أثار إعلان حزب كردي في تركيا، دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية، جدلا واسعا في البلاد، وسط ادعاءات للمعارضة بأن الحزب هو امتداد لجماعة "حزب الله" التركية، المتهمة بارتكاب جرائم في شرق البلاد في فترة التسعينيات خلال قتاله منظمة العمال الكردستاني.
ويجري حزب العدالة والتنمية، مباحثات مع حزب "
الدعوة الحرة" الكردي، بشأن التحالف في الانتخابات البرلمانية، وسط مطالب للحزب ذي التوجه الإسلامي بثمانية مقاعد في المقاطعات التي يشارك فيها.
والدعوة الحرة أو "هدى بار" هو حزب سياسي تأسس في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2012، قاعدته الشعبية تتركز في مناطق جنوب شرق وشرق الأناضول.
وتتراوح شعبيته ما بين 0.5 و1 بالمئة، وينشط في المناطق ذات الأغلبية الكردية، ومؤيدوه هم من الأكراد المحافظين والإسلاميين الذين يرفضون منظمة العمال الكردستاني.
من هي جماعة حزب الله التركي؟
وتأسست جماعة "حزب الله" التركي أواخر التسعينيات، وبدأت مواجهة دامية مع منظمة العمال الكردستاني، وأيضا حزب الشعوب الديمقراطي، وعرفت بتطرفها ضد من يخالفها في الفكر، واتهمت باغتيال شخصيات إسلامية مخالفة وانشقت عنها، لكن حزب "هدى بار" المتهم بأنه الجناح السياسي لجماعة حزب الله، ينأى بنفسه عن الاتهامات، ويؤكد موقفه الرافض للعنف والإرهاب.
وفي لقاء تلفزيوني، ذكر زعيم حزب "هدى بار"، أن حزبه وجه دعوة إلى المسلحين في الجبال في عام 2012، طالبهم فيها بترك السلاح، والحصول على حقوقهم عن طريق السياسة، مؤكدا رفضه للعنف و"الإرهاب" قائلا: "فليعرض لي أحدهم جملة من غير ذلك في برنامج الحزب فسأتراجع خطوة للوراء".
وشهدت الجماعة خلافات وصراعات داخلية، وانقسمت إلى "جماعة المنزل" المعتدلة، و"جماعة العلم" المتشددة والتي دخلت في مواجهات دامية مع "العمال الكردستاني" واتهمت أيضا بتنفيذ عمليات اغتيال لمناهضين لها.
وبشأن تساءل حول جريمة مقتل الكاتبة كونجا كورش، وقائد شرطة ديار بكر جعفر أوكان، والناشط الكردي عز الدين يلدريم، على يد عناصر من حزب الله التركي، أوضح زكريا يابجي أوغلو، أنه "من قتل أحدا بقصد أو دون حق يجب أن تكون عقوبته الإعدام، ومصيره جهنم، نحن نرفض كافة أنواع العنف، نحن لسنا امتدادا لحزب الله ولسنا ورثته".
وبعد اغتيال مؤسس الجماعة حسين ولي أوغلو في إسطنبول عام 2000، واعتقال المئات من عناصره، توقف حزب الله التركي عن نشاطاته العسكرية.
يقول الكاتب اتشيتينار اتشيتين، في تقرير على صحيفة "
خبر ترك"، إن هناك تصنيفات ثلاثة في التسعينيات للأكراد، وهي "الأكراد الخضر" وتمثل شريحة المتدينين والمحافظين، و"الأكراد الحمر" وهم داعمو منظمة العمال الكردستاني، و"الأكراد البيض" الذين كانوا مقربين إلى منظمة "غولن".
وتابع بأنه في حقبة التسعينيات عملت منظمة "غولن" وحزب العمال الكردستاني على تشتيت الأكراد المحافظين.
ولفت إلى أن حزب الله التركي فضل تغيير شكله عبر حزب سياسي، كوسيلة للخروج من النفوذ الإيراني، في ظل محاولات حزب الله اللبناني وإيران للسيطرة عليه، ولم يسمح زعيمه حسين ولي أوغلو بذلك لأن الحزب سني ويقاوم فكرة التشيع.
وكان أعضاء "هدى بار" أول من نزلوا إلى الشوارع في المدن الشرقية والجنوب الشرقية ضد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016.
اتهامات لحزب "هدى بار".. هل يسير على نهج حزب الله التركي؟
ورغم الاتهامات الموجهة لحزب "هدى بار" بأنه الجناح السياسي لحزب الله التركي، أوضح محمود شاهين القيادي في الحزب أن "الدعوة الحرة ترفض العنف بكافة أشكاله، وهذا موقفنا وخطابنا منذ التأسيس، رغم مئات الهجمات والضغوط التي تعرض لها حزبنا".
واستنكر شاهين حملة التحريض الممارسة على الحزب، مشيرا إلى أن أحزابا في الطاولة السداسية مثل "ديفا" و"المستقبل" و"السعادة" و"الجيد" عقدت لقاءات مع "الدعوة الحرة" في السابق، ولم تكن القضايا المثارة الآن ضمن أجندتهم، وحملة التشهير الحالية سببها أن الحزب أعلن دعمه للرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية.
وأكد أن المنتقدين يرون التأثير المضاعف الذي سيحدث من خلال تآزر حزب "الدعوة الحرة" مع "العدالة والتنمية" في المناطق ذات الأغلبية الكردية، وهذا يخيفهم.
