قال رئيس الحزب الديمقراطي الليبي، محمد صوان؛ إن "
التقارب الأخير الذي حدث بين
تركيا ومصر عبر زيارات متبادلة لوزراء الخارجية، والإعلان عن عودة العلاقات إلى أعلى مستوى، مرحب به، وهو مفتاح الحل للأزمة الليبية".
وأكد صوان، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الموقف التركي ليس بعيدا عن الموقف
المصري بخصوص رفض المبادرة التي أطلقها المبعوث الأممي الخاص إلى
ليبيا، عبد الله باتيلي؛ لأن هناك رفضا لتجاوز الأجسام الشرعية".
وفي 27 شباط/ فبراير الماضي، أجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، زيارة تعزية وتضامن إلى تركيا عقب كارثة الزلزال، والتقى وزير الخارجية التركية، مولود تشاووش أوغلو.
أما في 18 آذار/ مارس الجاري، قام تشاووش أوغلو بزيارة هي الأولى من نوعها إلى مصر منذ أكثر من عقد، ووُصفت تلك الزيارة من الولايات المتحدة بأنها تُمثل "خطوة مهمة نحو منطقة أكثر استقرارا وازدهارا".
وكشف صوان أنهم قطعوا "خطوات كبيرة ومتقدمة تجاه تكوين تيار وطني عريض يساهم في حل الأزمة، ويُشكّل قوة مجتمعية فاعلة وضاغطة لترجيح كفة أي تسوية سياسية قادمة"، منوها إلى أن "التيار الوطني الداعم للتسوية المأمولة لازال يتوسع ويستوعب عددا كبيرا من القادة العسكريين، والمجتمع المدني، والقادة السياسيين، وتجمع الأحزاب السياسية".
واستطرد السياسي الليبي البارز، قائلا: "نتطلع إلى أن نتمكن من إيجاد الإطار المناسب للتيار الوطني ليساهم في كل الاستحقاقات والانتخابات القادمة، ويكون أساسا وطنيا لتقليص حجم التشتت السياسي في المشهد، ولعل الأيام القادمة تشهد خطوات أكبر في توحيد وتأطير هذا التيار".
وفي ما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف ترى المبادرة التي أطلقها المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، عبد الله باتيلي؟
المبعوث الأممي عبدالله باتيلي في تقديري لم يتواصل بشكل كاف لفهم تفاصيل وتعقيدات الأزمة الليبية والمراحل التي مرت بها، واقتصر تواصل باتيلي على الأجسام الرسمية كالقيادة العسكرية في الشرق والمجلس الرئاسي والحكومتين، بالإضافة لمجلسي النواب والدولة.
لكنه أهمل بشكل واضح الأحزاب والشخصيات السياسية والأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الليبي.
وهناك مخاوف من إعطائه دورا سياسيا غير واقعي للقبيلة، وهو ما يشير إلى أنه متأثر بسردية طرف سياسي معروف؛ فالقبيلة في ليبيا مكون اجتماعي محترم، ولا أثر كبير لها في
الصراع السياسي.
وكذلك برزت ظاهرة خطيرة خلال الفترة الماضية على الساحة السياسية الليبية، تتمثل في تشجيع قادة التشكيلات المسلحة وإقحامهم من طرف البعثة الأممية، وبعض الدول المتداخلة في الملف الليبي لأداء دور سياسي، وفي تقديري، هذا الأمر يُهدّد العملية السياسية، ويُهدّد بناء أساس للدولة المدنية.
لقد اتسمت إحاطات السيد باتيلي بعدم الوضوح، إلا إذا كان باتيلي يمارس أسلوب "الغموض البنّاء"، بمعنى أنه لا يريد الإفصاح عن كل ما في جعبته، وهو ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
وإلا، فإننا نتخوف من أنه متردد ولم تتكوّن لديه خطة واضحة حتى الآن؛ لأن ما أدلى به في عدة مرات هو كلام فضفاض، ولم يخط أي خطوة عملية حتى الآن، ولا توجد أي خطة واضحة المعالم مُحددة بإطار زمني أو آليات صحيحة.
