كثيرة
ومرعبة هي الشهادات الواردة من بلدة
حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية التي
تعرضت لاقتحام دموي إرهابي من قبل المستوطنين، فاستباحوا منازلهم حرقا ونهبا وسرقة،
لكن شهادة جديدة كشف عنها موقع حقوقي إسرائيلي تشير إلى حجم الوحشية التي يتصف بها
هؤلاء
المستوطنون.
يوفال
أفراهام مراسل موقع "محادثة محلية" زار بلدة حوارة، والتقى مع العديد من
الفلسطينيين الذين عادوا إلى منازلهم في صباح اليوم التالي لاقتحام المستوطنين للبلدة،
ومنهم "عدي الضميدي الذي أحضر لطفله "تيم" المولود قبل ست سنوات قطة
حمراء الشعر أسموها "بوسة"، وهم يقطنون في شارع جانبي من القرية قرب بستان
زيتون، قدم شهادته عما حصل مرتجفًا أمام بركة من الدم فيما يصفها "ليلة المذبحة"،
حين قطع المستوطنون رأس القطة، ووضعوه في فناء المنزل، بعيدًا عن جسدها، فيما غرفة
الضيافة احترقت بالكامل، وفي الليلة التالية وقفنا بصمت أمام الفحم والدم المتجمد".
وأضاف
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "عدي الذي أحبّ الحيوانات منذ الطفولة،
لأنه من السهل عليه التواصل معها، كشف أنه في ليلة المذبحة وقف جنود الاحتلال بجانب المحلات
التجارية المغلقة، بين السيارات المتفحمة، ولم يُسمح سوى للسيارات الإسرائيلية باقتحام
القرية، التي يعتبر شارعها الرئيسي طريقاً بين الشمال والجنوب، ويقودها المستوطنون
بشكل روتيني، وقد تم إحراق عشرة منازل في حوارة في هجوم منظم شارك فيه 400 مستوطن،
وفي السادسة مساءً حين كان في العمل، اتصلت به زوجته، وأبلغته أن المستوطنين قادمون
لمنزلنا، وقد سمعت صراخًا في الخلفية لطفلي الصغيرين: تعال بابا، تعال بابا".
وأشارت
زوجته إخلاص أنها "وضعت طفليهما الصغيرين في الحمام، ورأت المستوطنين المهاجمين
من النافذة، تحدثت بطلاقة دون توقف، كان هناك العشرات في الخارج ممن أحاطوا بالمنزل،
في البداية حطموا جميع النوافذ، ثم أشعلوا النار في أقمشة مبللة بالوقود، وحاولوا إدخالها
من خلال النوافذ، أشعلوا النار في غرفة واحدة، نافذة الحمام صغيرة، ولهذا السبب أخفيت
الأطفال هناك، حاولوا الدخول من الباب، في تلك اللحظة، لا أعرف ما حدث، تجمدت، ولم
أستطع التحرك بعدها، وقرب غرفة المعيشة كانت أسطوانة غاز، فتحها المهاجمون على طول
الطريق، وحاولوا تفجيرها".
وأوضحت
أنها "غادرت حوارة، وعادت لمنزل والديها في سلفيت، وأخذت معها طفليها تيم 6 سنوات،
وجود 4 سنوات، وقد اختنقا ليلا بالغاز المسيل للدموع والحرائق وتلقيا العلاج، ومنذ
ذلك الحين لم يناما، فكل ضوضاء تخيفهم، فيما قالت عدة عائلات في حوارة إنهم أخذوا الأطفال
مؤقتًا لمكان آخر أكثر أمانًا، وهي عادة الأقارب في المدن الكبرى مثل نابلس وسلفيت،
وتُظهِر الوقائع أن وجود جنود الاحتلال في هجمات المستوطنين يسمح لهم بإطالة أمدها،
وتفاقمها، ما يضطر الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم".
يقول
المراسل الإسرائيلي إنني "التقيت عدي جالسًا في المنزل بمفرده وسط الزجاج المكسور،
ولاحقًا جاء أقاربه لمساعدته في الدفاع عن أنفسهم إن تعرضوا لهجوم المستوطنين مرة أخرى،
وأثناء الليل اتصلت به إخلاص عدة مرات حرصًا على سلامته، وفجأة امتلأت عيناه بالدموع،
لأنه كلما يستعيد ما حصل في ليلة المذبحة يتذكر مشاهد صادمة، حتى أنه استغرق ساعة لوصول
أفراد أسرته بسبب حواجز الجيش الذي لم يسمح لي بالمرور، وقد صرخ والدي في وجوه الجنود
بالعبرية: إنهم يحرقون منزلنا، وهناك أطفال صغار ونساء، لكنهم قالوا إنه ممنوع المرور."
شهادات
أخرى نقلها الموقع الإسرائيلي عن عدد من الشهود الفلسطينيين المصابين في ليلة المذبحة،
ومنها أنه "بعد الهجوم مباشرة، فرض الجيش حظر تجول في حوارة، وأغلق حركة المرور
إليها وداخلها عند نقاط التفتيش، وقرابة السادسة مساءً، مر مئات المستوطنين عبر الحواجز
التي ظلت قائمة لمدة ساعة على الأقل، فأضرموا النار في منازل القرية، وقد انقسموا لمجموعات،
وتصرفوا بطريقة منظمة نسبيا، أقلية منهم ملثمون، أمسكوا الحجارة والزجاجات الحارقة
والأعمدة، وبعضهم مسلحون، بينما وقف الجنود خارجها، ومنعوا الفلسطينيين من دخولها،
وفي بعض الأحيان أطلق الجنود النار عليهم، وأصابوا عددا منهم".
تكشف
هذه الشهادات المروعة عن ديناميكية قد تكون مألوفة، وتكررت في هجمات مماثلة في جميع
أنحاء الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، لكننا اليوم أمام مستوى متقدم من إرهاب المستوطنين،
ممن يغزون قرية فلسطينية مسالمة، وهم مسلحون في كثير من الأحيان، ويهاجمون المنازل،
ويحظون بحماية جنود الاحتلال الذين يطلقون النار على الفلسطينيين، ويطول هجوم في كثير
من الأحيان، حتى يصبح مميتًا للفلسطينيين في بعض الأحيان، ومنذ 2021، استشهد العديد
من الفلسطينيين بنيران الجيش خلال هجمات موثقة من قبل مستوطنين ملثمين.