في الوقت الذي تشهد
فيه الجبهة
اللبنانية تصعيدا متلاحقا، خرجت أصوات من الائتلاف اليميني الحاكم تربط
بين تصدع الأمن
الإسرائيلي في هذه الجبهة، وبين اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع
لبنان العام الفائت، حيث صدرت مزاعم من أوساطه بأن "الحكومة السابقة وجهت
ضربة قاتلة للردع الإسرائيلي في اتفاق الاستسلام لحزب الله، ما دفع مسؤولا كبيرا
سابقا في حكومته شارك في الاتفاق إلى اعتبار هذه التصريحات تشتيتا للانتباه.
ايتمار آيخنر، المراسل
السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه "على خلفية مزاعم التحالف الحكومي
حول "أضرار قاتلة للردع" بسبب اتفاق الحدود البحرية مع لبنان، وتلميحات
بأنه أدى للتصعيد الحالي، فقد أعلن مسؤول كبير سابق في حكومة يائير لابيد شارك في
المحادثات قبل توقيع الاتفاق، أن هذه المزاعم هراء، وجاءت من أجل تشتيت الانتباه عن الخوف
من ضعف قدرتنا على الاستجابة للتهديدات الماثلة، وهي أخطر مما كانت عليه في الماضي".
وأضاف في تقرير ترجمته
"عربي21" أنه "في واقع الأمر، وفي الوقت الحالي على الأقل، يقوم
الحزب بالكثير لتفادي الاحتكاك مع الاحتلال، ولعله لم يكن لازما الكشف عن هجوم
مجدّو، ما دفع تامير هايمان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، لتأكيد أن الربط بين الاتفاق البحري والتوتر الأمني غير منطقي، لأنه في سياق أزمة
الطاقة العالمية كان الاتفاق ضروريًا لاقتصاد الطاقة الإسرائيلي، وبالنسبة لقضية
خزان كاريش، فقد نجح الحزب بإنشاء سردية لردع إسرائيل بالتهديد، وهي رواية تم
استيعابها بشكل رئيسي".
وأشار إلى أنه
"من الناحية العملية، فإن الاتفاقية كانت على وشك التنفيذ، ولن يستفيد منها
إلا إذا هدد لبنان، وحصل على الشرعية فيه لسلاح المقاومة على طول الطريق، أما فيما
يتعلق بالتوترات الأمنية، فإن الحادث الذي نتعامل معه هو فلسطيني متعدد القطاعات،
رغم أن الأمر مختلف عن حادث مجدّو، لأنه في الأحداث الحالية، تستغل حماس الوضع
المشتعل في المسجد الأقصى في وقت تفجيري لإشعال النار في مختلف الساحات، دون إخلاء
مسؤولية حزب الله وإيران من الموجة الحالية".
وأوضح أن "المعضلة
الكبرى أن حزب الله يشعر بثقة زائدة في النفس، تدفعه بأنه يستطيع توقع تحركات
إسرائيل، وهذا أمر خطير، ويجب معالجته من خلال تجاوز التوقعات، يمكن استخدام أي
حادث أمني لصالح العين، رغم أن أوساط الليكود تتحدث عن تأثير اتفاق ترسيم الحدود
البحرية واستخراج الغاز بأنه ضربة للردع الإسرائيلي".
المستشرق مردخاي
كيدار، المعروف بتأييده لنتنياهو، زعم أن "اتفاق الحدود البحرية مع لبنان
الموقع في عهد حكومة لابيد أدى للتصعيد الحالي، لأن المعنى الحقيقي لاتفاقية الغاز
مع لبنان لم يكن أقل من هجوم على صورة إسرائيل حول العالم، الاتفاق الذي عقده
لابيد مع لبنان أعطى إسرائيل صورة الإسفنج، كل ما عليك فعله أن تضغط عليها لإخراج
كل شيء منها".
ونقل عن أوساط
المعارضة أن "الربط التعسفي بين علاقة الاتفاقية البحرية مع لبنان بالوضع
الأمني الحالي ليس منطقيا، لأن كل القوى الأمنية الإسرائيلية لا تعتقد أن هناك
علاقة بين الأشياء، بل هي صيغة الليكود المصممة لإلقاء اللوم على الآخرين، بدليل
أن التوتر مع باقي الأطراف مثل حماس وسوريا وإيران وغزة، فهل لدينا اتفاقيات بحرية
معهم، هذا ادعاء مشوّه، ولا يمكن للأشخاص الجادين الوثوق به".
https://www.ynet.co.il/news/article/skjrpflmn
الخلاصة الإسرائيلية
أن الربط بين اتفاق الحدود البحرية بين الاحتلال ولبنان، وبين إطلاق الصواريخ
الأخيرة من جنوب لبنان، تعوزه كثير من الأسباب الموضوعية، باستثناء حالة الاستقطاب
الداخلي، رغم تزامنه مع الاتفاق السعودي الإيراني، الذي رأى فيه الاحتلال خيانة
أمريكية له؛ بسبب النفور من حكومته اليمينية الفاشية.
وفي الوقت ذاته، لم
يعد بالإمكان التراجع الإسرائيلي عن هذا الاتفاق؛ لأنه تم برعاية أمريكية، فضلا عن
أي نكوص عن الاتفاق سيقدم هدية مجانية لحزب الله وقوى المقاومة للتحرر من أي تبعات
أو التزامات وضعها ذلك الاتفاق عليها، وهذا لن يكون في صالح الاحتلال على الإطلاق.