وفي إشارة إلى اتهامات لحزب الشعوب الديمقراطي بشأن سرقة الأصوات في المناطق ذات الأغلبية الكردية بتهديد السلاح، أكد شاهين أن حزبه سيبذل جهدا كبيرا من أجل التنظيم وحماية صناديق الاقتراع واتخاذ التدابير اللازمة لأي سلبيات قد تظهر بهذا الشأن في يوم الاقتراع، لافتا إلى أن "تحالف الأمة" ربما كان لديه اعتقاد مختلف حول النتائج عبر "الشعوب الديمقراطي"، لكن كوادر "هدى بار" هي الأكبر التي يمكن أن تبعثر هذه الحسابات.
زعيم حزب "هدى بار" زكريا يابجي أوغلو، قال: "بعض الناس يقولون إن حزب الدعوة الحرة يريد فيدرالية وحكما ذاتيا، نقول لكم تذكروا ما قلنا في 2012 للمسلحين في الجبال منذ 20-30 عاما حيث قلنا لهم: اتركوا سلاحكم واطلبوا ما تريدونه عن طريق السياسة، ونقول إن هذه الأشياء يجب التوقف عن الجدال بها، فيمكن للناس أن يقولوا ما يريدون بحرية من خلال السياسة، دون اللجوء إلى العنف أو الإرهاب".
وتابع يابجي أوغلو: "فليعرض لي أحدهم جملة من غير ذلك في برنامج الحزب فسأتراجع خطوة للوراء، وسأعتذر بقولي إنني أمي أو لا أفهم ما قرأته، ثم أولئك الذين يقولون إن هذا في برنامج الحزب يجب أن يخرجوا ويعتذروا للجمهور عامة، لأنهم ضللوهم وأعطوا معلومات خاطئة".
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، قال في تقرير على صحيفة "
حرييت"، إن هدى بار حزب سياسي تأسس بعد 12 عاما من وجود حزب الله، وإذا دعم الحزب كليتشدار أوغلو لأعلنت
المعارضة عنه بأنه "حزب السعيديين" (نسبة إلى الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي بيران).
وتابع بأن كليتشدار أوغلو سيجري زيارة إلى حزب الشعوب الديمقراطي المتهم بدعم منظمة العمال الكردستاني، والحزب الكردي قد يعلن دعمه له في الانتخابات الرئاسية.
وتساءل: "هل سيخرج أحد منهم ليذكرنا بأن منظمة العمال الكردستاني قاتلة للأطفال، وهدفها تقسيم تركيا؟.. وهل سيسأل كليتشدار أوغلو بشأن تعاونه مع "الشعوب الديمقراطي" امتداد منظمة العمال الكردستاني الإرهابية الدموية؟".
الكاتب سيلفي، أشار إلى أنه في الوقت الذي توقفت أنشطة حزب الله التركي، فإن منظمة العمال الكردستاني متواصلة في هدفها، وتعمل من خلال وحدة حماية الشعب الكردية لإنشاء دولة لهم وبدعم أمريكي، وخطر تقسيم تركيا ما زال قائما.
الكاتب اشيتين، رأى أن حزب العدالة والتنمية يريد الحصول على الأصوات الكردية التي خسرها مع مرور الزمن، لا سيما في ظل فئات منها مستاءة من الحزب الحاكم وتتهمه بأنه ابتعد عن فلسفته التي بدأها عام 2002.
ما الفرق بين "هدى بار" و"الشعوب الديمقراطي"؟
الكاتب التركي لطيف شيمشك في تقرير على "
TV100"، ذكر أن هناك فروقات كبيرة جدا ما بين "هدى بار" و"حزب الشعوب الديمقراطي".
وأشار إلى أن الحزب الكردي الإسلامي "هدى بار" أعلن دعمه للرئيس أردوغان دون شرط، بخلاف "الشعوب الديمقراطي" الذي سيعلن عن مرشحه للرئاسة إذا لم تكن هناك محادثات رسمية مع "تحالف الأمة".
ونوه إلى أن "الشعوب الديمقراطي" طرح شروطا عدة أبرزها الإفراج عن صلاح الدين دميرتاش، ووقف العمليات في سوريا وشمال العراق.
وفي الوقت الذي يتبرأ فيه حزب "هدى بار" من العنف، فإن حزب الشعوب الديمقراطي يواصل إرسال رسائله إلى منظمة العمال الكردستاني، ولا يعطي أي رسالة تشير إلى انفصاله عنها.
وذكر الكاتب أن "هدى بار" كان هدفا لمنظمة العمال الكردستاني التي قتلت بعض أعضائه، وعليه يجب وضعه مع "الشعوب الديمقراطي" في نفس المقياس.
وأضاف أن ما يقلق البعض أن "هدى بار" يعمل على القاسم المشترك وهو الإسلام، بالإضافة إلى دفاعه عن الحقوق الديمقراطية للأكراد، وبسبب طبيعته الدينية والمحافظة، فإن الحزب قادر على استقطاب الأكراد بشكل أكبر في المستقبل القريب.
وتابع بأن معظم الناخبين البالغ عددهم 6 ملايين الذين صوتوا سابقا لصالح حزب الشعوب الديمقراطي هم أيضا ضد العنف، ولكن من أجل إيصال صوتهم الكردي فإنهم يضطرون للتصويت لصالح الحزب اليساري الكردي، وعليه فإن "هدى بار" قد يكون عنوانا لأولئك الأكراد الذين يرفضون العنف.
وأكد أن السبب الرئيس خلف هجوم "تحالف الأمة" على حزب "هدى بار"، هو الخشية من استقطاب الحزب الناخبين الأكراد الذين ينأون بأنفسهم عن منظمة العمال الكردستاني، وبذات الوقت لديهم مخاوف ديمقراطية.
ولفت إلى أن "هدى بار" يشاطر "تحالف الجمهور" مخاوف تركيا الأمنية ومصالحها الوطنية، ولا يفرض شروطا مسبقة، ويؤكد أن انضمامه إلى التحالف هدفه المساهمة في حل مشاكل تركيا ذات الأولوية.