزيارته".
وأضاف: "هناك من يخشى أن تطاله يد العدالة ويستخدم عواطف المواطنين لتأجيج الرأي العام (..) مصلحة ليبيا تقتضي التعاون مع الدول الكبرى بما يحقق مصلحتها بما فيها قضايا مكافحة وملاحقة الإرهاب".
والأحد الماضي، أعلنت وزارة العدل الأمريكية، أنها تحتجز ليبيًا يدعي "بوعجيلة مسعود المريمي"، ويشتبه في قيامه بتصنيع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة أمريكية فوق مدينة لوكربي في أسكتلندا عام 1988.
وقال مسؤول في الوزارة؛ إن الرجل سيمثل أمام محكمة اتحادية في واشنطن قريبا، دون أن يحدد تاريخا لذلك.
ووجهت الولايات المتحدة الاتهام لمسعود قبل عامين على خلفية قضية لوكربي، وكان قد احتُجز سابقا في ليبيا لضلوعه المفترض في هجوم عام 1986 على ملهى ليلي في برلين.
وكان المريمي اختطف من منزله في منطقة بوسليم في العاصمة طرابلس يوم السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من قبل قوة مسلحة مجهولة، تبين لا حقا أنها القوة المشتركة التابعة للحكومة برئاسة الدبيبة، وقد أودع في مقر لها في مدينة مصراتة.
بدوره، قال عبد المنعم المريمي ابن شقيق "بوعجيلة"، إنه جرى إبلاغهم بقرب إطلاق سراحه، لكنهم تفاجأوا بتسليمه للولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت إلى أن أفراد من عائلة المريمي كانوا قد زاروه في مقر احتجازه بمدينة مصراتة، مشددا على أنهم خاطبوا النائب العام ووزارة العدل والمحامي العام والمجلس الرئاسي وحصلوا على وعود وتطمينات، متهما عناصر من القوة المشتركة التابعة للدبيبة باعتقال "عمه"، ومن ثم احتجازه في أحد مقراتها في مصراته، قبل أن يتم تسليمه.
وقضية لوكربي هي حادثة سقوط طائرة ركاب أمريكية فوق قرية لوكربي في أسكتلندا عام 1988، ما أسفر عن مقتل 259 شخصا هم جميع من كان على متنها إضافة إلى 11 شخصا من سكان القرية. وبعد أزمة سياسية بين ليبيا والولايات المتحدة لسنوات أدين بالحادث في 31 كانون الثاني/ يناير 2001 مواطن ليبي يدعى عبد الباسط المقرحي، الأمر الذي دعا نظام معمر القذافي في 2008 إلى القبول بالتسوية ودفع أكثر من ملياري دولار لأهالي الضحايا لإقفال القضية.
وفي تصريح سابق لـ"
عربي21"، قال عبدالمنعم المريمي، وهو ابن شقيق بوعجيلة إنه "في يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي تم اعتقال عمي الساعة الواحدة صباحا على يد قوة مسلحة لم نعرف هويتها ساعتها وتم اقتياده إلى مكان غير معروف".
وأضاف: "في صباح اليوم التالي تواصلنا مع كل الجهات المسلحة في طرابلس وأكدوا أنهم لا علاقة لهم بالأمر، ثم اكتشفنا أنه موجود لدى القوة العسكرية المشتركة بمدينة مصراتة (قوة تتبع حكومة الدبيبة)، فطلبنا منهم الزيارة ووافقوا على الأمر والتقينا به بالفعل وكان في حالة سيئة جدا صحيا".
وبين المريمي أن "القوة المشتركة بمصراتة أكدت لهم أن اعتقال بوعجيلة مسعود جاء خوفا عليه لأن حياته مهددة بالخطر ويمكن اختطافه في أي وقت وأنه سيمكث لديهم فترة قصيرة ثم يعود إلى بيته، ما طمأن العائلة وعادت إلى مكانها".
وعلى إثر حادثة تسليم "بوعجيلة"، فإن إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي، نشر نص الاتفاق على قفل قضية لوكربي نهائيًا، وقال في تصريحات في صفحته على "فيسبوك"، إن الاتفاق نص على قبول الطرفين للتسوية المادية مقابل تلك القضايا على أن تعتبر الأموال المدفوعة تسوية كاملة ونهائية تمامًا.
وأضاف: "الاتفاق نص على أنه لا يجوز بعد هذه التسوية فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ 30 كانون الثاني/ يونيو 2006 (موعد إبرام الاتفاق).
وشدد على أن "الاتفاق نص على التزام الولايات المتحدة بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا وبأن لا يستلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض إلا بعد توفير هذه الحصانة وهو ما تم بالفعل عبر مراسيم رئاسية وتشريعية أمريكية".
وأكد أن "الكونغرس الأمريكي أصدر القانون رقم 110/301 الصادر في آب/ أغسطس من 2008، بأن "تكون الممتلكات الليبية والأفراد الليبيين المعنيين في مأمن من الحجز أو أي إجراء قضائي آخر عن طريق النائب بالكونغرس جو بايدن في حينه، والذي تقدم بهذا التشريع".
وتابع: "في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2008 وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير، مرسومًا رئاسياً برقم 13477 ينص على التزام الولايات المتحدة بتسوية الالتزامات المطلوبة منها والتي ارتكبها مواطنوها، على أن تلتزم ليبيا بنفس المبدأ مع الإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإقفال أي قضايا مفتوحة من قبل عائلات الضحايا سواء أمام المحاكم المحلية أو الأجنبية".