اشتكى الكثير من المواطنين
الفلسطينيين في قطاع
غزة المحاصر من الارتفاع الحاد في أسعار ملابس
العيد، ما دفع بعضهم إلى العزوف عن الشراء.
ومع قدوم عيد الفطر المبارك، رصدت "عربي21" حركة نشطة في أسواق قطاع غزة، وخرجت العائلات لشراء ملابس العيد، لكن العديد منهم لم يتمكن من شراء الملابس، أو اكتفى بشراء اليسير منها بسبب غلاء الأسعار.
وعبرت الفلسطينية جميلة البلبيسي (45 عاما)، وهي أم لسبعة أولاد، عن غضبها الشديد من ارتفاع الأسعار، وقالت: "الأسعار نار والمعاملة سيئة جدا من بعض التجار، حتى أن أحدهم رفض تبديل طقم أطفال لصغر حجمه".
وأوضحت في حديثها لـ"عربي21"، أن "التجار يطلبون أسعارا مجنونة في الأطقم الخاصة بملابس الأطفال، وبعد التفاوض يخفض بعضهم السعر"، معتبرة أن ما يقوم به بعض التجار "هو استغلال لحاجة الناس لشراء ملابس العيد لإسعاد أطفالهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".
ونوهت البلبيسي التي تسكن مع عائلتها في شقة بالإيجار، إلى أن "الكثير من الأمهات غاضبات بسبب أسعار الملابس المرتفعة، والكل يعاني بسبب هذه الأسعار، كمثال؛ كنت أشتري بنطلون الجينز لابني في المدرسة بـ25 شيكلا (6.8 دولارات)، اليوم يطلبون 45 شيكلا (12.3 دولارا)"، متسائلة: "هل المعاشات زادت كي ترتفع الأسعار بهذا الشكل؟".
وتمنت البلبيسي أن "ينتهي حصار غزة قريبا، وتتحسن حياة المواطنين وتتمكن من زيارة المسجد الأقصى بعد زوال الاحتلال، وحج بيت الله الحرام".
أما منى سكيك (30 عاما)، أكدت أن "الأسعار عالية جدا، طقم الأطفال يصل بعضها لنحو 180 شيكلا (50 دولارا)، وفي حال أرادت شراء كسوة العيد لأحد أطفالها فهي بحاجة إلى أكثر من 200 شيكل"، وأضافت: " لدي ثلاثة أطفال، الأمر صعب، حتى أن أغلب التجار لا يخفضون الأسعار، ويؤكدون لنا أننا لن نجد أسعارا أقل من ذلك في المحلات الأخرى، وكأن لديهم اتفاقا مشتركا بينهم".
ونوهت في حديثها لـ"عربي21"، إلى أنها تنازلت عن شراء أطقم الأطفال، واختارت أن تشتري لكل واحد من أطفالها بنطالا على قدر ظروف عائلتها المادية.
من جانبه، الشاب نور الدين (23 عاما)، فقد شعر بالصدمة عندما توجه لشراء ملابس العيد، وذكر أنه وجد الأسعار مرتفعة جدا، وعند سؤاله للتاجر، كم سعر القميص؟ بحسب نور في حديثه لـ"عربي21"، "كانت الصدمة عندما قال لي إن سعره 60 شيكلا (دولار=3.65 شيكل)"، مضيفا: "قلت له، أعلى سعر قميص اشتريته في حياتي كان 25 شيكلا".
ونوه إلى أن تكلفة ملابس العيد لهذا العام بالنسبة له زادت أكثر من 25 في المئة، موضحا أنه امتنع عن شراء بعض احتياجات العيد المهمة والاكتفاء بالأساسية، نظرا لضعف قدرته الشرائية.
أسباب الارتفاع
وعن الأسباب التي تقف خلف ارتفاع أسعار ملابس العيد، أوضح تاجر الملابس؛ جملة وتجزئة، محمد الشرفا، أن هناك العديد من الأسباب منها؛ ارتفاع سعر الدولار مقابل الشيكل (دولار=3.65 شيكل)، وأيضا انخفاض سعر الليرة التركية مقابل الدولار، ما تسبب في ارتفاع أسعار الملابس داخل تركيا.
وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أنه "من بين الأسباب، تفشي جائحة كورونا في الفترة الماضية، وهذا أثر على صناعة الملابس في الصين التي لم تنتج كما كان سابقا، حيث أنها أنهت إجراءات الوباء مع نهاية العام الماضي، وعليه لم تتوفر بضائع من الصين".
ونوه الشرفا إلى أن "أسعار البضائع الجيدة تأتي من الصين، أما الأسعار في تركيا فهي مرتفعة، ورغم ذلك أجبرنا على توفير البضائع من تركيا رغم ارتفاع ثمنها على أرضها".
ومن بين الأسباب، "الإجراءات الحكومية في غزة من أجل دعم المنتج الوطني فيما يخص إنتاج بنطلون الجينز، حيث قامت بفرض رسوم 10 شيكل على منتجات الجينز المستورد، مما تسبب بمشكلة كبيرة في سوق مفتوح، وهذه الرسوم التي وصلت لنحو 25 في المئة زيادة على سعر البنطلون، تسببت بمخاوف للتجار من استيراد بنطلون الجينز، في حين ارتفعت أسعار المنتج المحلي لهذا الصنف، مع عدم قدرة المصانع الوطنية على تغطية حاجة السوق المحلي".
وحول موقف وزارة الاقتصاد بغزة من ارتفاع الأسعار وحالة التذمر الشعبي منها، أوضح مدير عام حماية المستهلك، محمد الأستاذ، أن "طواقم الوزارة تتابع بشكل مستمر الأسواق خاصة في هذه الأيام، بعد الشكاوى التي صدرت من المواطنين وتذمرهم من ارتفاع الأسعار"، منوها إلى أن "قانون حماية المستهلك، يوجب إشهار أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك الملابس".
وأفاد في حديثه لـ"عربي21"، أنه "تم تحرير أكثر من 100 مخالفة لعدم الإعلان عن الأسعار، التي في حال الإعلان عنها تخلف حالة من التنافس بين التجار"، منوها إلى أنه "في حال اتضح لدينا أن بعض المحلات ترفع من أسعار السلع لديها ومحلات أخرى لديها أسعار مختلفة لذات السلعة، يتم تحرير محضر ضبط للمحلات المخالفة فيما يخص رفع الأسعار واستغلال المواطنين".
وعن فرض ضريبة بقيمة 10 شيكل على بنطلون الجينز كأحد أسباب رفع أسعار الملابس وفق حديث عدد من التجار لـ"عربي21"، أكد الأستاذ، أن "هذا القرار لم يفعل حتى الآن، لأن الاتفاق يقضي بأن تفرض هذه القيمة بعد استيراد 600 ألف قطعة، وإلى الآن إجمالي ما تم استيراده لم يتجاوز الـ 300 ألف، كي نفعل فرض هذه الضريبة، وهذا يكشف أنه لا يوجد أي مبرر لرفع أسعار تلك السلعة".
ويعاني القطاع المحاصر، من تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والمعيشية جراء حصار الاحتلال المتواصل والمشدد، والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع، ما تسبب في تفاقم الفقر والبطالة واستمرار مشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي تزيد من معاناة مختلف الفئات.
ومما ساهم في زيادة معاناة سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2 مليون نسمة، الحروب الإسرائيلية المتعددة ضد القطاع، تفشي وباء كورونا، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى إجراءات مواجهة الوباء التي تسببت بتوقف العديد من القطاعات الاقتصادية، التي تعاني أصلا من الحصار والدمار.