ما قراءتكم لردود الفعل المختلفة التي أعقبت الإعلان عن المبادرة؟ وما موقفكم منها؟
المبعوث الأممي باتيلي، أعلن عن عزمه تشكيل فريق رفيع المستوى على غرار "لجنة 75" وفقا للمادة (64) من اتفاق الصخيرات، يكون دوره استكمال التوافق على النقاط الخلافية، التي قد لا يصل مجلسا النواب والدولة إلى توافق حولها وبعض القضايا الأخرى العالقة، ويُشكّل ضغطا على هذه الأجسام للوصول إلى الاستحقاق الانتخابي. وحتى الآن، لازال تشكيل هذا الفريق يكتنفه الغموض والتردد والتوجس من معايير الاختيار والأخطاء السابقة.
باتيلي لوّح بتجاوز المجلسين، ثم عدّل وجهة نظره عند الاصطدام بالواقع، خاصة رفض البرلمان ومجلس الدولة والدول الداعمة لهما، ووجّه رسائل إيجابية تجاه تقارب المجلسين وما أُنجز في المسار الدستوري، وشاهدنا حِدّة تصريحات رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بحق باتيلي؛ فقد اتهمه بأنه لم يطلع على الإعلان الدستوري بالأساس ولا التعديل الدستوري الثالث عشر، ومن جهة أخرى، فإن حفتر أبلغ باتيلي بأنه سوف يلتزم بما يتفق عليه المجلسان، في إشارة لرفض ما يصدر عن اللجنة رفيعة المستوى، وكذلك ما صدر عن الموقف المصري الرافض لتجاوز الأجسام الشرعية.
وفي تقديري، الموقف التركي ليس بعيدا عن الموقف المصري من هذه الجهة، ويشير إلى ذلك التقارب الأخير بين القاهرة وأنقرة بزيارات متبادلة لوزراء الخارجية، والإعلان عن عودة العلاقات إلى أعلى مستوى، وهذا التقارب مرحب به، وهو مفتاح الحل للأزمة الليبية.
من وجهة نظركم، لماذا لم تتضمن المبادرة الأممية خارطة طريق واضحة المعالم؟
حتى الآن، لم يفصح السيد باتيلي عن مبادرة متماسكة وواضحة، واكتنفت إحاطته الغموض والتردد -كما أشرت آنفا-، ويبدو أنه يصطدم بالواقع المُعقّد كلما أقدم على أي خطوة. من الواضح أيضا الانقسام الدولي حيال الملف الليبي، وظهر ذلك خلال لقاء نيويورك 3+2+2؛ فما بين الموقف الأمريكي الظاهر تجاه إجراء انتخابات عاجلة دون اعتبار للانقسام الحاصل، ومخاطر إجراء الانتخابات في ظل هذا التشظي، والموقف الفرنسي المصري تجاه ضرورة توحيد السلطة التنفيذية، وفي تقديري لم تعد كل الأوراق بيد الطرف الأمريكي كما يتصور البعض، وفقا للنظرة التقليدية.
وظهر الخلاف أيضا في أثناء إحاطة باتيلي يوم 27 شباط/ فبراير الماضي أمام مجلس الأمن الدولي، من خلال مداخلات مندوبي الدول، حيث لم ينجح المجلس في إصدار قرار، وصدر بعد أيام من المداولات بيان فضفاض لتأييد خطة باتيلي، دون التعرض للتفاصيل، خاصة موضوع الحكومة.
كل ذلك جعل باتيلي يواجه وضعا صعبا ومُعقدا، وهو ما ظهر خلال مواقفه؛ فلم يحدد في مبادرته إطارا زمنيا واضحا لتشكيل اللجنة رفيعة المستوى، وما هي المعايير أو العدد أو بداية عملها أو المهام المناطة بها، وباتت العقبات الإقليمية والدولية والمحلية، تبرز بشكل واضح ولا مخرج منها، إلا إذا تحقق القدر المطلوب من التوافق الدولي والإقليمي، خاصة بين مصر وتركيا، ولدولة قطر الشقيقة مساع مشكورة وواضحة في هذا الاتجاه، في إطار دبلوماسية التوافقات التي تنتهجها الدوحة، وحققت نجاحا في أكثر من ملف.
