صارت الدنيا كلها زحمة، وأكثر الازدحام فيها وقعا
وأثرا هو على الأمة العربية والإسلامية. واقع الحال يقول هذا بالأدلة والبراهين
الكثيرة من الروهينغيا مرورا باليمن والصومال وسوريا والعراق، وأول الازدحام الإجباري
كان في فلسطين الأم الطيبة الأصيلة. زحمة مريرة صعبة وقعها يزداد بمرور الوقت شدة
ووعورة أكثر ولا تكاد تنتهي. ازدحام طوابير السيارات والمركبات في شارع ما ينتهي
يسلك وهي لا..
باقي العالم يزيد بأسه وشدته على أمة العروبة والإسلام،
ما هو الذنب الكبير؟ لا ذنب يكاد يذكر، إنه اتباع نهج الإسلام النبيل وخطوات
العروبة ومبادئها الطيبة.. عالم لا يرحم ولكن زحمة الويلات بالقدر الأكبر تصب جام
غضبها من هذا العالم بأممه وبأطيافه البشرية المختلفة على أمة العرب والإسلام.
باقي هذا العالم يتناسى عثراته وأخطائه وبلاويه ومصائبه
الكبيرة ويصوب لهيب نيرانه نحو العرب والمسلمين أينما كانوا وكان مكان تواجدهم
وسكناهم. هو الظلم بعينه. جربت العروبة طريق العولمة والحداثة وسارت مع الموجة
السائدة عالميا وعملت على مجاراتها واتباعها ولم تحصد شيئا إيجابيا. بقيت الزحمة
المسلطة تجاهها ولم يخف نار لهيبها أبدا. قرر لها أن لا تكون عالما أول درجة
تصنيفا وتقييما، لم تعترض ولم تصنع المشاكل، صنعها الآخرون لها وألبسوها ظلما لباس
الشدة والإرهاب مع أنها أمة شاطرة بالرقص وعزف الطبل والزمار!!! كما أنها بارعة
ماهرة بالاستهلاك لمنتج ذلك الآخر الغريب البعيد مهما كان نوعه وكيفيته ومكان صنعه.
ومع هذا كله استمرت تلك الزحمة.
إذا فالحل والوضع هو نفسه والزحمة مستمرة، هو اتباع نهج
أثمر إيجابا ألا وهو نهج شجرة الزيتون المباركة، زرعت في أي مكان وأية تربة تنبت وتكبر
وتنتج ثمرا طيبا حلوا وزيتا وزيتونا، حتى ظلها في اليوم المشمس إنتاج نافع مجد.
هذه الشجرة المباركة بأمر الله تعالى لا تهتم أبدا لما قيل ويقال ويحاك ضدها ولا
حتى لأعتى العواصف وأهوال الحياة.. باقية ثابتة بجذرها في الأرض، مستمرة حياتها وشعارها
الحياة مستمرة، وأنا كذلك قوتي باستمراري وبتحملي وبصبري وعدم صمتي وقنوطي. نشاطي
دائم متواصل صيف شتاء وفي كل فصول السنة وكل سنة تسير على نفس المنوال برعاية الله
وتوفيقه لها.
فعلا هو النموذج الناجح أثبت جدواه، هي شجرة قوية من
الصبر تتحمل المشاق وتبدأ العطاء الإيجابي. لا تجلس ويدها على خدها ولا تبكي في
العلن رغم أهوال ما واجهته وتواجهه عبر الزمن وتاريخه، إلا أنها قوية بتحملها
وحملها لأصعب الشدائد. أسلوبها في الحياة إن تم اتباعه ربما خفف وهج تلك الزحمة
على العروبة قلل من أثرها السالب المهلك الذي ينخر في جسدها عثرات ومصائب وخسائر
بشرية ومادية وبصور متنوعه كثيرة.
زحمة طريق الأمة العربية اليوم لا يخفف من أثرها كثرة
الشكوى ولا المؤتمرات والمنتديات ولا كثرة القيل والقال والكلام، وما يخفف لهيب
نارها كزحمة هو العمل مهما كان نوعه وقدره، عمل ونشاط وهمّة وعزيمة شجرة الزيتون
نفسها، دون يأس. الحياة صعبة صعبة لا خلاف على هذا، لكن تذكر اتباع أسلوب شجرة
الزيتون في الاستمرارية والمقارعة هو الأكثر جدوى والأفضل طريقا إذا ما قررت هذه
الأمة العربية الاستمرار وشد الهمة، لهدف أساسي هو البقاء ما دامت الحياة باقية
مستمرة لم تتعرض للفناء.
زحمة هي الدنيا لكن العمل الطيب النافع فكرة من هنا
وفكرة أخرى من هناك تولد طاقة تعطي إنتاجا إيجابيا في شتى ميادين الحياة كلها.
المهم هو شجرة الزيتون الأحسن اليوم أن تزرع بزيادة نموذجها الصابر مفتاح للأمل
ليكون باب العمل والقوة مشرعا كل يوم على مدار العام، هو يجري ويسير من شهر إلى آخر
بداية ونهاية وأمة العروبة تتبعه إنتاجا إيجابيا يخفف عنها عناء وثقل جملة معروفة
هي زحمة يا دنيا زحمة. وكما قيل يوما: خلي اللي يقول.. الكلام لا بيقدم ولا بيأخر.
هو كثير موجود ومستمر، صحيح أنه مؤذ لكن العمل الإيجابي
هو ما يقدم الخطوات إلى أعلى السلم، ونقيضه اليأس والإحباط والخضوع للطيش وللمخدرات
وللمسكرات وللتفكير المدمر المهلك، هو ما ينزل الإنسان إلى قاعه وأدنى درجة فيه. وقاع
السلم معناه ببساطة تلك الزحمة نفسه. من يرضى بالقاع والزحمة طول عمره سيبقى هينا وضعيفا
أمام غيره مهما كانت طبيعته وذاته. اليوم قبل الغد شجرة الزيتون وأسلوبها هو نقيض
الزحمة وصورها وأشكالها المرفوضة فهي إحدى موانع الحياة السليمة الطبيعية. وهنا
يبقى السؤال مستمرا، وعلى من قرأ وعرف الإجابة والجواب.