يعاني عدي ابن التسع
سنوات من شلل دماغي نتيجة فشل تروية الدماغ بالأكسجين أثناء الولادة، ويقطن الطفل
في مخيم غزة للاجئين الفلسطينيين (50 كم شمالي العاصمة عمان)، الذي لا يحمل أغلب
سكانه الرقم الوطني الأردني (الجنسية).
ولا تجد عائلة الطفل حالها
حال آلاف الأطفال من أبناء غزة، رعاية طبية متخصصة؛ بسبب عدم حملها للجنسية
الأردنية، ما يحرم الأطفال ذوي الإعاقة من استكمال مسيرة
العلاج على غرار نظرائهم
من الأطفال الأردنيين.
لا يوجد إحصائيات
دقيقة حول أعداد "أبناء غزة" في الأردن، إلا أن التقديرات الرسمية تشير
الى أعدادهم تصل الى ما يقارب الـ150 ألفا أغلبهم لا تعود أصولهم إلى قطاع غزة كما هو
معروف.
فقد نزح أغلبهم من
أماكن مختلفة من قرى ومدن فلسطين المهجرة عام 1948، حيث نزحوا في البداية إلى قطاع
غزة الذي كان يخضع للسلطة المصرية، ثم لجأوا للأردن في عام 1967، الأمر الذي
أكسبهم اسم
أبناء قطاع غزة، ويقيم هؤلاء
منذ ذلك التاريخ في الأردن إقامة دائمة.
صرخة استغاثة
وفي محاولة لتحصيل
حقوق الأطفال ذوي الإعاقة، نظمت أمهات من أصحاب القضية، حملة مجتمعية أطلقوا عليها
اسم "بهمونا"، لمخاطبة السلطات الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين، للمطالبة بتوفير
تأمين صحي للأطفال من عمر الولادة حتى 18 عاما.
وتقول منسقة الحملة
فوزية المغربي لـ"عربي21"، إن "غياب التأمين الصحي لما يقارب الستة آلاف طفل من ذوي الاعاقة يعرض حياتهم للخطر، بسبب ضعف الإمكانيات لأبناء قطاع غزة
الذين يعمل أغلبهم بالأعمال الحرة، نحن حملة بدأت بثماني أمهات وتوسعت لاحقا الى
أكثر من 320.. أما بعد تلقي تدريبات في التنظيم المجتمعي مع مؤسسة "أهل" وجمعنا
تواقيع للمطالبة بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة".
وبحسب المغربي فإن "التأمين الصحي هو حق لكل الأطفال ذوي الإعاقة، بحسب اتفاقية حقوق الطفل
واتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة نطالب بما هو حق لنا ولأولادنا، لضمان حياة كريمة
لهم".
اتفاقيات ملزمة
ويصادق الأردن على
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتفاقية حقوق الطفل، اللتين تنصان على حق
الرعاية الصحية لكل الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة على أرض الدولة المصادقة.
وتنص اتفاقية حقوق
الأشخاص ذوي الإعاقة على أن " التمييز ضد أي شخص على أساس الإعاقة يمثل انتهاكا
للكرامة والقيمة المتأصلة للفرد، كما ينبغي أن يتمتع الأطفال ذوو الإعاقة تمتعا
كاملا بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين، إذ تشير إلى الالتزامات التي تعهدت بها الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل
تحقيقا لتلك الغاية".
رد حكومي
الحكومة الأردنية وعلى
لسان مدير الشؤون الفلسطينية رفيق خرفان، أكد أن "الأونروا تقدم الخدمات
الصحية الأولية من خلال العيادات لجميع اللاجئين ومن بينهم أبناء غزة، الى جانب
وجود اتفاق بين الحكومة الأردنية والأونروا أن يعامل أبناء غزة في التأمين الصحي
الحكومي معاملة الأردني المقتدر، من خلال العلاج بالمستشفيات الحكومية مقابل رسوم
مادية بسيطة".
وتابع في حديث لـ"عربي21": "أما بخصوص
المطالب بتوفير تأمين صحي لأبناء غزة من ذوي الإعاقات، فإن مراكز التأهيل
المجتمعي المنتشرة في المخيمات تقدم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، وقدمت المبادرات
الملكية الكثير من الدعم لهذه المراكز وللمراكز النسائية من خلال مبانٍ جديدة ودعم
المراكز الفاعلة ماديا".
وقال خرفان: "نحاول توجيه المنظمات والأونروا لمساعدة أبناء قطاع غزة من خلال تحديث وترميم
المساكن، قمنا بتأهيل العديد من المساكن التي كانت من الصفيح واليوم نقوم بتأهيل
المساكن الآيلة للسقوط".
وعلى الرغم من السماح
لأبناء قطاع غزة بالعلاج في المستشفيات الحكومية في الأردن، إلا أن الرسوم التي
تدفع لقاء الكشف عن الأمراض والعلاج مرتفعة مقارنة بما يدفعه المواطن الأردني لقاء
العلاج، ولا يقوى أبناء المخيم على هذه الرسوم نظير الدخل الذي يتقاضونه.
ويتلقى أبناء قطاع غزة
المسجلين في المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين الأونروا، العلاج الأولي في المراكز
الصحية التابعة للأونروا والتي لا تفي بمتطلباته العلاجية، كونها تقدم الرعاية
الصحية الأولية فقط ولا يشمل ذلك الرعاية الصحية المتخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة.
خدمات الأونروا
بدورها قالت وكالة غوث
وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في ردها على سؤال لـ"عربي21": "إن الوكالة
لا تقدم التأمين الصحي للاجئين، بل تقدم الرعاية الصحية الأولية للمسجلين،
والمستحقين لديها من اللاجئين الفلسطينيين ومنهم أبناء قطاع غزة".
وأضافت: "تعمل
الوكالة على تحويل اللاجئين إلى جهات الاختصاص في المملكة في حال عدم توفر الخدمة
المطلوبة أو الاختصاص المطلوب وتقدم الدعم المالي المتاح إن توفر، والذي يشكل نسبة
من تكلفة العلاج المطلوبة.. هذا وتقدم الوكالة خدمات المناصرة لدعم اللاجئين
الفلسطينيين في الأردن والأقاليم الأخرى التي تعمل الوكالة فيها".
ويعيش "أبناء
قطاع غزة" في الأردن ظروفا اقتصادية صعبة، ويعمل غالبيتهم في المهن الحرة،
كعمال بناء وغيرها، بعد أن حرمتهم السلطات الأردنية من العمل في القطاع العام،
وفرضت عليهم الحصول على تصاريح عمل أسوة بالعمالة الوافدة، وأغلقت أمامهم 19 وظيفة
حصرها قانون العمل للأردنيين فقط.