كيف تنظرون لمطالب البعض بإنهاء عمل مجلسي النواب والدولة؟
باتيلي لوّح بتجاوز المجلسين، ولكنه اصطدم بمعارضة إقليمية وداخلية، كما سبق أن أشرت، وعلى الرغم من فشل المجلسين في الوصول إلى أي تسوية في كل المحطات، وارتفاع وتيرة الغضب الشعبي من مستوى الأداء، خاصة على مستوى رئاستيهما، إلا أن زوال هذه الأجسام مهما كانت ضعيفة دون وجود بديل، قد يؤدي إلى وضع أكثر هشاشة وتشظٍ، ولهذا السبب، فنحن في الحزب الديمقراطي نعارض فكرة إزالة هذه الأجسام مهما كانت ضعيفة؛ كونها أجسام في الأصل مُنتخبة وتمارس مهامها، وفقا للإعلان الدستوري وتعديلاته، وهذا ما تبقى لدينا من أسس يجب أن نبني عليها لترميم العملية السياسية؛ فنحن نؤيد المحافظة على هذه الأجسام؛ لأن إنهاءها سيفسح المجال أمام أي حكومة للبقاء لفترة طويلة، ولا مجال أمامنا لتغييرها، وعلى المتحمسين لإنهاء المجلسين الانتباه وإدراك خطورة هذه الأبعاد، ونؤيد أسلوب الضغط على هذه الأجسام بكل الوسائل، ومنها تشكيل فريق الحوار، وفقا للمادة (64) من الإعلان الدستوري.
هل الوضع الليبي سيشهد مزيدا من التدهور والتعقيد خلال الفترة المقبلة؟
لا شك أن الوضع في ليبيا يزداد تأزما كلما تأخرنا في إيجاد تسوية، ويزداد سوءا مع ازدياد مستوى التشظي، على الرغم من الجهود التي بُذلت لاحتواء الأزمة أو التخفيف منها، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى الجهود الكبيرة التي بُذلت من أجل الوصول إلى تسوية شاملة وجريئة وشجاعة، تمثلت في الجهود التي نتج عنها تشكيل حكومة من البرلمان برئاسة السيد فتحي باشاغا، وتوافق (ليبي – ليبي) غير مسبوق بين مجلسي النواب والدولة، وعلى الرغم من عقبات حالت دون استكمال هذا التوافق، لأسباب جلها خارجية لا علاقة لها بمصالح الليبيين وداخلية بشكل أقل، إلا أن هذه التسوية قد حققت كثيرا من الإيجابيات وحطمت الحواجز بين أبرز الأطراف التي كانت متصارعة، وفتحت الأبواب للتوافق بين كل الليبيين، وهو تطور إيجابي ومُبشّر سيكون له ما بعده، وسوف يدرك الليبيون مستقبلا قيمة هذه الخطوة التي أقدم عليها السيد باشاغا والحزب الديمقراطي وشركاؤهم.
إن تأخر حل الأزمة يُهدّد مستقبل ليبيا بسبب تغول المجموعات المسلحة خلال الفترة الأخيرة بشكل لافت، وتحولها لمراكز نفوذ مالي وعسكري، ولا تخضع بشكل صحيح لسلطة الدولة، مع أنها تستمد شرعيتها منها، والأخطر من ذلك أن قادة هذه التشكيلات تمارس دورا سياسيا علنا، وتتواصل مع أجهزة مخابرات وسفراء، وهو أمر خطير جدا حتى على قادة هذه المجموعات وعلى العملية السياسية والدولة المدنية، ونحن لا نلومهم في المقام الأول، ونعزو ذلك للأزمة وفشل الأجسام السياسية، ونعترف بدورهم الإيجابي إذا ما أحسن توجيههم والاستفادة من حماسهم ووطنيتهم.
تجدر الإشارة إلى أننا نتخوف من أن بعض الدول المتداخلة في الملف الليبي ترى أن من مصلحتها استمرار هذا الوضع المُمزّق ما دامت لا ترى حلا يحقق مصالحها، وهو ما يلقي على الليبيين مهمة الاعتماد على أنفسهم، وطي صفحة الماضي مهما كانت قاسية.
