نشر موقع "ريبليون" الإسباني تقريرا تحدث فيه عن الإفلاس غير
المتوقع لبنك
وادي السيليكون، الذي أدى إلى حدوث تسونامي انتشر بسرعة في العالم
المالي، مما تسبب في حالة من الذعر في أوروبا.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إن ما حدث
يُصنّف بمنزلة أكبر إفلاس أمريكي منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008، وقد طلب
الرئيس جو بايدن نفسه من المدخرين والمستثمرين يوم 13 آذار/ مارس الهدوء، وأكد أن
الطبقة السياسية سوف تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على النظام المالي، قائلا:
"يمكن للأمريكيين الاعتماد على سلامة النظام المصرفي. ستكون ودائعك متاحة
عندما تحتاج إليها".
وأضاف الموقع أن الأزمة الحالية اندلعت الأسبوع الماضي عندما أعلن بنك
وادي السيليكون عن البيع الإجباري لأوراق مالية بقيمة 21 تريليون دولار، مما يعني
خسائر قدرها تريليون و800 مليون دولار وهبوط حاد في أسهمه في وول ستريت. في الوقت
نفسه؛ توقع البنك أنه سيبيع 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لإصلاح وضعه
المالي.
وبحسب الموقع؛ فقد تسببت مثل هذه الأحداث في حالة من الذعر بين
العملاء الذين سحبوا الودائع بشكل جماعي، وتراجعت أسهم البنك يوم الخميس الماضي
بنسبة 60 بالمائة، وتسببت في تراجع العمليات المصرفية الأخرى، حيث رأى المستثمرون
إشارات في الأفق مشابهة لتلك التي شهدها الانهيار العالمي قبل 15 عاما.
من القمة إلى الوادي الضيق
وأفاد الموقع أن بنك وادي السيليكون شهد تطورا مذهلا في السنوات
الأخيرة، مستفيدا من الطفرة في صناعة التكنولوجيا الرقمية والأعمال التجارية، التي
أجراها مع الشركات الناشئة في تلك الصناعة. ومن المفارقات أن الوباء أدى دورا
حليفا كبيرا في تطوره السريع.
وأشار الموقع إلى أنه بفضل 29 فرعا وطنيّا؛ قدّم هذا البنك خدمات
إلى ما يقرب من نصف شركات التكنولوجيا الأمريكية. وتوسع وجوده في عدة دول أوروبية،
مثل ألمانيا والدنمارك وأيرلندا والسويد والمملكة المتحدة، كما تم تثبيته أيضا في
كندا والصين والهند وإسرائيل، حيث صُنّف في الأسبوع الماضي من بين أقوى 20 بنكا
أمريكيا.
وذكر الموقع أن السقوط المفاجئ لهذا البنك جاء بعد 48 ساعة من
التدافع المصرفي الكلاسيكي، عندما سحب الآلاف من العملاء من الشركات والمستثمرين
ودائعهم. ومثل المؤسسات الأخرى من نوعها؛ استثمر بنك وادي السيليكون مليارات
الودائع في سندات الخزانة الأمريكية خلال طفرة الوباء، ما بدا وكأنه رهان أكيد
سرعان ما سقط عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في محاولة للسيطرة على
التضخم، وانخفضت قيمة هذه السندات بين عشية وضحاها، ومعها الثروة الهائلة التي
تراكمت من قبل بنك وادي السليكون والبنوك الأخرى.
ووفق الموقع؛ فقد تأثرت شركات التكنولوجيا بشدة بعاملين. أولا،
انخفضت أرباحهم كثيرا خلال إعادة التكيف الاجتماعي بعد الوباء، مما أجبرهم على
الحصول على المزيد من القروض. ثانيا، تأثّرت معدلات الفائدة الجديدة بشكل أساسي، التي
أدت إلى زيادة تكلفة تلك القروض بشكل كبير.
رد فعل واشنطن
وبين الموقع أن حكومة الولايات المتحدة أرادت السيطرة على الوضع
واتخذت إجراءات سريعة. وقررت وزارة الخزانة؛ وكذلك نظام الاحتياطي الفيدرالي
ومؤسسة الصناديق الفيدرالي؛ ضمان وصول مدخري بنك سيليكون فالي إلى ودائعهم، بغض
النظر عن قيمتها.
