أقيم الأحد حفل بهيج لتوزيع وإعلان فوز أفضل وأجود وأحسن
الأعمال الفنية والتمثيلية العالمية، وكما هو الحال ونفس المنوال لا مرشح فنيا
عربيا ولا من العروبة فائز بإحدى جوائز هذا الاحتفال المسمى الأوسكار منذ نشأته. لا
عروبة ولا معناها ولا دال على الإسلام النبيل يفوز أو يعلن استحقاقه للفوز وللظفر
بالجائزة والتكريم. هل هذا الطريق معقول ومستحب السلوك والولوج فيه؟ ربما كثير
العروبة اليوم صار يصفق لإنجاز الغير مهما كانت ماهيته وكينونته وذاته، ربما من
باب التشبع بعولمة وحداثة اليوم والزمن الحالي المتجذرة منذ عقود خلت ومضت.
الواقع يحكي عن نفسه، الآخر الغريب عن العروبة وعن الإسلام
النبيل، هو الفائز، هو المستحق، هو الأجود هو الأحسن. ياه ما هو المعيار والميزان
للمقياس وللمكيال لإعلان الحسن والجمال والرونق البديع للفن وللعمل الفني
والتمثيلي؟ ظلم كبير يلحق بالعروبة، طبيعتها وجوهرها، والمحزن أبناؤها وأهلها
يصفقون بأيديهم للغير.
لماذا لا يتم التفكير باستحداث "أوسكار عربي"؟
الإمكانات المادية والحياتية ونِعم الله تعالى وفيرة متوفرة، لماذا لا تطبق الفكرة
وتصبح حدثا يصل العالم كله وإلى كل شبر فيه؟ أوسكار عربي ليس طبعه العولمة ولا طبع
الغريب، ليس طبعه قبلات ولا أحضان ولا غرف نوم ولا مظاهر حياة وبذخ وأجمل البيوت
والسيارات واليخوت والطائرات. لا هو أوسكار عربي لفن عربي يحوي أوضاع الوقت الحالي
بواقعيته وبحرفيته التي تحدث وتجري بلا تزويق. بمعنى آخر أوسكار فني عربي وطني
يحكي حال اليوم للأمة العربية ويحوي الحلول ويقدم الوضع ويلمس الحل.
هذا بسيط لكنه لا ينفذ لماذا؟ ربما يقال الوطني
الواقعي ضعيف الإيراد والتسويق. هل كل الحياة مادة وأموال؟ أين الوجدان والإحساس
والشعور؟ مجريات الحياة الحالية للأمة العربية والإسلامية حبلى بالقصص وبالمشاهد
التي تستحق أن تبني عملا فنيا، بل أعمالا فنية يكون لها أوسكار عربي. ليس شرطا أن
يقدمك ذلك الآخر الغريب المختلف، قدم نفسك كعربي لديك الإمكانات، لماذا إذن الصمت
وتنفيذ الأفكار الأخرى الحياة؟ فعليا ليست كلها مادة ومظاهر مادية ولا صورا مادية
الحياة تحتوي الضمير أو تحتوي الفكر والثقافة والتنوير الإيجابي.
كل العالم فيه عثرات وسلبيات، كثير من الأمم لا تخشى
البلل من السلبيات، تظهرها لإيجاد الحل، للتعديل وللتغير للأحسن وللأفضل. لكن الأمة
العربية صانع القرار والمسؤول فيها على اختلاف درجته في هرم السلطة واتخاذ القرار
يعشق المثالية ودرجة الامتياز بمئة في المئة، لكن الواقع نحن لسنا في اليوتوبيا
ولا في ذلك العالم كامل المثالية؟ واقع الحياة فيه وفيه الكثير لكن الفن العربي
اليوم يتناول قشور الموضوع وليس لبه وداخله.
هنا ستبقى الرؤية والفكرة على السطح، لن تعطي الجدوى
المأمولة المرجوة، ستبقى الفجوة وستبقى العثرات الكثيرة، فقر وبطالة وآفات
المخدرات وإدمان الخمور والمسكرات، وقطع الأرحام، وسيطرة وسطوة صهيون والغرباء. كله
باق لأن طريق العرض تخلو من الصحة، والصواب لا تفتح الباب لذلك الأوسكار العربي
المنشود الذي أصبح اليوم في ظل الوضع الحالي للأمة العربية والإسلامية مطلبا ملحّا؛
ليس للاستعراض ولا للتباهي، لا، فالمعنى العميق لهذا الأوسكار العربي هو إظهار الضعف
للبحث عن حل، إضافة إلى إظهار الكثير من جوانب العروبة والإسلام النبيل التي صارت
تختفي وتتلاشى اليوم من التلفاز ومن المسرح ومن
السينما ومن أغلب وسائل التعريف
والمعرفة المختلفة، ليحل محلها فن وتمثيل مادي الطبع والحقيقة.
وهذا المادي يمر وتتم مشاهدته لكن لا يثبت ولا يرسخ في
الوجدان وفي الذاكرة ربما لكثرته؟ ينقضي ولا يعطي نفعا لإنشاء ذلك الأوسكار العربي
الفني. ماذا سيستفيد المتلقي أو المشاهد من قبلة أو لقطة طعام حلوة؟ أو عرض لأثاث
فاخر؟ سيكون الإعجاب سريعا وتنقضي المتعة والانبهار، لكن عرض الحقيقة وملامسة واقع
الحياة المعاشة لتاريخ العروبة والإسلام المتميز هو ما يستمر وهو ما يكون قويا
مؤهلا لإعلان وإظهار ذلك الحدث الفني الكبير لأمة العروبة وتسميته بالأوسكار
العربي.
هو اتجاه مطلوب اليوم تبنيه، والعرب قادرون عليه بكل
بساطة دون مشقة إن توفرت النية للتنفيذ دون اكتراث ولا سؤال عن قوة أو ماهية ذلك
الغريب المانع أو واضع حجار العثرة والتعثر. هو لا يملك كل العالم، هي الإرادة
ومعها التصميم، تُبرز التاريخ القديم وتُعرف بالعروبة وبالإسلام أكثر، تجذب
الانتباه لهما ولواقع الحياة العربية، لا انتظار ولا خوف، نية سليمة وإرادة قوية
تصنع ذلك الحفل العربي تحت اسم أوسكار العروبة والعرب.
هل من قرأ هذه الكلمات؟ والسؤال هنا هل سيتم التنفيذ؟
هل سيشهد عالم اليوم أوسكارا بطبعة ونكهة عربية؟ أو أن اليد العربية ستبقى أسيرة
التصفيق والإشادة بطبع العولمة والحداثة الغريبة؟ سؤال معلق حتى يظهر الجواب له، وبالنتيجة
باقية هي علامات الأسئلة الكثيرة والاستفهام.