مؤخرا، طالب سفراء ومبعوثو 5 دول أوروبية إلى ليبيا قادة البلاد بتقديم التنازلات اللازمة لإجراء الانتخابات ووضع مسار نحوها.. فما طبيعة التنازلات المطلوبة اليوم؟
مع الأسف، هذه الدول غير جادة في دعم أي تسوية حقيقية بين الليبيين، وما يُقال هو مجرد شعارات لتسويق مواقف تقليدية أصبحت مكشوفة؛ ففي الوقت الذي تطالب فيه كل الدول القادة الليبيين بتقديم التنازلات لإنهاء الأزمة؛ فهذه الدول نفسها هي التي وقفت حجر عثر أمام التسوية السياسية الأخيرة والتنازلات التي قدمها أبرز القادة الليبيون، الذين كانوا على رأس أطراف الصراع، المتمثلة في مشروع التوافق الوطني الذي تم بين البرلمان ومجلس الدولة، ونتج عنه الحكومة الليبية بقيادة باشاغا والقوى السياسية والعسكرية الداعمة لهذه التسوية. وللأسف، بدلا من دعم هذه الدول لهذه التسوية ولبوادر هذا التوافق بين أبرز القادة الليبيين، مثل باشاغا وحفتر والبرلمان ومجلس الدولة والقوى السياسية الداعمة كالحزب الديمقراطي وغيره من كل الجغرافيا الليبية، كان الموقف سلبيا واضحا برفض أي توافق خارج عن إطار المجتمع الدولي، وهذا ساهم في تعقيد الأزمة.
والأكبر من ذلك، أن بعض هذه الدول تمارس نشاطات لا تُعزّز الاستقرار وبناء النموذج الديمقراطي، وذلك بدعم التواصل مع المجموعات المسلحة وقادتها خارج إطار القانون، وتمارس البعثة دورا سلبيا تُجاه تهميش الأحزاب والمجتمع المدني، وبإعطاء القبيلة دورا سياسيا زائفا. الخلاصة أن دعوة بعض الدول للقادة الليبيين للتنازل والتوافق "مجرد شعارات".
هل تعتقد أنه سيتم فرض عقوبات دولية على معرقلي الانتخابات المأمولة؟ وما موقفكم من تلك العقوبات الدولية المحتملة؟
الانتخابات كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تُنجز خلال السنة الماضية، في ظل الزخم الدولي والمحلي الذي صاحب الاستعداد لها، مع تقدم أكثر من 90 مرشحا للرئاسة وأكثر من مليونين ونصف ناخب سجلوا وأُصدرت لهم البطاقات الانتخابية، وكانت العراقيل واضحة أمام هذا الاستحقاق المهم، ورغم التهديد بالعقوبات من قِبل البعثة والمجتمع الدولي، إلا أنه لم يحصل من ذلك شيء؛ لأنه لم تكن هناك إرادة من هذه الأطراف الدولية لدعم هذه الانتخابات؛ بل إن بعض الأطراف سعت لإفساد هذه العملية.
لو كان المجتمع الدولي داعما للانتخابات، لكان هنالك موقف واضح تجاه هذه القضايا، ولكن للأسف، كانت هناك تدخلات لإفساد المشهد؛ لأن بعض الدول كانت تريد انتخابات مفصلة وفقا لمصالحها.
أما موقفنا من الانتخابات وهو (الداعم لإجرائها) واضح، وننظر إليها بأنها وسيلة لتحقيق الاستقرار وليست غاية بحيث تجرى دون تهيئة المناخ المناسب لنجاحها والقبول بنتائجها، كأن تجرى في ظل وجود انقسام سياسي وفوضى؛ فهي تحتاج إلى سلطة تنفيذية موحدة وقادرة.
ما تقييمكم للجهود الدولية والأممية الأخيرة التي تسعى للوصول إلى انتخابات لحل الأزمة الليبية؟
نحن لم نرَ حتى الآن أي جهود دولية حقيقية للدفع باتجاه استقرار ليبيا وإجراء الانتخابات، بل هناك حرص على إبقاء حالة التشظي، ما يهم بعض الأطراف الدولية هو استمرار تدفق النفط، وما يتعلق بقضايا الإرهاب والقبض على أي مشتبه به، والحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
أما مصالح الشعب الليبي ونجاح النموذج الديمقراطي، فهي لا تمثل أي أهمية تذكر لهذه الأطراف، وهذا ما كشفت عنه المواقف الواقعية. فمثلا كلما حصلت مشكلة تتعلق بالنفط أو تدفقه، نرى هذه الأطراف تسعى جاهدة إلى تسوية هذه المشكلة؛ باعتبار أن تدفق النفط يُعد خطا أحمر لها.
لا ننكر وجود بعض التدخلات الإيجابية، خاصة فيما يتعلق بالدعم الذي تم لمكافحة الإرهاب وللقضاء على المجموعات المتطرفة في ليبيا، ولكن كل ما يتعلق باستقرار ليبيا ووحدتها وسيادتها وديمقراطيتها، لازالت مصداقية المجتمع الدولي حيالها تتراجع يوما بعد يوم.
