يواجه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد
ترامب، محاكمة في عدة تهم، بالتوازي مع حملته لاستعادة حكم البيت الأبيض مرة أخرى،
فيما يعتبر سابقة في التاريخ السياسي الأمريكي كله؛ سواء من حيث مواجهة رئيس سابق
للمحاكمة بشكل علني، أو من حيث كونه يتزامن مع حملته للانتخابات الرئاسية.
نشرت صحيفة "
نيويوركر"
الأمريكية تقريرا، ترجمته "عربي 21"، قالت فيه إنه في 4 كانون الأول/
ديسمبر 2023، من المقرر أن يكون ترامب في قاعة محكمة في مانهاتن، لجلسة استماع
تمهيدية في القضية الجنائية التي رفعها ضده ألفين براج، المدعي العام لمقاطعة
نيويورك، بشأن أربعة وثلاثين تهمة تزوير لسجلات تجارية، وهي التهم التي تعدّ جنايات من الدرجة الأولى.
في الوقت نفسه، من المرجح أيضا أن
يستعد ترامب لما سيكون خامس مناظرة بين مرشحي الحزب الجمهوري، في مكان يتم تحديده
لاحقا، حيث أعلنت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري مؤخرا أن المناظرة الأولى ستجرى
في آب/ أغسطس في ميلووكي، ورغم أنه لم يتم تحديد الموعد الدقيق لتلك المناظرة، لكن
اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري قد تأخذ في الاعتبار الموعد الذي أعطاه القاضي خوان
ميرشان، الذي يترأس قضية ترامب، لمحامي هذا الأخير لتقديم الطلبات الأولية للقضية،
مثل طلب تغيير المكان أو طلب الفصل في القضية، وهو الموعد المقرر في 8 آب/ أغسطس
المقبل.
وبينت الصحيفة أنه تم اختيار ميلووكي
لأن مؤتمر الحزب الجمهوري سيكون في تلك المدينة؛ ولهذا قد يتعين الآن التفكير في
ما إذا كان ترامب سيسافر من قاعة المحاكمة إلى مسرح المناظرة مباشرة، وما إذا كان
ذلك سيكون مناسبًا له أو أنه سيصبح كارثيًا بالنسبة لمستقبله السياسي.
وأشارت إلى أن ترامب سيعمل من خلال
تقويمين؛ أحدهما للمحاكمة، والآخر للحملة الانتخابية؛ ما يعني الكثير بالنسبة
للسياسة الأمريكية، خاصة أن المدعين المخصصين لمحاكمته قالوا، في 4 أبريل/ نيسان
الجاري، إن المحاكمة لن تبدأ حتى أوائل العام المقبل، في الوقت الذي سيكون فيه
الجمهوريون يستعدون لعدد من الانتخابات التمهيدية في شباط/ فبراير.
وأضافت الصحيفة أن التعقيد سيتضاعف إذا
قام فاني ويليس، النائب العام لمقاطعة فولتون بولاية جورجيا، بتوجيه التهم لترامب
فيما يتعلق بجهوده لإلغاء نتائج انتخابات الولاية، أو إذا قام جاك سميث، المستشار
الخاص، بتوجيه تهم أيضًا إلى ترامب فيما يتعلق بإجراءاته قبل هجوم السادس من كانون
الثاني/ يناير على مبنى الكابيتول أو تعامله مع الحكومة؛ حيث قد تكون هذه
التحقيقات مزدحمة بجلسات الاستماع قبل جلسات الاستماع الخاصة بقضية نيويورك، التي
تعدّ هشة مقارنة بالقضايا الأخرى.
وذكرت الصحيفة أن لائحة الاتهام تتحدث
بشكل أساسي عن دفع مئة وثلاثين ألف دولار في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2016 إلى
ستورمي دانيلز، نجمة الأفلام الإباحية، كي لا تتحدث عن لقاء جنسي توافقي، ولكن دفع
هذا المال -في حد ذاته- قانوني.
في المقابل، تتضمن قضية جورجيا شراء مزعوم
لأوراق اقتراع مزورة وشهادة زائفة للأصوات الانتخابية الستة عشر في الولاية، وهو
أمر غير قانوني بكل تأكيد، رغم أن ترامب ينفي ارتكاب أي مخالفات).
ووفق الصحيفة، فقد اتهم براغ ترامب
بأنه جعل محاميه مايكل كوهين يدفع أموالا لدانيالز ثم سدد له 11 دفعة، بطريقة أدت
إلى إنشاء أربعة وثلاثين سجلًا تجاريًا مزيفًا، حيث قد يكون كل منهما جنحة، ولكن
ما يجعلها جناية هو نية الغش وارتكاب جريمة أخرى أو التستر عليها. واختار براغ عدم
تحديد ماهية تلك الجريمة الأخرى حتى الآن -سواء في لائحة الاتهام أو في
"بيان الحقائق" المصاحب- بخلاف الإشارة إلى أن لها علاقة بالانتخابات.
ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم كون إخفاء
أمر دانيالز عن الناخبين غير عادل، لكنه ليس تزويرًا جنائيًا في الانتخابات، مبينة
أنه حتى إذا استطاع براغ إدانة ترامب، فستكون هناك سنوات من درجات التقاضي
المختلفة، كما أن الإدانة لا تحرم ترامب أو أي شخص آخر من الترشح للانتخابات؛ ففي
عام 1920، سمع يوجين إف. دبس، المرشح الاشتراكي، نتائج الانتخابات في أثناء وجوده في
السجن الفيدرالي؛ حيث كان قد أدين بموجب قانون التجسس لتحدثه ضد الحرب العالمية
الأولى.
واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إنه
سيتعين على القاضي ميرشان وزملائه في الولايات القضائية الأخرى التفكير في كيفية
استيعاب العملية الانتخابية في ثنايا المحاكمة، حيث يتعلق ذلك بقضايا دستورية
عميقة، كما اعترف ميرشان في جلسة الاتهام، والذي رفض طلب المدعين بحظر النشر في
المحاكمة بعد التصريحات المهينة وربما التهديدية التي أدلى بها ترامب بشأن
براغ والقاضي، حيث قال ميرشان إنه لن يفرض أمر حظر النشر -على الأقل ليس الآن-
لأن ذلك يتعلق بحقوق المواطنين الأمريكية -سواء ترامب نفسه أو الناخبين-. مع
العلم أن الترشح لا يمنع الإفلات من العقاب، ولن يكون ترامب آخر سياسي يتم اتهامه
من قبل مدع عام من حزب سياسي معارض.