زار الرئيس السوري بشار
الأسد موسكو، وتحدث وجهًا لوجه مع فلاديمير
بوتين لأكثر من ثلاث ساعات، والذي تحدث معه آخر مرة بهذا الشكل في سبتمبر 2021،
ورغم أنه لا يوجد شيء مثير في المعلومات الرسمية عن الزيارة، لكن هذه المرة ربما
كان هناك شيء آخر وراء زيارة الأسد.
ونشر موقع "
تسار غراد" الروسي تقريرًا، ترجمته "عربي
21"، قال فيه إن خدمة الكرملين الصحفية أعلنت أن قادة البلدين سيناقشون قضايا
الساعة لمواصلة تطوير التعاون الروسي السوري في المجالات السياسية والتجارية
والاقتصادية والإنسانية، فضلًا عن آفاق تسوية شاملة للوضع في المنطقة وما وحولها.
الجزء المفتوح من الزيارة
وأوضح الموقع أن جميع الزيارات لها أجزاء مفتوحة ومغلقة؛ حيث سيكون
من السذاجة الاعتقاد بأن رجال دولة مهمين سيذهبون إلى الأراضي البعيدة للتلفظ
بعبارات تافهة أمام كاميرات التلفزيون يمكنهم التعبير عنها دون مغادرة عواصمهم.
علاوة على ذلك -ولأسباب واضحة- ليس من السهل على الأسد مغادرة بلاده.
وأكد الموقع أن الجزء المفتوح من أي زيارة مهم أيضًا؛ فسوريا هي
واحدة من الدول القليلة في العالم التي تدعم بشكل علني وأساسي
روسيا في الصراع
الأوكراني، كما شكر الأسد روسيا على مساعدته في القضاء على عواقب أقوى زلزال
بفضله، من جانبه، قال بوتين إن بلاده توفر "فرصة لتحقيق الاستقرار في الوضع
السياسي الاجتماعي والاقتصادي والداخلي" في
سوريا، مشيرًا إلى أن الزلزال
بالتأكيد "يفاقم الوضع"، لكننا "نحاول دعمكم".
الجزء المغلق
ولفت الموقع إلى أنه -في هذا التقرير- سيحاول فك شفرة الجزء المغلق
من الزيارة؛ حتى لا تتسرب المعلومات السرية والحساسة والسرية في وقت مبكر إلى
العالم الخارجي، والتي يمكن أن تسبب مشاعر عدائية.
وبدأ الموقع بتصريح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، قبل
محادثات بوتين مع الأسد، والذي قال فيه: "لا شك أن موضوع العلاقات السورية
التركية سيتم التطرق إليه بشكل أو بآخر"، والذي كان ذلك إجابة عن سؤال حول
كيفية تأثير محادثات موسكو على احتمالية لقاء الأسد مع الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان؛ حيث يرى الموقع أنه بناء على تصريحات بيسكوف الإضافية، فإن مثل هذا
الاجتماع غير مرجح في المستقبل القريب؛ حيث ذكر بيسكوف لسبب وجيه أن
"الأولوية المطلقة لسيادة سوريا ووحدة أراضيها" بالاشتراك مع أردوغان.
واتهم الموقع أردوغان بأنه كان يحاول الاستيلاء على جزء من الأراضي
السورية لصالح
تركيا خلال الحرب في سوريا، لكن بمساعدة روسيا وإيران، نجت سوريا؛
حيث استعادت دمشق السيطرة على الجزء الرئيسي من أراضي البلاد، باستثناء عدد من
الجيوب المتماسكة التي استقر فيها الأمريكيون وحلفاء الأتراك والأكراد المتعاونون
مع الولايات المتحدة.
واعتبر الموقع أن الفشل في سوريا وعدم وجود آفاق جادة للاستفادة من
أراضيها، فضلًا عن احتمال كبير بفقدان السلطة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
في أيار/ مايو المقبل، قد يجبر أردوغان على محاولة صنع السلام مع الأسد، خاصة أن
المعارضة التركية وعدت بسحب القوات التركية من سوريا في حال فوزها. ومع ذلك؛ لا
يزال أردوغان -حتى لا "يفقد ماء وجهه" تمامًا- يرغب على الأرجح في
قطعة صغيرة من سوريا، للخروج من هناك بالأقوال أكثر من الأفعال.