إلى أي مدى أنت متفائل بقرب حل الأزمة الليبية على غرار تفاؤل باتيلي؟
في العموم، نحن دائما متفائلون بقدر المستطاع، ولكن المعطيات على الواقع لا تدعو للتفاؤل بقرب وجود حل للأزمة، سواء على مستوى الخطوات التي أعلن عنها باتيلي إلى الآن، أو مدى قدرته وحجم تواصلاته مع الأطراف وإلمامه بالمشهد الليبي، أو على مستوى التوافق الدولي والإقليمي.
فقد لاحظنا مدى الخلاف في مجلس الأمن وإحاطة باتيلي ومواقف الدول المتداخلة، من ثم فنقول -آسفين-؛ إنه بهذا الشكل فالأزمة الليبية مازالت في أشدها، رغم توفر بعض الظروف الملائمة، ولا مناص أمام الأطراف الليبية إلا مواصلة النضال والحوار، وطي صفحة الماضي، والتعاون لإيجاد تسوية تخرجهم من الأزمة.
مَن هو المعرقل للعملية السياسية في البلاد؟
كل طرف يرى الطرف الآخر معرقلا لإجراء الانتخابات، ويستطيع حشد الأدلة لتعزيز موقفه وإقناع مؤيديه.
للأسف، حتى الصراعات المسلحة بين الليبيين، التي حصدت آلاف الضحايا؛ كل طرف يرى الآخر معتديا، ويرى نفسه الضحية. لذلك، نحن في الحزب الديمقراطي دفعنا تجاه الخروج من دائرة الاتهامات المتبادلة بالخيانة، واحتكار رفع الشعارات الوطنية إلى شعارات التصالح، وطي صفحة الماضي، وتأجيل حسم القضايا الجزئية، والعمل على مشروع التوافق الوطني القائم على الثوابت الوطنية التي لا خلاف عليها، رغم الصعوبات، ولقد نجحنا في إزالة كثير من الحواجز التي كانت تُجَرِّمُ وتُخَوِّن مجرد جلوس الليبيين بعضهم مع بعض، وأصبح الجميع يلتقي ويتحاور ويسعى إلى الحل.
ما نحتاجه الآن، هو وسيط دولي وقوي وقادر وموثوق يساعد على جمع الأطراف الفاعلة، والتوصل إلى تسوية للخروج من هذه الأزمة.
هل أنتم مع أم ضد التنازل عن شروط منع ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين والعاملين في القضاء؟
نحن مع عدم التشدد في وضع شروط المنع من الترشح، خاصة في ظل الهشاشة الدستورية والأمنية وغياب سلطة عليا موحدة، ولا نرى المنع إلا لمَن يمنعه القضاء أو القوانين السارية.
المهم هو تهيئة المناخ المناسب لإجراء الانتخابات، خاصة السلطة الموحدة والجانب الأمني لتكون الاختيارات نزيهة، ونثق بعد ذلك في اختيارات الليبيين ومستوى وعيهم، ونقبل بالشروط التي تتفق عليها اللجان المُشكّلة بهذا الخصوص.
ماذا عن "التيار الوطني" الذي دعوتم إلى تشكيله؟
قطعنا خطوات كبيرة ومتقدمة تجاه تكوين تيار وطني عريض يساهم في حل الأزمة، ويُشكّل قوة مجتمعية فاعلة وضاغطة لترجيح كفة أي تسوية سياسية قادمة؛ فبالإضافة إلى التيار الذي تشكل لدعم التوافق الوطني، والذي يضم كتلة محترمة في البرلمان وأخرى في مجلس الدولة، إضافة لمكونات الحكومة التي تشكلت بناء على ذلك، وعلى الرغم من تعثر المسار، إلا أن التيار الوطني الداعم لهذه التسوية، بما فيه الحزب الديمقراطي، لازال يتوسع ويستوعب عددا كبيرا من القادة العسكريين، والمجتمع المدني، والقادة السياسيين، وتجمع الأحزاب السياسية، ونتطلع إلى أن نتمكن من إيجاد الإطار المناسب لهذا التيار، ليساهم في كل الاستحقاقات والانتخابات القادمة، ويكون أساسا وطنيا لتقليص حجم التشتت السياسي في المشهد، ولعل الأيام القادمة تشهد خطوات أكبر في توحيد وتأطير هذا التيار.