في الوقت الذي تتوجه فيه أنظار الإسرائيليين إلى المعارك التي بدأتها حكومتهم ضد
الفلسطينيين من قبيل حظر الأعلام الفلسطينية، وزيادة اقتحامات المسجد الأقصى، فإنها تغض طرفها عن الواقع الميداني اللافت بين قطاع
غزة الذي يشهد هدوءًا أمنياً لافتا، وبين
الضفة الغربية التي تعيش هجمات مسلحة على مدار الساعة.
مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز ديان بجامعة تل أبيب، والباحث بمعهد السياسة والاستراتيجية بجامعة رايخمان، "ربط هذه التطورات الفلسطينية بإحياء حماس قبل شهر الذكرى الـ35 لتأسيسها في احتفالات مؤثرة، وهي تنظر لنفسها بقدر كبير من الفخر والتفاؤل، لأنها خلال ثلاثة عقود ونصف، انتقلت من مجموعة من الجمعيات الخيرية العاملة في أزقة مخيمات اللاجئين، إلى حاكمة في قطاع غزة، وانتقلت إلى شبه جيش، تكتسب اعترافًا متزايدًا في الساحتين العربية والدولية، وتتطلع لانتزاع النظام السياسي الفلسطيني، وهو تحدٍ لإسرائيل".
وأضاف في مقال نشره موقع
القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "الضفة الغربية في الوقت ذاته تشهد تصاعدا ميدانيا كما لم تكن في السنوات العشرين السابقة، ولذلك هناك علاقة بين الحالتين، حيث تلعب حماس دورًا رئيسيًا في الهجمات التي تشهدها الضفة، وتؤسس البنى التحتية التي تنفذها، وتدعم الخلايا المستقلة مثل عرين الأسود، وتشجع التحريض الجامح، وفلسطينيي48 لخوض مواجهة ضد الدولة".
وأكد أن "الواقع القائم بغزة والضفة ليس نتاج اتفاق سياسي، أو انتصار عسكري ساحق، بل بداية تحول استراتيجي للقضية الفلسطينية، ونتاج للفوضى السياسية الإسرائيلية التي تجعل من الصعب صياغة سياسة منظمة طويلة الأمد، وبالتالي فإن الهدوء الحالي في غزة يعتبر تقصيرا في ظل الطبيعة السيئة للبدائل الأخرى، بما في ذلك
التصعيد المستمر الذي يجعل حياة مستوطني الجنوب مريرة من خلال احتلال غزة، وهو سيناريو متطرف سيكلف إسرائيل ثمناً استراتيجياً باهظاً".
وأشار إلى أن "إسرائيل مطالبة بإلقاء نظرة رصينة على واقع غزة، لأن حماس تستغل التهدئة لتعزيز صراع مستقبلي، وتعزيز حكمها، وإلغاء عودة السلطة للقطاع، انطلاقا من مبدأ الصبر، والاستعداد لعقد هدنة مع العدو من أجل اكتساب القوة، وضربه بشكل غير متوقع في المستقبل، بما يمكن أن يسهم بتحسين اقتصادي للوضع في ظل الاستقرار المؤقت، دون القدرة على ليّ عنق أيديولوجيتها، أو تجنب ثمن وخسارة قد تقع بسبب اشتعال صراع في المستقبل، عندما يحين دفعها".
وتعتبر المحافل الإسرائيلية أن حماس تستمد من التهدئة في غزة الكثير من الفوائد، فهي غير مطالبة بتقديم تنازلات كبيرة، وتواصل تقوية نفسها عسكرياً، ولذلك فإن الحكومة الجديدة تحصل على الهدوء في غزة كميراث عن الحكومات السابقة، ورغم عيوبه الكثيرة، فمن المستحسن الحفاظ عليه، وعدم تجديد جولات التصعيد، خاصة عندما تواجه إسرائيل تحدّيات ثقيلة أخرى في الداخل والخارج، لكن من الضروري تغيير قواعد المعادلة التي تمليها حماس.
ويعتبر الواقع الفلسطيني المعقد دافعا لحكومة
الاحتلال الجديدة لمطالبتها بصياغة استراتيجية منهجية بشأن القضية الفلسطينية، في إطارها الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والعواقب طويلة المدى للتهدئة الحالية، بحيث يتم فحصها بعمق، مما يستدعي منها تقليل الانشغال بإجراءات شكلية، وعلى رأسها تكثيف اقتحامات المسجد الأقصى، وإزالة الأعلام الفلسطينية، في ضوء أن هناك من الحكومة من يعتبرها مسائل مبدئية ذات أهمية كبيرة، على حساب القضايا الاستراتيجية.