وبين الموقع أنه من الواضح أن النظام السوري غير مستعد للموافقة على هذا،
خاصة الآن بعد أن عززت مكانتها في العالم العربي، وبالنسبة لروسيا -التي ترغب
بطريقة ما في مساعدة أردوغان على الاحتفاظ بالسلطة- مدركة أنه لن يكون هناك رئيس
تركي أفضل لموسكو، فهذه مسألة حساسة للغاية، ومن المؤكد أن هذا الموضوع كان في قلب
النقاش بين بوتين والأسد؛ حيث ترغب روسيا في مثل هذا التهدئة (التي حفزت موسكو من
أجلها المفاوضات المقابلة بين أنقرة ودمشق)، ولكن ليس بأي ثمن؛ حيث قالت صحيفة
الوطن المقربة من النظام السوري إن مطلب الأسد الأساسي من أنقرة: "تقديم جدول
زمني لانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية".
تأكيدات لافروف وشويغو
وأشار الموقع إلى أنه ليست المكانة المتزايدة للنظام السوري في العالم
العربي هي التي تعمل ضد تركيا، ولكن أيضًا المحاولة الجادة لتطبيع الوضع في الشرق
الأوسط نتيجة تهدئة السعودية، الراعي الآخر للاضطرابات السورية، مع إيران حليفة دمشق، والتي تحققت بمساعدة الصين.
وبحسب الموقع، فهذا هو ما دفع سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي،
إلى اعتبار أن التسوية الداخلية السورية "تعني استعادة السيادة، وسلامة أراضي
الجمهورية العربية السورية، والقضاء على التهديد الإرهابي"، مؤكدًا -خلال
مؤتمر مع فيصل مقداد وزير الخارجية السوري- أن روسيا "تتعاون بنشاط" مع
دمشق في هذا الشأن.
وأفاد الموقع بأن وزارة الدفاع الروسية أعلنت -في بيان صحفي- أن
التعاون العسكري بين روسيا وسوريا سيستمر حتى التحرير الكامل لسوريا، وذلك بعد لقاء بين
وزير الدفاع السوري علي محمود عباس ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، اللذين
"ناقشا الوضع في سوريا، وكذلك قضايا الساعة للتعاون العسكري والفني العسكري
الثنائي"، وأشارا إلى أهمية استمرار التعاون الوثيق الهادف إلى الحفاظ على
الاستقرار في هذا البلد العربي؛ حيث شدد شويغو على أنه لا يزال أمامنا "الكثير
من العمل" في موضوع التحرير الكامل لسوريا، رغم أن "معظم هذا العمل قد
تم إنجازه".
ماذا نوقش أيضًا؟
وذكر الموقع أنه ليس هناك أدنى شك في أن محادثات موسكو ناقشت التعافي
الاقتصادي لروسيا في سوريا؛ حيث قدمت موسكو الكثير من المساعدة العسكرية لسوريا،
وليس لها الحق في التنازل اقتصاديًا عن هذا المسار المربح للاعبين الآخرين. ويتضح
ذلك من خلال تشكيل الوفد الروسي المشارك في المفاوضات، والذي ضم على وجه الخصوص
وزير البناء والإسكان والمرافق العامة ووزير المالية.
واختتم الموقع أنه قد يكون تمت مناقشة أفضل السبل لانتزاع الأكراد من
النفوذ الأمريكي، ووضعهم في موضع الاختيار بين الأتراك والسوريين. وبالطبع، فهو
موضوع حساس للغاية؛ حيث ستستمر حرب الولايات المتحدة بالوكالة ضد روسيا في
أوكرانيا لفترة طويلة، إذا لم تُخلق مشاكل لواشنطن في أماكن أخرى من العالم، وأنت
لا تعرف أبدًا كيف يمكن لسوريا أن تساعد روسيا في الحرب الأوكرانية وفي مواجهة
أكثر عالمية مع الغرب، والتي لم ترَ منها شيئًا جيدًا لفترة طويلة.