لماذا اكتب عن الزلزال؟
لم يخطر ببالي أن
أكتب عن الزلزال وقد كتب كل من يرى ما يرى، فمنهم من اعتبره عقوبة، ومنهم من
اعتبره إنقاذا، ومنهم اعتبره غسلا للخطايا، ومنهم من اعتبره تدميرا لا يحتاج إلى
دبابات، وما بين كل هؤلاء مشترك وهو الرأي الذي ينطلق من مفهوم كأي مفهوم آخر من
السرديات التي تُنسب للدين والقدرة واعتبار رفض هذا التقييم إنما اعتداء على
القدرة الإلهية، أو الكراهية المنحدرة بالقيمة الآدمية. وهذا لعمري أثار نوعا من
الأسى عندي، لكن ما دفعني للكتابة هي صورة لفتاة تحمي رأس أخيها وتبتسم لفريق الإنقاذ،
عندها كان لزاما أن نكتب في هذا الموضوع وهو يبين الأمل مع الألم، وما هو مطلوب
استخلاصه.
ليس
من أمر بغير إرادة الله، فهذا محسوم أمره ولكنه ليس قرارا آنيا أو يا زلزال اضرب
هنا، بل خلق الله كل شيء بنظام وقوانين ولكل مخلوق ماهيته، فهو حي وإن بدا جامدا
لكنه يخضع لماهيته "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ
لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
(11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء
أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ
تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (فصلت).
فالسماوات السبع والأرضين
السبع هي حية في ماهيتها تخضع لقضائه، وجعل السماء الدنيا مميزة بزينتها، وهي حيث
نحن ولم نتمكن علميا لحد الآن من الوصول إلى نهاياتها.
هنالك قضاء للأرض وقوانين موضوعة ثابتة وسنن للحياة، هنالك أرض تتكون من طبقات أرضية وصفائح متعددة، تتكون من لب وسائل عازل وقشرة أرضية، الكل في حركة ودوران
إذن هنالك قضاء للأرض وقوانين
موضوعة ثابتة وسنن للحياة، هنالك أرض تتكون من طبقات أرضية وصفائح متعددة، تتكون
من لب وسائل عازل وقشرة أرضية، الكل في حركة ودوران، ومن التقارير أن اللب الأرضي
توقف عن الدوران منذ مدة في العقد الماضي، وقد يتحرك بالاتجاه المعاكس في
المستقبل، وربما ما حصل هو تململ لحركته من جديد سواء باتجاه حركة القشرة أو عكسها.
لا أحد يمكن أن يجزم ما الذي سيحصل فعلا إن عاود اللب الحركة باتجاه معاكس لحركته
السابقة، وتأثير ذلك على الأقطاب المغناطيسية، والتي توجد دراسة بأنها انحرفت فعلا
عشر درجات عند حصول تسونامي اليابان. هذا كله ضمن قوانين الأرض والسنن، ولا يتغير
لوحده ومن ذاته. فالله ضمن ماهية الأرض، فما يحصل هو جزء من حركة الحياة كابتسامة
الطفلة عند حضور أغراب لإنقاذها وأخيها.
ماذا
ينبغي أن يكون رد الفعل؟
1- اليوم
تتركز جهود على الإنقاذ ومن يمكن إنقاذه، وهذا أمر إنساني لا بد منه ومن واجب
الإنسان للحفاظ على النسل والبشر والروابط الإنسانية والاجتماعية، وإلا بقينا
كقطيع الإيل لا يهتم لمن كان من قطيعه ويموت خنقا بأنياب الضواري أو الوحوش، وإن
تعويض هذه الناس بسكن كما فعلت قطر بإرسال بيوت جاهزة وهو الحل الأسلم حاليا مع
الأجواء الباردة والثلوج.
2- لا بد من تنقل سريع على المنشآت وفحصها
ليس بالنظر وإنما بأجهزة السونار، خصوصا السدود التي لها أولوية إن كانت في طريقها
للامتلاء، لأنها حتما ستتجه للسقوط والانهيار إن حصل ما يؤثر على استقرارها أو يسمح
بمرور المياه من داخلها أو وجود شقوق قابلة للتطور، كذلك الأبراج السكنية القريبة
من أبراج سقطت أو في المنطقة ذاتها.
لا بد من تنقل سريع على المنشآت وفحصها ليس بالنظر وإنما بأجهزة السونار، خصوصا السدود التي لها أولوية إن كانت في طريقها للامتلاء، لأنها حتما ستتجه للسقوط والانهيار إن حصل ما يؤثر على استقرارها أو يسمح بمرور المياه من داخلها أو وجود شقوق قابلة
3-
واضح جدا أننا نستقبل تغييرا ما لم يحصل في التاريخ المنظور في منطقتنا، لهذا لا بد
من إعادة النظر في التعليم وفهم معنى الدراسات، والتعمق في دراسات البيئة والصيانة
للمنشآت وعوامل السلامة عند إقامة الأبنية والمنشآت لتواجه هكذا حالات؛ ليست محض
هزات أرضية بل زلزالية تؤدي إلى تشققات في التربة، وهذا يعني تبني نظام الأعمدة لأعماق
تدرس أطوالها داخل الأرض وصب أسس كأرضية تقام عليها الأبراج السكنية لا تعتمد على
تراص التربة حتى أعماق مدروسة، وتزويدها بلدائن أو مطاط يمتص الحركة العنيفة.
4- إنشاء مراكز دراسات للنظر بصيغة تعاونية
بين بلدان المنطقة ومشاريعها التي لم تعد أمرا سياديا، وإنما يؤثر عطبها على غيرها
مثل السدود وانهيارها، فقد يغرق بلادا ويقتل أعدادا لا تحصى من الناس.
5- اتباع
نظام فضاءات التكامل في إدارة الموارد كلها ومنها الموارد المائية.
6- تكوين منظومة تتعاون في إدارة المصالح بين
الدول المتجاورة تنسق الأمور بأولوية أكبر من شكليات السيادة على الحدود السياسية
للحكومات.