قال رئيس المكتب التمثيلي للهلال
الأحمر
القطري في
تركيا، مازن عبد الله، إن المساعدات والخدمات المتنوعة التي تقدمت
بها الدوحة لإغاثة منكوبي
الزلزال المُدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا وصلت، حتى الآن، إلى أكثر من 390 ألف مستفيد، الغالبية العظمى منهم في الشمال السوري.
ولفت في مقابلة خاصة مع
"عربي21"، إلى أنه "تم تخصيص أكثر من 57 مليون ريال قطري (15.7
مليون دولار) للاستجابة إلى كارثة الزلزال بالشراكة بين
الهلال الأحمر القطري،
وشركائه الاستراتيجيين، وسيستمر العمل على تقديم المزيد من أجل تخفيف معاناة
المتضررين من الزلزال".
وحول خطتهم للمرحلة القادمة، أوضح عبد
الله أنها تتمثل في "الاستمرار بتقديم المساعدات الإغاثية والطبية، حيث سيتم
بناء قرى سكنية جديدة مع تخصيص جزء مهم من القرى السكنية الحالية لمتضرري الزلزال،
إلى جانب العمل على تجهيز 10 مطابخ متنقلة لدعم المطابخ المركزية وتوفير الطعام
لمراكز الإيواء في تركيا".
وأردف المسؤول القطري: "نعمل
حاليا على تجهيز 11 ألف سلة غذائية لتوزيعها في مناطق الإيواء في تركيا، ونعمل على
إقامة وتشغيل مشفى في منطقة عفرين شمال
سوريا، ونُجهّز 333 خيمة لإقامة مخيم
تكميلي في الداخل السوري، بالإضافة إلى تجهيز 9615 سلة غذائية و2137 سلة غير
غذائية، وكذلك 1300 حزمة مستلزمات طبية ستوزع على المشافي السورية".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع
"عربي21":
ما رؤيتكم لما آلت إليه الأوضاع اليوم
بعد مرور أكثر من 40 يوما على كارثة الزلزال المُدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا؟
للإجابة على هذا السؤال علينا الفصل
بين الوضع في تركيا والأوضاع في الشمال السوري، حيث أن تركيا بلد متقدم ذو مؤسسات،
ولديها القدرات والإمكانيات للتعامل والاستجابة مع هذه الكارثة الكبيرة.
حيث نلاحظ سرعة عملية إصلاح البنى
التحتية واللوجستية من طرق ومطارات من أجل إيصال المساعدات الإنسانية، بالإضافة
إلى الحجم الكبير من المساعدات الإغاثية التي وصلت إلى تركيا من العديد من الدول،
بالإضافة إلى العديد من فرق الإنقاذ والإخلاء التي عملت في تركيا.
يأتي ذلك مقابل الإمكانيات المحدودة
جدا في مناطق الشمال السوري، والتي تعاني أصلا منذ سنوات بسبب الأوضاع الصعبة التي
شهدها الشمال السوري، وضعف البنى التحتية، فضلا عن محدودية المساعدات التي وصلت في
أول أسبوعين من الكارثة للشمال السوري، كما أن تضرر مناطق الجنوب التركي بصورة
كبيرة أثّر على عمل المعابر التجارية والإنسانية في الأيام الأولى.
أما فرق الإنقاذ والإخلاء في الداخل
السوري فقد بقي الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" وحده يعمل في المناطق
المتضررة مع بعض المساعدات من الأهالي التي لا يمكن أن تكون بديلا عن فرق إنقاذ
مدربة وذات خبرة مع معدات خاصة لهذه العملية، وهي ما افتقدته مناطق الشمال السوري
الأمر الذي أثّر بشكل كبير في إنقاذ الأشخاص من تحت الأنقاض.
ما طبيعة المساعدات التي يقدمها
"الهلال الأحمر القطري" للمنكوبين حاليا؟
"الهلال الأحمر القطري" لديه
مكتب تمثيلي في تركيا في ولاية غازي عنتاب، وفريق عمل في الداخل السوري منذ العام
2012، والنسبة الأعظم من المشاريع والنشاطات التي ننفذها تكون موجّهة للشمال
السوري.
منذ اليوم الأول بدأت فرقنا الإغاثية
بتوزيع السلل الغذائية الجاهزة على متضرري الزلزال بواقع 4200 سلة غذائية، وخلال
48 ساعة تم إرسال مخزون الطوارئ عبر الجسر الجوي الذي أمر به أمير قطر، الشيخ تميم
بن حمد آل ثاني من الدوحة إلى تركيا بواقع 35 طنا من المساعدات الإغاثية المختلفة
كالبطانيات والفرشات والخيام ومواد الإيواء وسلال النظافة، وكانت هذه الشحنات هي
أول ما تم إدخاله من مساعدات إغاثية إلى الداخل السوري منذ يوم الكارثة، حيث تمت
المباشرة بتوزيعها على المتضررين في المناطق المنكوبة.