وأضاف الموقع أنه تم استبدال الضمان القياسي للشركة، الذي يبلغ حده
الأقصى 250 ألف دولار، بضمان كامل. وإذا لم يتم تخفيف هذا البند؛ فإن مئات الشركات
-وجميعها عملاء لبنك وادي السليكون- ستواجه خطر عدم قدرتها على دفع الرواتب والفواتير
بسبب إفلاس البنك. وذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية اليومية، أنه بهذا
الإجراء، سعت السلطات الأمريكية إلى منع المزيد من الضعف لهذا القطاع الرئيسي
للاقتصاد الأمريكي.
وذكر الموقع أن المحللين في كيبلينجر فينانس، لاحظوا أن السلطات
الأمريكية تأمل في منع "شركات التكنولوجيا من نفاد السيولة ووجود
مشاكل". وخاصة إذا أخذ المرء في الاعتبار أن كلا من الشركات الناشئة والشركات
عبر الوطنية الكبيرة المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية، تشهد اتجاها تنازليّا لعدة
أشهر، مما أدى إلى تسريح جماعي للعمال. كما أعلنت واشنطن عن منح تسهيلات جديدة من
الاحتياطي الفيدرالي، بحيث تتمتع جميع
البنوك بوصول أفضل إلى السيولة الطارئة.
التسونامي الاقتصادي يصل إلى أوروبا
ولفت الموقع إلى أن شخصيات مثل برونو لومير، وزير المالية الفرنسي،
وباولو جنتيلوني، المفوض المالي الأوروبي، ظهرت علانية لطمأنة المستثمرين، وودعت
هذه الشخصيات الناس إلى الهدوء، وشددوا على أن النظام المصرفي الأوروبي متين ولديه
ضوابط صارمة، وأنه لا يوجد خطر "عدوى" نتيجة هذه الأزمة غير المتوقعة
التي انفجرت في الولايات المتحدة.
وقال جنتيلوني؛ إن "كل البنوك الأوروبية، وليس فقط البنوك الكبرى،
تطبق قواعد بازل الاحترازية، لذلك من المستبعد تكرار سيناريو إفلاس البنك
الأمريكي. إن احتمال حدوث تأثير غير مباشر أمر يتعين علينا مراقبته، لكن في الوقت
الحالي لا نعتبره خطرا كبيرا". ويوفر معيار بازل، الذي سمي على اسم المدينة
السويسرية، إطارا تنظيميّا دوليّا مشتركا للبنوك، في دول الاتحاد الأوروبي
ومجموعة العشرين.
ومع ذلك؛ لم يكن التدخل العلني للسلطات الأمريكية والأوروبية كافيا
لطمأنة الأسواق. في عالم تسوده العولمة؛ تنتشر الموجات السلبية بسرعة، حيث هبت رياح
من الذعر على أوروبا منذ الأسبوع الماضي، كما أشار العديد من الصحفيين المتخصصين
في المجال الاقتصادي، إلى أن مؤشر كاك 40، المؤشر المرجعي لسوق الأوراق المالية
الفرنسية، قد خسر في بداية الأسبوع 2.9 بالمائة؛ وفي فرانكفورت خسر أكثر بقليل من
3 بالمائة، وخسرت بورصة لندن 2.58 بالمائة، كما ذكرت صحيفة "لوفيغارو" اليومية، أن بنكيْ بي إن بي باريبا وسوسيتيه جنرال، شهدا انخفاض سعر سهميهما بأكثر من 6
بالمائة.
وختاما، أفاد الموقع أن البورصة السويسرية عبّرت عن قلق متزايد صباح
الاثنين الماضي؛ حيث سجلت أسهم مصرف كريدي سويس أدنى مستوى لها على الإطلاق، وهبطت
قيمتها بنسبة 14.3 بالمائة، وخسرت تلك الخاصة بنظيرتها يو بي إس بنسبة 5.8 بالمائة، وهبطت تلك الخاصة بمصرف جوليوس باير 4.6 بالمائة.