على مدار الأسبوعين التاليين للكارثة
وبدعم من صندوق قطر للتنمية استمرت المساعدات الإغاثية بالوصول عبر الجسر الجوي
إلى تركيا ومنها إلى الشمال السوري، كما تم استلام تجهيزات ومستلزمات طبية ضخمة
وزعت على عشرة مشافي في الشمال السوري لدعم القطاع الصحي المُتهالك هناك.
كما أرسل الهلال الأحمر القطري ثلاثة
فرق طبية تضمنت أطباء من عدة اختصاصات أجروا ما يقارب 300 تدخل جراحي و966 معاينة
عامة واستشارية، كما تم تخصيص 4 عيادات طبية متنقلة قدمت خدماتها لأكثر من 35 ألف
مستفيد مع توزيع الأدوية بالمجان، كما تم توزيع 15 ألف سلة غذائية، و133 طنا من
مادة الطحين لإنتاج الخبز بسعر مدعوم في المناطق المنكوبة، بالإضافة إلى بناء مخيم
يتكون من 437 خيمة في شيخ الحديد بمنطقة عفرين، وكذلك تم نصب 150 خيمة مقدمة من
الهلال الأحمر الكويتي كتكملة لأحد المخيمات الموجودة، بالإضافة إلى سلال النظافة
ومواد الإيواء الأخرى وغيرها.
وماذا عن طبيعة مشاركة المؤسسات
القطرية في جهود إعادة الإعمار بعد الزلزال؟
أولت دولة قطر -منذ بداية الكارثة-
الاهتمام بالاستجابة العاجلة للاحتياجات الإنسانية في المناطق المنكوبة في تركيا
وسوريا كالإيواء والغذاء والصحة وإعادة الإعمار. وكما شاهدنا إرسال 10 آلاف منزل
مسبق الصنع بدأت سفنها تصل الموانئ التركية.
فقد تم إطلاق حملة جمع تبرعات في دولة
قطر اشتركت فيها عدة مؤسسات قطرية تحت اسم "عون وسند" جمعت أكثر من 168
مليون ريال قطري (46 مليون دولار) من أجل تخصيص مشاريع لمرحلة ما بعد الاستجابة،
وكذلك تم تخصيص مبلغ 3 مليون دولار من الهلال الأحمر القطري لبناء قرية سكنية
جديدة لمتضرري الزلزال في الشمال السوري، وهنالك خطط لإنشاء قرى سكنية أخرى.
ويعمل الهلال الأحمر القطري الآن على
تنفيذ 4 مشاريع سكنية تحتوي ما يقارب 1500 منزل ستكون جاهزة للسكن في منتصف العام
الجاري، وسيكون لضحايا الزلزال حصة مهمة منها.
وما الخطوات الجديدة التي يعتزم الهلال
الأحمر القطري اتخاذها خلال الفترة المقبلة لدعم منكوبي الزلزال؟
خطة الهلال الأحمر القطري للمرحلة
القادمة هي الاستمرار بتقديم المساعدات الإغاثية والطبية التي بدأنا بها منذ اليوم
الأول للكارثة، وكما ذكرنا سابقا، بناء قرى سكنية جديدة مع تخصيص جزء مهم من القرى
السكنية الحالية لمتضرري الزلزال، بالإضافة إلى ذلك وبالشراكة مع شركائنا
الاستراتيجيين نعمل على تجهيز 10 مطابخ متنقلة مقدمة من الهلال الأحمر القطري
والهلال الأحمر الكويتي إلى الهلال الأحمر التركي لدعم المطابخ المركزية وتوفير
الطعام لمراكز الإيواء في تركيا.
كما أننا نعمل حاليا على تجهيز 11 ألف سلة
غذائية من الهلال الأحمر القطري والهلال الأحمر الكويتي إلى الهلال الأحمر التركي
لتوزيعها في مناطق الإيواء في تركيا، ونسعى لتوفير مادة اللحم لمطابخ الهلال
الأحمر التركي مقدمة من الهلال الأحمر القطري والهلال الأحمر الكويتي لتحضير
الغذاء لمراكز الإيواء في تركيا.
بخلاف ذلك، نعمل على إقامة وتشغيل مشفى
في منطقة عفرين شمال سوريا لتوفير الخدمات الطبية للمنطقة والمخيمات المحيطة.
وبتمويل من البنك الإسلامي للتنمية،
نعمل على تجهيز 333 خيمة لإقامة مخيم تكميلي في الداخل السوري، بالإضافة إلى تجهيز
9615 سلة غذائية و2137 سلة غير غذائية، وكذلك 1300 حزمة مستلزمات طبية ستوزع على
المشافي في الداخل السوري.
هل لديكم رصد بمجمل المساعدات التي
تقدمتم بها في الجنوب التركي والشمال السوري؟
تم حتى الآن تخصيص أكثر من 57 مليون
ريال قطري (15.7 مليون دولار) للاستجابة إلى كارثة الزلزال بالشراكة بين الهلال
الأحمر القطري وشركائه الاستراتيجيين، كصندوق قطر للتنمية، والهلال الأحمر
الكويتي، والبنك الإسلامي للتنمية، ويستمر العمل على تقديم المزيد من أجل تخفيف
معاناة المتضررين من الزلزال.
وقد تم حتى الآن تقديم الخدمات
المتنوعة لأكثر من 390 ألف مستفيد الغالبية العظمى منهم في الشمال السوري.
كم عدد الزيارات التي قمتم بها من
تركيا إلى الشمال السوري منذ الزلزال وحتى الآن؟
الزيارات بدأت منذ أول 48 ساعة بعد أن
قمنا بتأمين عائلاتنا؛ حيث أننا كأفراد أيضا كنّا جزءا من هذه الكارثة، وكما
أوضحنا آنفا أن للهلال الأحمر القطري مكتب فرعي وفريق عمل في الداخل السوري، لذلك
كان التنسيق مستمرا حول إدارة هذه الاستجابة، وكان دخولنا إلى الشمال السوري
متعددا بحسب ما يتطلبه العمل.
أول زيارة كانت خلال 48 ساعة لزيارة
المناطق المنكوبة والاطلاع على حجم الدمار وأهم الاحتياجات بالتزامن مع قيام فرقنا
الميدانية بتوزيع المساعدات الإغاثية، ثم بعدها تلتها زيارات أخرى لإدخال قوافل
المساعدات القطرية والوفود الطبية ومتطوعي الهلال الأحمر القطري الذين قدموا من
الدوحة وغيرها.
البنك الدولي قدّر حجم الأضرار المادية
الناجمة عن الزلزال في تركيا بـ 34.2 مليار دولار أو 4% من الناتج المحلي الإجمالي
لعام 2021.. إلى أي مدى ترون أن هذا الرقم دقيقا؟
لست مختصا في موضوع تقييم الأضرار،
ولكن أقول إن الكارثة كبيرة جدا وسوف تؤثر لسنوات على الأوضاع الاجتماعية
والاقتصادية في المناطق المتضررة، وهو ما نلاحظه في مناطق تواجدنا في الجنوب
التركي، إلا أنه يبقى وضع تركيا أفضل باعتبارها دولة متقدمة ولها قدرات وخبرات
سابقة في التعافي من الزلازل الكبيرة كما حصل في زلزال مرمرة الكبير عام 1999.
ما تقييمكم للتضامن الدولي مع كارثة
الزلزال؟
بخصوص التضامن الدولي مع تركيا كان
واضحا أن حجم المساعدات الإغاثية وفرق الإنقاذ التي وصلت للتعامل مع الكارثة كان
كبيرا، وهو أمر متوقع باعتبار أن تركيا دائما تمد يد العون والمساعدة للدول التي
تتعرض للكوارث والطوارئ، سيما أن تركيا تعمل عن طريق منظماتها المختلفة في العديد
من الدول النامية والدول التي تعرضت إلى أزمات وكوارث، لهذا كان من الطبيعي أن
تستجيب العديد من دول العالم لمساعدتها في الكارثة الحالية.
أما بالنسبة للشمال السوري فالتضامن
كان خجولا جدا خاصة خلال الأسبوعين الأولين؛ إذ لم يدخل إلا الشيء القليل من
المساعدات إلى الشمال السوري.
ما تقييمكم لمجمل أداء قطاع العمل
الإنساني في قطر في مواجهة الزلزال؟
بخصوص ما قدمته دولة قطر للاستجابة
لكارثة الزلزال أصدر أمير دولة قطر أمرا إلى الجهات القطرية المعنية بالاستجابة
لكارثة الزلزال، وعلى رأسها صندوق قطر للتنمية، وقوات لخويا، والهلال الأحمر
القطري، وقطر الخيرية، بإرسال مخزون الطوارئ لديهم عبر الجسر الجوي الذي انطلق
خلال أقل من 48 ساعة من قطر إلى تركيا.
كانت توجهات دولة قطر أن أولوية
المساعدات هذه للشمال السوري؛ نظرا لندرة المساعدات التي قُدمت له في ظل هذه
الكارثة الكبير، وهو ما ترجمه الهلال الأحمر القطري بإدخال أول قافلة مساعدات عبر
الحدود بعد 48 ساعة من تركيا إلى الشمال السوري، بعدها تم تنظيم المساعدات القطرية
للجهات المذكورة أعلاه ضمن قوافل مشتركة تحت اسم "المساعدات القطرية"،
حيث تم إدخال أكثر من ثلاثة قوافل إغاثية كبيرة إلى الشمال السوري تحتوي مودا
إغاثية وتجهيزات طبية متنوعة، وكانت تحت إشراف سعادة سفير دولة قطر في تركيا.
ثم توجّه الهلال الأحمر القطري
بالاستجابة لأهم الاحتياجات للداخل التركي بالتنسيق مع الهلال الأحمر التركي و"آفاد"،
مع استمرار الجهود الإغاثية التي لم تتوقف حتى الآن في الداخل السوري.
الجهود القطرية كانت ولا زالت مستمرة
حيث بدأت أولى شحنات البيوت مسبقة الصنع تصل الموانئ التركية، وستستمر الجهود
المتواصلة، وستكون لنا مشاركة في المراحل القادمة من التعافي والمساهمة في مشاريع
البناء للعوائل بلا مأوى.